فرصة جديدة لمخالفي قانون الصرف
بن الشيخ مدير مكتب الصرف بالنيابة أكد أن المصرحين بالممتلكات يستفيدون من ضمانة كتمان الهوية

أفاد إدريس بن الشيخ، مدير مكتب الصرف بالنيابة، أن عدد التصريحات المسجلة حتى الآن، في إطار عملية التسوية التلقائية للممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، يعادل ما تم تسجيله، في الفترة ذاتها، خلال عملية التسوية السابقة، مشيرا إلى أن الإقبال على التصريح يعرف ارتفاعا ملحوظا في الربع الأخير من السنة مع الاقتراب من نهاية الأجل المحدد.
وأوضح أن إحداث آلية لتسوية أوضاع الأشخاص الذين يوجدون في وضعية مخالفة لقوانين الصرف نهج معمول به في عدد من البلدان، لتمكين الأشخاص المعنيين من الامتثال للقواعد المعمول بها. في ما يلي نص الحوار:
أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي (تصوير: عبد المجيد بزيوات)
يشرف مكتب الصرف على عملية التسوية التلقائية للأشخاص في وضعية مخالفة لقانون الصرف، ما هي الحصيلة المرحلية المسجلة حتى الآن؟
> تطبيقا لمقتضيات المادة 8 من قانون المالية 2024، تم إطلاق عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج المملوكة بصفة نهائية قبل فاتح يناير 2023 بشكل مخالف للقوانين المنظمة للصرف والتشريع الجبائي.
وتهم هذه العملية الأشخاص الذاتيين من جنسية مغربية المتوفرين على إقامة ضريبية بالمغرب والأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون المغربي المتوفرين على مقر اجتماعي أو موطن ضريبي بالمغرب والذين اكتسبوا ممتلكات وأموالا في الخارج بشكل مخالف للقوانين المنظمة للصرف والتشريع الجبائي، كما تهم هذه التسوية الأشخاص الذاتيين المغاربة المقيمين بالمغرب الذين يحملون جنسية أجنبية.
أما بخصوص الحصيلة المرحلية المسجلة حتى الآن، فإن عدد التصريحات التي تم إيداعها لدى المؤسسات البنكية يقارب ذلك المسجل، في الفترة نفسها، خلال عملية التسوية التلقائية السابقة التي تم إقرارها في 2020.
وبشكل عام، وكما بينته التجربتان السابقتان، فإن الإقبال على التصريح يعرف ارتفاعا ملحوظا في الربع الأخير من السنة مع الاقتراب من نهاية الأجل المحدد.
وتظل المعلومات التي تصل إلينا من القطاع البنكي مطمئنة وتدعو إلى التفاؤل، كما أن هاته الأصداء تعكس تجاوب وتفاعل الأشخاص المعنيين مع هذا الإجراء وتعبر عن وعيهم الكبير بأهمية هذه العملية.
ماهي المساطر التي يتعين اتباعها للراغبين في التصريح بممتلكاتهم؟
> يتعين على الأشخاص المعنيين، للاستفادة من العملية، إيداع إقرار مكتوب لدى بنك مغربي، وفق مطبوع نموذجي يبين طبيعة الممتلكات بالخارج مرفوقا، حسب نوع الموجودات، بوثائق الإثبات اللازمة وأداء المساهمة الإبرائية.
وتقرر تحديد قيمة المساهمة الإبرائية للأشخاص الذين لم يسبق لهم الاستفادة من عمليات المساهمة الإبرائية أو التسوية التلقائية السابقة، في 10 في المائة من قيمة شراء الممتلكات العقارية و10 في المائة من قيمة اكتتاب أو شراء الأصول المالية.
أما بخصوص الودائع المالية فقد تم تحديد نسبة المساهمة الإبرائية في 5 في المائة من مبلغ الموجودات النقدية بالعملة المرجعة إلى المغرب والمودعة في حسابات بالعملة الأجنبية أو بالدرهم القابل للتحويل وفي 2 في المائة من مبلغ السيولة بالعملة الأجنبية والمباعة في سوق الصرف مقابل الدرهم.
أما بالنسبة للأشخاص الذين سبق لهم الاستفادة من عمليات المساهمة الإبرائية أو التسوية التلقائية السابقة فإن قيمة المساهمة تعادل 15 في المائة من قيمة شراء الممتلكات و15 في المائة من قيمة اكتتاب أو شراء الأصول المالية.
وتحدد نسبة المساهمة الإبرائية في 7.5 في المائة من مبلغ الموجودات النقدية بالعملة المرجعة إلى المغرب والمودعة في حسابات بالعملة الأجنبية أو بالدرهم القابل للتحويل، وفي 3 في المائة من مبلغ السيولة بالعملة الأجنبية والمباعة في سوق الصرف مقابل الدرهم.
كما يتعين على الأشخاص المعنيين جلب السيولة بالعملات الأجنبية وكذا الدخول والحاصلات الناتجة عن هذه السيولة، ويتوجب عليهم، أيضا، بيع نسبة لا تقل عن 25 في المائة من هذه السيولة في سوق الصرف المغربي.
التصريح وأداء المساهمة الإبرائية
ما هي الضمانات التي تقدمها هذه العملية للمخالفين لقوانين الصرف؟
> عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات الممتلكة في الخارج، والتي تتم في سرية تامة بين المعني بالأمر والمؤسسة البنكية التي يتعامل معها، تمنح للأشخاص المعنيين مدة سنة تبتدئ من فاتح يناير 2024 إلى غاية 31 دجنبر من السنة نفسها للقيام بالتصريح وأداء المساهمة الإبرائية برسم هذه الممتلكات بالخارج. ويحصل المستفيدون بحكم القانون على ضمانة كتمان الهوية تشمل مجموع العمليات المنجزة برسم هذه المساهمة.
وتجدر الاشارة إلى أن البنوك ملزمة بكتمان هوية المصرح، حيث أن البنك لا يرسل معلومات عن هوية المصرح، بل يقوم فقط بإرسال نسخة إلكترونية من بيان إعلام الدفع المنجز، يتضمن رقم التصريح والمبالغ المحولة للمغرب وقيمة الموجودات في الخارج، وكذا نسبة ومبلغ المساهمة الابرائية.
بعد أداء المساهمة الإبرائية، لا يمكن أن تجرى أي ملاحقة إدارية أو قضائية برسم المقتضيات التنظيمية للصرف، أو برسم التشريع الجبائي ضد المصرح، الذي يعفى كذلك من دفع الغرامات المرتبطة بمخالفات الصرف وبالضريبة على الدخل وكذا الضريبة على الشركات.
دعم الحماية الاجتماعية
تعد عملية التسوية الحالية الثالثة من نوعها، ما هي الدواعي التي دفعت إلى إقرارها؟
> إحداث آلية لتسوية أوضاع الأشخاص الذاتيين والاعتباريين، الذين اكتسبوا ممتلكات وأموالا في الخارج بصفة غير قانونية هو نهج تستخدمه العديد من الدول لتمكين الأشخاص المعنيين من الامتثال للقواعد المعمول بها. وقد اختارت بعض الدول تحديد فترة تسوية متعددة السنوات، بينما اختار البعض الآخر اتباع نهج سنوي.
إحداث عملية التسوية التلقائية الجديدة برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، يمنح فرصة جديدة للأشخاص الذين أخلوا بالتزاماتهم تجاه تشريع الصرف والتشريع الضريبي وتسوية وضعيتهم.
بالإضافة إلى ذلك، وتماشيا مع التوجه الحالي للمملكة، الذي يهدف بالأساس إلى إرساء دعائم الدولة الاجتماعية، فقد تم تخصيص الأموال التي سيتم تحصيلها من خلال هذه العملية لصندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، ومن شأن ذلك أن يساعد في تمويل الاوراش الاجتماعية، الهادفة إلى تحسين الحماية الاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية.
إمكانية فتح حسابات بالخارج
هل يمكن للمصرحين الاحتفاظ بممتلكاتهم بالخارج بعد التصريح بها؟
> أصدر مكتب الصرف نهاية 2023 دوريتين لتوضيح آليات تفعيل عملية التسوية التلقائية وتحديد كيفيات تسيير الحسابات البنكية والممتلكات المملوكة، في إطار تسوية الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، وتم منح تسهيلات مهمة لعمليات الصرف بالنسبة إلى المصرحين.
وفي هذا الإطار، يمكن للمصرحين فتح حساب بالعملة الأجنبية، أو بالدرهم القابل للتحويل لدى البنوك المغربية وإيداع ما يعادل 75 في المائة من الودائع النقدية التي تم إرجاعها، وبيع 25 في المائة المتبقية في سوق الصرف المغربي.
ويمكن لهذه الحسابات أن تسجل في دائنيتها الدخول والحاصلات من تفويت أو تصفية الأملاك العقارية والأصول المالية المصرح بها، وكذا الدخول والحاصلات من تفويت أو تصفية الأملاك العقارية والأصول المالية بواسطة الحسابات المسموح بها في هذا الإطار.
كما يمكن استخدام المبالغ المودعة فيها للقيام باستثمارات في الخارج على شكل شراء أملاك عقارية أو أدوات مالية، وكذا أداء مصاريف تسيير الأملاك العقارية والأصول المالية المملوكة، في إطار تسوية الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج.
ويستفيد المصرحون، أيضا، من إمكانية فتح حسابات أو الاحتفاظ بتلك المفتوحة منها بالخارج، من أجل تسيير الأصول المالية والأملاك العقارية التي تم التصريح بها.
إضافة إلى ذلك، بإمكان المصرحين أداء مصاريف التسيير واستحقاقات القروض المرتبطة بالعقارات المصرح بها. كما أن الممتلكات والموجودات المملوكة في إطار هذه العملية، يمكن أن تنقل عن طريق الإرث أو الهبة لفائدة الأصول والفروع من الدرجة الأولى ولفائدة أزواج المصرحين.
ويحق للمصرحين، كذلك، التصرف بحرية في ممتلكاتهم المملوكة بالخارج، في إطار تسوية الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج.
استعادة الثقة وتعزيز ديناميكية الاقتصاد
ما هي حصيلة العمليتين السابقتين والرهانات المعقودة على العملية الثالثة؟
> حققت المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، التي تم إقرارها سنة 2014 نجاحا منقطع النظير، إذ بلغت حصيلة هذه العملية ما قيمته 27.85 مليار درهم، وهو رقم قياسي فاق التوقعات الأولية التي كانت تراهن على 5 ملايير درهم. وشمل هذا المبلغ 8.5 ملايير درهم من السيولة المالية، و9.5 ملايير درهم من الأصول العقارية، و9.8 ملايير درهم من الأصول المالية. ومكنت عملية المساهمة الإبرائية من جمع مبلغ يناهز مليارين و300 مليون درهم، تم إيداعها في صندوق التماسك الاجتماعي.
أما بخصوص عملية التسوية التلقائية 2020، فبالرغم من الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة «كوفيد 19»، فإن حصيلة هذه العملية فاقت التوقعات والأهداف المحددة مسبقا. حيث بلغ مجموع المبالغ المصرح بها ما يقارب 6 ملايير درهم (5.93 ملايير در هم) وتأتي الأصول المالية على رأس ما تم التصريح به بما قيمته 2.74 مليار درهم، أي بنسبة 46 في المائة ، فيما بلغت قيمة الممتلكات العقارية المصرح بها 1.93 مليار درهم، بنسبة 33 في المائة، أما الموجودات النقدية فكان نصيبها 1.26 مليار درهم بنسبة 21 في المائة .
وبلغت حصيلة عملية التسوية التلقائية ما مجموعه 528.6 مليون درهم، تم استخلاصها لصالح الخزينة.
وعلى غرار العمليتين السابقتين، تهدف عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج 2024 بالدرجة الأولى إلى تمكين الأشخاص المعنيين من تسوية وضعيتهم تجاه قوانين الصرف والتشريع الضريبي، وكذا استعادة الثقة وتعزيز دينامية الاقتصاد الوطني.
في سطور
– حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد
– عين في 31 دجنبر 2004 مفتشا بمكتب الصرف
– شغل في ماي 2011 منصب ملحق بالمديرية مكلف بالافتحاص الداخلي
– عين في أكتوبر 2012 رئيسا لدائرة الافتحاص ومراقبة التدبير
– شغل في 2015 منصب مدير مكتب الصرف بالنيابة
– عين في 15 يوليوز 2016 كاتبا عاما لمكتب الصرف وهو المنصب الذي يشغله إلى اليوم
– عين في 22 أبريل 2024 مديرا لمكتب الصرف بالنيابة
– عضو ممثل لمكتب الصرف في مجلس إدارة الهيأة الوطنية للمعلومات المالية
– عضو في اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويله
– عضو في اللجنة الفنية للترشيح المشترك للمغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030
– من الفاعلين الرئيسيين في عملية المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج التي تم إحداثها خلال 2014
– شارك في ندوات وموائد مستديرة بالمغرب والخارج حول موضوع تشجيع الاستثمارات الخارجية وقابلية تحويل الدرهم المغربي وتحرير قانون الصرف وأدوات التغطية ضد مخاطر المالية المرتبطة بالمعاملات التجارية والمالية الدولية