نــزلة بــرد “قـاتـلـة”!

شاهد جزائري على مغربية الصحراء 4 تحدثت مذكراته عن توتر العلاقة بينه وبين قيادات العسكر لدرجة القطيعة في بعض الأحيان نسرد في هذه السلسلة من الحلقات، كواليس اعتراف الرئيس الجزائري هواري بومدين، بمغربية الصحراء، علنا ورسميا، وكيف كان هذا الاعتراف التاريخي سببا في محاربته من قبل «الكابرانات» إلى وفاته الغامضة في 1978، والتي قيل إنها كانت بسبب نزلة برد ! كواليس تحدث عنها بومدين وكتاب جزائريون في مذكرات، منع تسويقها وبيعها في الجزائر، بسبب تضمنها لمواقف الرئيس التاريخي للجزائر، بخصوص مغربية الصحراء، وكيف واجه العسكر في مقرهم بالأمر، ودعاهم إلى الاهتمام بشؤون البلد السيئة، عوض معاكسة وحدة ترابية لبلد جار ... ليكون مصيره المعروف واقعا حتميا بالنسبة إليه. ياسين قطيب من أجل إزالة اللبس عن وفاته الغامضة، أبلغ أطباء شخصوا وضعية بومدين الصحية قبل وفاته، أن الأمر يتعلق بنزلة برد حادة، قتلته في ظرف 40 يوما فقط، وهو ما فاجأ عائلته، وفي مقدمتها زوجته أنيسة. في ملتقى وطني حول بومدين، سئلت زوجته عن سبب وفاته، بل عادت الأسئلة المحيرة لتطرح مجددا، وأحرج النظام الجزائري، فلم تجد أنيسة مخرجا، سوى الإجابة بما قاله لها الأطباء، الذين كانوا يتابعون وضعية الرئيس الجزائري الراحل في تلك الحقبة. وبنبرة حزينة ومليئة بالأسى، قالت أنيسة إن التشخيص الذي قام به الأطباء، كشف وفاة زوجها بسبب نزلة برد ! بل وقالت إنه لم تنفع معها علاج، ووافته المنية في 40 يوما فقط ! اعترفت أنيسة أن وفاته صدمت الجميع، قبل أن تعرج على حياته السياسية، مضيفة «كنت أرى الراحل في عيون الشباب الذي منح له الفرصة، كنت أراه في الجيش. كنت أرى الحزن في الشوارع ومختلف المدن. بومدين سيبقى حاضرا في القلوب. كما كان بومدين رجل المحرومين والمساكين...». وأضافت أنيسة، «كان يتحمل كل شيء دون أن يشتكي. بومدين لا يهمه الجانب المالي الذي كان آخر همه. كان بسيطا. يتحدث عن كيفية حماية الأسعار وحماية القدرة الشرائية. كان يحب الحديث مع الفلاحين. كان رجلا وفيا، ويحب الارتجال في خطاباته»، في إشارة منها إلى أنه كان يهتم بالشؤون الداخلية للبلاد، أكثر من أي شيء آخر. وتابعت أنيسة، «لقد كانت الثورة التحريرية ثورة شرسة استمرت لثماني سنوات. الثروات التي تم اكتشافها من بترول وغاز جعلت فرنسا أول بلد أوربي يمتلك المحروقات»، وزادت في وصفها قائلة، « كان يريد بناء دولة قوية مبنية على التنمية. كان شجاعا عندما قرر تأميم المحروقات، البلدان المنتجة للنفط كانت تخاف من الإقدام على هذه الخطوة. أظهر المرحوم شجاعته السياسية. لم يكن يخاف من العواقب». أطماع "الكابرانات" في الصحراء لم تتطرق أنيسة خلال خطابها هذا، للغط والجدل اللذين رافقا وفاته، ولا للمشاكل التي عاناها بومدين في نهاية مسيرته مع قيادات العسكر بسبب موقفه من الصحراء. تحدثت مذكراته عن أسباب عديدة حول توتر العلاقة بينه وبين قيادات العسكر، لدرجة القطيعة في بعض الأحيان، لكنها شددت على أن قضية الصحراء كانت أولاها، بحكم أن «الكابرانات» كانت لهم أطماع في الصحراء، وهو التوجه الذي عارضه بومدين، والذي كان يرى أن الجزائر لا تملك المال والقدرة العسكرية ولا السلاح ولا القيادات السياسية المناسبة، للدخول في صراع مع بلدين جارين، في إشارة إلى المغرب وموريتانيا، أكد التاريخ أنهما يملكان الحق في الصحراء، بما لا يدع مجالا للشك، خاصة بعد التوصية التاريخية لمحكمة العدل الدولية في 1975، والتي أنصفت مغربية الصحراء، وأثبتت علاقة سكانها تاريخيا بالمغرب وتشبثهم بالعرش العلوي منذ قرون. كل ذلك لم يكن مقنعا لحكام الجزائر وكانوا يرغبون في الدوس على كل ذلك، مقابل معارضة الوحدة الترابية للمغرب، وإثارة الفوضى والاضطرابات في قلب موريتانيا، لهذا السبب كان لهم يد في الهجوم على العاصمة الموريتانية مرتين، بعد اتفاق نواكشوط مع المغرب.

نــزلة بــرد “قـاتـلـة”!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"كان عزيز عليا نبان"

خطيب المسجد الأقصى: مبادرات الملك الداعمة للفلسطينيين تؤكد صدق التعاطف المغربي مع فلسطين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات