احتلال الملك العمومي وإنشاء أسواق وسط الطريق وعرقلة السير وسلطات البيضاء خارج التغطية "دير بحال جارك ولا حول باب دارك"، حكمة مغربية يبدو أن القائمين على شؤون مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء لم تستوعبوا معناها الحقيقي، بعدما أن قرروا الاستسلام لواقع الفوضى الذي فرضته لوبيات احتلال الملك العمومي، الذين يتكونون من باعة جائلين وأصحاب مقاه ومطاعم ومحلات تجارية يعتبرون أنفسهم غير معنيين بتطبيق القانون مادام يقف ضد مصالحهم الضيقة، وهو ما اختارت "الصباح" توثيقه بالصور التي تبقى أبلغ من أي تعليق حتى تصل الرسالة إلى من يهمهم الأمر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. إنجاز : محمد بها في الوقت الذي انخرطت فيه عدد من المقاطعات والعمالات في جهود إعادة تهيئة العاصمة الاقتصادية، بعد تسلم الوالي محمد مهيدية مفاتيح الإشراف على شؤون جهة البيضاء سطات، وانشراح البيضاويين بقدوم مسؤول معروف بصرامته في تطبيق القانون والاشتغال من الميدان، فإن مقاطعة الحي الحسني مازالت تترنح في مكانها، بين مستنقع فوضى العيش المشترك والموقف المتصلب لأصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية والباعة الجائلين الذين يرفضون المقاربة الجديدة مفضلين تطبيق شعار "أنا ومن بعدي الطوفان". ورغم جهود عدد من رجال السلطة بعدد من الملحقات الإدارية التابعة لمقاطعة الحي الحسني في القطع مع مخلفات الماضي، بتنظيم حملات يومية لتنقية الفضاء العام من المحتلين وإلزام أصحاب المحلات التجارية والمقاهي باحترام القانون، إلا أن الفوضى مازالت تكتسح عددا من الأحياء والشوارع، سواء بالألفة أو الحي الحسني المركز أو بليساسفة التي يمكن وصفها بما خفي أعظم. "قيسارية" وسط الطريق من المشاهد الطريفة التي تجعل المرء يبكي ويضحك في الوقت نفسه، تلك التي تتمثل في إقامة مركز تجاري عشوائي وسط الطريق العام بشارع أفغانستان بالحي الحسني، في واضحة النهار دون أن تتدخل السلطات المعنية لتطبيق القانون. وكشفت مصادر مطلعة في حديث مع "الصباح"، أن إنشاء مراكز وأسواق تجارية فوق الملك العام، يأتي بعد أن استطاب الباعة الجائلون المقام وخلفهم مافيا الاغتناء التي تتحكم في عاطلين وتتاجر بمعاناتهم باستغلالهم، سواء في عملية البيع بمنحها "راس المال" أو فتوات يجمعون إتاوات من باعة مستضعفين، إضافة إلى امرأة تحتمي بنافذين لكراء الملك العمومي ب50 درهما و100 درهم يوميا. وبالحديث عما يجري بليساسفة 2 يكفي رجال السلطة، القيام بجولة فجائية لمعاينة كيف تحولت فيها الأزقة إلى سوق و"قيسارية" تجعل المارة يسيرون بحذر في ممر ضيق لتفادي الإصابة بأسلاك وأخشاب بنايات عشوائية. مدرسة محاطة بسوق من المفارقات العجيبة التي تؤكد أن التسيب بتراب عمالة الحي الحسني بلغ مداه، وجود مدرسة وسط سوق عشوائي لأصحاب الملابس المستعملة "حوايج البال"، الذين بلغت بهم الجرأة لمجاورة المؤسسة التعليمية وحجب الرؤية عن الراغب في الوصول إليها. ويعيش تلاميذ المؤسسة التعليمية المتمركزة بشارع أفغانستان مسلسلا يوميا عنوانه "الحاضي الله" بفعل وجود تلك المدرسة وسط فضاء تجاري عشوائي يتجمع فيه عدد من المنحرفين، وهو ما يشكل مناسبة لإغرائهم بتلقي دروس في "البلية" والفساد، أو تعرضهم لتحرشات جنسية أو اعتداءات من أجل السرقة. قانون الغاب مكنت زيارة "الصباح"، لعدد من المناطق من الوقوف على مشاهد تؤكد أحاديث الشارع التي تتحدث عن نفوذ بعض أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية وعدد من الباعة الجائلين الذين يمارسون تجارتهم وسط محلات قصديرية وسط الشارع، ومساهمة ذلك في حمايتها من هدم جرافات السلطات المحلية بعمالة الحي الحسني. ومن خلال جولة "الصباح" بشارع أفغانستان بالحي الحسني وأحياء الفردوس و50 والألفة القديمة، تبين أن هناك بعض المحلات التجارية والباعة الجائلين مازالوا ينعمون بالاستثناء من حملة تحرير الملك العمومي، بعد أن عادوا بقوة إلى ممارسة أنشطتهم التي تمس بحقوق الآخرين وتؤكد أن هناك فئة لا تؤمن بضوابط العيش المشترك. تعميم الحملة باستثناء عدد من الأحياء (الحاج فاتح، الزبير وحي السلام بالألفة والوئام وشارع ابن سينا وغيرها من الأحياء التابعة للحي الحسني)، فإن وقائع استمرار مسلسل فوضى الترامي على الملك العمومي في وسط الحي الحسني وليساسفة وغيرها من الأحياء، أكدت بالدليل أن هناك من يعتبر أن هذه الحملات لم تكن سوى وسيلة لذر الرماد في عيون المحتجين والمستائين من تفشي ظاهرة احتلال الملك العام، التي أضحت نقطة سوداء في المنطقة. ومن أجل تنقية الحي الحسني، طالب السكان بضرورة تعميم الحملة حتى تشمل كافة المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية بجميع مناطق المقاطعة، عوض منطق "عين ميكة" الذي يمكن أن يثير قلاقل في صفوف المنتمين إلى الميدان.