رواية تعالج الهجرة ومشاكل اقتصادية واجتماعية وحياة الطلبة صدرت ضمن منشورات دار "العائدون للنشر والتوزيع" بعمان الأردنية، رواية "بين قافين" لمبدعها المغربي محسن نموس عالج فيها أحداثا من بداية تسعينيات القرن الماضي إلى الآن، تتوزع بين مدن فاس ومكناس وباريس، وفي 3 فصول تتخلل بداية كل فصل، هواجس للراوي ونوازعه حبكت بطريقة إبداعية جميلة. وقال نموس إن روايته ولوحة غلافها للفنانة التشكيلية الجزائرية حمداوي شهيناز، تعالج موضوعي الهجرة نحو أوربا وصعوبة الاندماج وحلم العودة المعلقة لأرض الوطن، كما الوضعية الاجتماعية والاقتصادية الهشة التي ظلت فئة العساكر والجنود المغاربة من ذوي الرتب الدنيا وعائلاتهم، ترزح تحت وطأتها لعقود طويلة. ولا يقتصر الأمر على هذين الموضوعين الرئيسيين، بل تتطرق لمواضيع أخرى داخل متنها، منها الجهل والشعوذة والفقر والحب وانتهاك حرمة المقابر والحياة الطلابية بجامعة ظهر المهراز والذاكرة الجماعية والاندماج في بيئة المهجر من خلال شخصيات عاشت بين أسوار كلياتها من طلبة، أو في محيطها كما العساكر والجنود. وأوضح نموس أن أحداث روايته الأولى "بين قافين" اختصار لمكانين بمدينة فاس، هما قلعة ظهر المهراز، وقنطرة الليدو القريبة من الجامعة، مشيرا إلى ما يحكيه الراوي العائد إلى بلدته المتواضعة المتاخمة لمدينة فاس، ووصوله إلى باحة مطار شارل ديغول، بعدما التهمت ألسنة اللهب أبراج كنيسة نوتردام. وعلى عتبات السبعين يعود الرجل ليعيش ما تبقى من عمره وحيدا بعدما رفضت زوجته الفرنسية وأبناؤه مرافقته للمغرب، مفضلين تفاصيل حياتهم هناك، لتنطلق حلقات مسلسل مشوق لحياته منذ وطأت قدماه مطار سايس قبل أن ينصاع وراء رغبته الدفينة وصوت أعماقه الغائرة لاسترجاع ذكرياته بجامعة ظهر المهراز. مباشرة بعد دخوله فاس يتوجه الرجل رأسا صوب حصن ذكرياته بعدما قطع مسافة الكيلومتر الفاصل بين القافين الحاضنين لفضاء الرواية، وهما القنطرة والقلعة، فبمجرد وصوله للقاف الأولى القنطرة ينشئ شريط ذكريات يمير سريعا أمام ناظريه ليقضي نصف ساعة زمن الرواية وكأنها دهر من الزمن. خلالها أعاد شريط صور الحي رفقة أصدقائه الطلبة والجنود، خاصة ميمون ابن العسكري سمسار الغرف الذي نما وترعرع بحي العسكر الصفيحي، الذي تحده الجامعة العريقة شرقا وواد الكتب غربا والمقبرة المسيحية شمالا والثكنات العسكرية جنوبا، هناك استحضر حياة ميمون وحيث اتهمته زوجة أبيه باغتصابها قبل أن يموت. وتشكل حياة هشام الطالب الشغوف بالعلم والمعرفة والتجريب والمتخم بالمعاناة، نقطة محورية في الرواية مستحضرا كيف غرقت مكتبته يوم فيضان الواد، وتحوله في نهايتها مشعوذا يمتهن الرقية الشرعية ويستدرج ضحاياه إلى ممارسة الجنس وتصويرهم وابتزازهم. قبل أن يسقط في أيدي الأمن بعد تسريب أحد فيديوهاته الجنسية. حميد الأبيض (فاس)