فارق كبير بين أسعار الجملة والتقسيط تصل نسبته إلى 100 % والمهنيون يرجعون ذلك إلى كثرة المتدخلين كان الكثير من المغاربة يعقدون الآمال على أن تساهم التساقطات المطرية التي عرفها المغرب، خلال الأسابيع الأخيرة، في تراجع أسعار الخضر والفواكه، خاصة تلك المرتبط نضجها بفصل الشتاء، لكن واقع الحال يشير إلى أن الأسعار بدل أن تتراجع التهبت وسجلت ارتفاعا غير مسبوق. ويرجع بعض تجار الجملة، الذين التقت بهم "الصباح" خلال جولتها بسوق الجملة في نهاية الأسبوع الأخير، أن التساقطات المطرية وموجة البرد (الجريحة) أثرت بشكل كبير على المنتوجات، في حين يرجع البعض الآخر السبب إلى كثرة المتدخلين في السوق الذين يضاربون بأسعار الخضر والفواكه من أجل تحقيق أرباح في وقت وجيز. والمثير للتساؤل أن هناك عرضا وافرا بسوق الجملة بالبيضاء مقابل طلب محدود، لكن الأسعار تعاند كل قوانين السوق بهذا المرفأ الذي يعد أكبر بورصة للخضر والفواكه بالمغرب. ارتفعت أسعار الخضر إلى مستويات قياسية خلال تداولات السبت الماضي بسوق الجملة بالبيضاء، وعاينت "الصباح" امتعاض وسخط التجار، الذين تساءلوا كيف سيتمكنون من تسويق هذه المنتوجات بالتقسيط، إذا كانت أسعار الجملة ملتهبة. ووصل سعر الطماطم بالجملة إلى حوالي 7 دراهم للكيلوغرام، والبطاطس بيعت بسعر يتراوح بين درهمين و 3 دراهم للكيلوغرام، حسب نوعية المنتوج، ووصل سعر الجزر إلى 4.5 دراهم للكيلوغرام، وبيع الفلفل الأخضر بسعر في حدود 5 دراهم، والقرع ناهز سعره 6 دراهم للكيلوغرام، وتراوح سعر البصل بين درهمين و 3 دراهم. وقفز سعر اللوبيا الخضراء إلى 11 درهما للكيلوغرام، وسوقت الجلبانة بسعر في حدود 12 درهما، وبيع الباذنجان بسعر 8 دراهم للكيلوغرام، كما وصل سعر الخيار إلى 5 دراهم.وتصل هذه الخضر إلى المستهلك النهائي بأسعار أعلى بكثير من سعر الجملة، إذ تصبح مثل كرة الثلج، التي كلما تدحرجت أكثر زاد حجمها. ولاحظت "الصباح" أن الأسعار ترتفع ما بين البيع بالجملة والتقسيم بنسب تتجاوز 100 %، إذ أن سعر الطماطم بالتقسيط لا يقل عن 10 دراهم للكيلوغرام، في حين أن سعر اللوبيا يتجاوز 20 درهما للكيلوغرام، في حين أن سعرها بالجملة لا يتعدى 11 درهما، ويسوق الجزر بسعر 7 دراهم للكيلوغرام، وبالسعر ذاته يسوق الفلفل الأخضر، في حين أن سعر البطاطس يتراوح بين 4 و 6 دراهم حسب الأسواق.وأوضح حسن فريد الإدريسي، رئيس الجمعية المغربية للتجارة والخدمات بسوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء، في تصريح لـ"الصباح"، أن سوق الجملة بالبيضاء يعرف وفرة في العرض من الخضر والفواكه، مؤكدا أن العرض يتجاوز الطلب في سوق الفواكه، إذ هناك بعض أنواع الفواكه مثل "لافوكا"، التي لم يتمكن التجار من تصريفها لغياب الطلب. وأرجع الإدريسي الارتفاع في الأسعار إلى الظروف المناخية غير المواتية، خاصة بالنسبة إلى بعض الخضر، مثل الطماطم التي تأثرت بموجة البرد (الجريحة) التي أثرت على المحصول. كما ربط رئيس الجمعية المغربية للتجارة والخدمات بسوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء، الارتفاع الملحوظ في أسعار الخضر إلى كثرة المتدخلين وضعف التنظيم، إذ هناك العديد من المتدخلين في قنوات التسويق التي تجعل هوامش الربح تتراكم، ما ينعكس على السعر النهائي للخضر والفواكه، ويجعل المستهلك المتضرر الأول، الذي يتحمل كل هذه الهوامش. الوكلاءيتوفر كل مربع على وكيلين يهتمان بضبط المربع والتنسيق بين التجار وإدارة السوق، سألنا إن كان الوكلاء موظفين عموميين فكان الجواب عن سؤالنا بالنفي، بعدها أدركنا أن الوكلاء هم بعض أبناء رجالات المقاومة وجيش التحرير، وأنهم يشتغلون مقابل نسبة تستخلص تماما كما تستخلص جباية الجماعة الحضرية عند الدخول. ويتلقى هؤلاء عمولات من طرف التجار والفلاحين الذين يعرضون منتوجاتهم بالمساحات المخصصة لهم تصل إلى 1 في المائة من حجم المبيعات، ما يشكل مصدر ريع لهذه الفئات يدر عليهم عائدات مالية هامة ويصل عددهم إلى حوالي 40 مستفيدا من هذه التراخيص. الرسوم والسومة الكرائيةتؤدى الواجبات الجبائية وفق الأسعار المعلقة بمدخل السوق، بعد وزن حمولة الشاحنة والتأكد من طبيعة الفاكهة أو الخضر التي تحملها، يتم حساب الناتج ما بين الوزن وسعر البضاعة، أي رقم المعاملات المفترض أن تحققه كل شاحنة، على هذا الأساس تحتسب 6 بالمائة واجبات جبائية بالنسبة إلى كل التجار، 1 بالمائة منها إضافية بالنسبة إلى أصحاب المربعات حيث تخصص تعويضا أو أجرا للوكلاء.يسهر الوكيل على القيام بكل الإجراءات الإدارية اللازمة ما بين إدارة السوق والتجار، فهو المكلف باستقبال التجار داخل المربعات، والاحتفاظ ببيانات دخولهم إلى السوق، توضح طبيعة سلعهم و قدر الواجبات الجبائية اللازم دفعها، بعد عملية البيع أو بالموازاة مع ذلك، يتكلف الوكيل باستخلاص مبلغ الجباية من التاجر إضافة إلى أجره المحدد في 1 بالمائة كما أسلفنا، عند الانتهاء من هذه المهمة يتكلف الوكيل بنقل المبالغ إلى الإدارة حيث ينهي الإجراءات ويعيد البطاقات الرمادية الخاصة بالشاحنات إلى أصحابها.ما يقوم به الوكيل بالنسبة إلى التجار داخل المربعات يقوم به عون إداري وفق أجر يتلقاه من الإدارة بالنسبة إلى المحلات التجارية الرسمية، التي تتراوح سومتها الكرائية بين 4800 درهم بالنسبة إلى المحلات الكبرى مقابل 2500 درهم بالنسبة إلى المتوسطة و 1870 درهما بالنسبة إلى الصغرى. البيع المتكرر بالجملة أكد أحد الحمالة الموجودين بسوق الجملة للخضر والفواكه بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، أن مابين 600 إلى 900 شاحنة تفد على السوق يوميا لتفريغ حمولاتها من الخضر والفواكه، قادمة من مختلف المناطق الفلاحية، وهو يدري ما يقول، لأن هذه الفئة هي التي تتكفل بإفراغ حمولات الشاحنات. هذا التجمع التجاري يشبه خلية نحل، يخيل لزائره أنه داخل متاهات يصعب تتبع مسالكها ورصد كافة المتدخلين فيها، ويعتبر من ناحية مساحته وكميات الخضر والفواكه المتداولة يوميا في ساحاته ومحلاته أكبر تجمع تجاري في المغرب. وتخضع الحمولات التي تفرغ بالسوق للعديد عمليات الشراء وإعادة البيع، إذ هناك مجموعة من تجار الجملة الذين يقتنون هذه الخضر من الشاحنات القادمة من مختلف المحلات التجارية، ويعيدون بيعها إلى تجار آخرين، ليعيدوا بدورهم بيعها بنصف الجملة، قبل أن تصل إلى أصحاب المحلات التجارية الذين ينقلونها إلى محلاتهم من أجل بيعها إلى المستهلك النهائي. وهكذا يرتفع السعر بشكل ملحوظ بين البائع بالجملة والتقسيط.وكانت الحكومة السابقة وعدت بإصلاحات هيكلية تهم أسواق الجملة وحلقات توزيع وتسويق المنتوجات الاستهلاكية بهدف تقليص الكلفة التي تصل بها هذه المنتوجات إلى المستهلك النهائي، من خلال إلغاء أو تقليص بعض الرسوم المفروضة على البضائع التي تفد على أسواق الجملة، وكذا تأهيل حلقات التوزيع وعصرنته من خلال التقليص من عدد المتدخلين. لكن لم يتخط هذا المشروع مرحلة النوايا. ومن بين الإشكالات الكبيرة التي تعانيها أسواق الجملة كثرة المتدخلين، إذ أن البضاعة تمر عبر عدد من المتدخلين، قبل أن تصل إلى المستهلك النهائي، ما يجعل الفرق شاسعا بين سعر الجملة وسعر التقسيط. وتبنت الحكومة الحالية المشروع الإصلاحي، لكن ما يزال المهنيون ينتظرون أن تنزل الإصلاحات على أرض الواقع، ما سينعكس إيجابا على المستهلك النهائي. ميزان متصل بالنظام المعلوماتي قبل أن تلج الشاحنات المحملة بالخضر والفواكه بمختلف أنواعها إلى السوق يتعين على أصحابها الإدلاء للإدارة بنوع المنتوج الذي يحملونه، وبعد ذلك تتوجه الشاحنة إلى ميزان كبير متصل بالنظام المعلوماتي لإدارة المجمع التجاري لتحديد الكميات المنقولة والقيام على أساس ذلك بحساب المقابل المالي الذي يتعين على صاحب المنتوج دفعه ليتمكن من عرض بضاعته في مرافق السوق المخصصة لذلك، ما يجعل هذا المرفق مصدرا مهما للموارد المالية بالنسبة إلى مجلس الدار البيضاء. عبد الواحد كنفاوي