جدوي: الضمانات ممارسة وليست سياسة

المحامي بهيأة البيضاء قال إن فقد الأمن المهني للقاضي يصبح معه الأمن القانوني للمتقاضي معدوما قال أشرف منصور جدوي، المحامي بهيأة البيضاء، إن موضوع الاعتقال الاحتياطي من أكثر المواضيع، التي حظيت باهتمام وزارة العدل ووزراء العدل آنذاك، ومن بعدهم رئاسة النيابة، حيث تبقى المناشير الصادرة شاهدة على ذلك، ورغم العدد الكبير لتلك المناشير الرامية إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي، فإن الأخير ما زال يأبى ويتمنع أن يرشد، بل إن حتى قانون المسطرة الجنائية جاء بتدابير بديلة للاعتقال الاحتياطي، إلا أن الواقع يشهد بغير ذلك حيث تقريبا نصف سكان السجون معتقلون احتياطيون، الشيء الذي يطرح معه السؤال لماذا؟. واعتبر جدوي أن الأزمة مردها إلى شخوص وليس إلى نصوص، فالنصوص في واد والممارسة في واد آخر، وهو ما يطرح معه التساؤل هل فعلا القاعدة القانونية – قانون المسطرة الجنائية- هل هي فعلا قاعدة اجتماعية نابعة من هذا المجتمع وشرعت لأجله، أم أنها تتعلق بمجتمع غير المجتمع الذي أريد لها أن تطبق فيه، مشيرا إلى أنه وقع التنصيص في قانون المسطرة الجنائية على عنصر يعتمد عليه لتقرير المتابعة في حالة سراح أو في حالة اعتقال – مع عناصر أخرى – وهو عنصر توافر أو عدم توافر ضمانات الحضور، ولئن كان المشرع لم يعرف ماهية ضمانات الحضور، فإن الممارسة القضائية، سواء من قبل بعض قضاة النيابة العامة أو بعض قضاة التحقيق، تجعل من عنصر ضمانات الحضور مفهوما عصيا على التعريف وغير مطواع في التكييف، فمثلا ما يتم تقديره بالنيابة العامة بالبيضاء على أنها ضمانة أو ضمانات للحضور يُقدر بنيابة عامة أخرى أنها ليست بضمانة للحضور، بل وربما داخل المحكمة نفسها وتبعا لجرائم قد تكون متماثلة تتقرر في واحدة متابعة في حالة اعتقال وتتقرر في أخرى متابعة في حالة سراح، وهو ما قد يصيب مفهوم الأمن القانوني والأمن القضائي في مقتل وهو ما قد تتزلزل معه مفاهيم دستورية، وقد تتعطل معه نصوص الدستور مثل الفصل 117 منه، الذي أناط بالقاضي حماية الأمن القضائي للأشخاص وتطبيق القانون. وأكد المحامي بهيأة البيضاء أن الإيمان ببدائل الاعتقال الاحتياطي وإعمال ضمانات الحضور، هي ممارسة وليست سياسة، سواء كانت سياسة تشريعية أو سياسة في الممارسة، فمثلا قرينة البراءة مبدأ كوني مجمع عليه، و جاء هذا المبدأ في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، أي أنه يجب معاملة كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة ما على أنه مازال بريئا، ولعل أعظم تجل من تجليات تلك المعاملة، هو ألا تسلب حريته وهو مازال بريئا، بحسب الأصل واستحضار مبدأ البراءة، التي هي الأصل ينبغي معه عدم اللجوء إلى الاعتقال، إلا إذا أصبح المقرر القضائي القاضي بعقوبة سالبة للحرية باتا لا تعقيب فيه، بيد أن الواقع أبان عن محكومين بأحكام نهائية خارج السجون ومعتقلين احتياطيين ، وهم مازالوا أبرياء داخل السجون، مضيفا في الوقت نفسه إلى أن معضلة أخرى قد تكون تسللت إلى بعض من الممارسة، هي أن المتابعة في حالة اعتقال أصبحت وكأنها عنوان على النزاهة و كأنها صك براءة قاضي النيابة العامة أو قاضي التحقيق، اللذين اتخذا قرارا بالاعتقال و"كأن لساني حاليهما يقول إني بريء من أي شبهة إذ لو كان هناك لما تقررت المتابعة في حالة اعتقال". ولم يفت جدوي الإشارة إلى نقطة مهمة في المعادلة التي تتعلق بالأمن المهني للقاضي، والتي يؤدي تحصينها إلى أن يرخي بظلاله على إعمال ضمانات الحضور واستحضار بدائل للاعتقال لحظة تقرير المتابعة، فقد يتخذ القاضي قرارا بالمتابعة في حالة سراح وقد يخرج من لم يعجبه ذلك القرار ببث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي مغلطا الرأي العام، ويحظى تبعا لذلك بتعاطف من المتصفحين، ويجد القاضي نفسه في فوهة مدفع ويتعين عليه الإجابة عن استفسارات أو رفع تقارير، مبررا صحة القرار الذي اتخذه، فإذا بات الأمن المهني للقاضي مفقودا، فإن الأمن القانوني للمتقاضي بات معدوما. كريمة مصلي

جدوي: الضمانات ممارسة وليست سياسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضمانات الحضور... سوء الفهم الكبير

30 سنة لقاتل نديمه بطنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات