الأمراض المزمنة… عذاب وآلام

مواعيد بشهور وأدوية مغيبة وبيروقراطية تزيد من المعاناة وضع الفصل 31 من الدستور ضمن أولويات الحقوق التي يجب على مؤسسات الدولة العمل على توفيرها للمواطنين الحق في العلاج، إذ أشار إلى أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، هذا النص الدستوري يقابل بواقع يكشف تردي خدمات الصحة في المغرب، خاصة في المستشفيات العمومية، التي هي ملاذ أغلب المواطنين. الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة ويتلقون العلاج في مستشفيات عمومية يواجهون عذابا مزدوجا بسبب البيروقراطية التي يتم التعامل معهم بها، رغم أنه في حالات عدة تكون وضعيتهم لا تسمح بتلك الإجراءات الإدارية، لأن الأصل هو العلاج، غير أن هذه القاعدة تكون مغيبة ما يزيد من معاناة المرضى، تنضاف إليها مواعيد العلاج المتباعدة، إذ يضطر المريض إلى انتظار أشهر لإجراء فحص أو تحاليل معينة، وقد تتأزم وضعيته بسبب الانتظار، لكن الجواب الجاهز دائما هو قلة الموارد البشرية والإمكانات والطاقة الاستيعابية. هذا النوع من التعامل لا يسري على جميع المرضى، بل إن فئة محظوظة من المرضى، تحظى بمعاملة تفضيلية على غيرها، وهو ما أكدته مريضة تعاني من داء السرطان وتتطلب مراقبة مستمرة لحالتها، لكن تلك المراقبة غالبا ما تتأخر عن موعدها بسبب بعض الإجراءات البسيطة، والأخطاء التي لا علاقة لها بها، إذ تؤكد أنه بعد انتظار لأزيد من ستة أشهر حضرت إلى المستشفى لإجراء فحص دوري ومعرفة تطور المرض، فوجئت بأنه لا يمكنها الاستفادة من حصص العلاج، على اعتبار أنها لم تجر كشفا بواسطة المنظار، رغم أنه لم يتم إخبارها في الكشف السابق بإجرائه وأن الوثائق التي منحوها لم تشر إليه، وحاولت شرح الأمر لكن لا أحد حاول تفهم حالتها، واضطرت إلى الخروج من المستشفى وانتظار أشهر أخرى لإجراء فحص وكان بالإمكان تفادي هذا التأخير الجديد بجرة قلم لكن البيروقراطية حاضرة. المؤلم بالنسبة إليها أن امرأة كانت بجانبها تنطبق عليها الحالة نفسها تمكنت من الحصول على حصتها في العلاج، وكان يفترض أن تعامل بالمعالة نفسها. وضعية تلك المرأة ليست الوحيدة مع المعاناة في مواجهة المستشفيات العمومية، خاصة بالنسبة للحالات الحرجة والأمراض المزمنة والتي ازدادت وتيرتها مع نظام الحماية الاجتماعية الذي عوض العمل ب"راميد"، إذ وجد عدد لا يستهان به من المرضى أنفسهم ممنوعين من العلاج بالمجان كما كان لهم في السابق بعلة ارتفاع المؤشر، وما زاد الطين بلة بالنسبة إليهم هو المبالغ المالية التي فرضت عليهم، للاستفادة من العلاج في ظل نظام التغطية الصحية الإجباري، ولا يتم تعويضهم بالشكل الكافي وحتى أن بعض الأدوية والفحوصات لا يتم التعويض عنها، وهي حالة طفل يعاني مرضا مزمنا يتطلب علاجه مصاريف لا تستطيع عائلته توفيرها له، ورغم أنه كان يستفيد في السابق من "راميد" إلا أنه بعد تفعيل نظام التغطية الصحية الإجبارية لم يعد بإمكانه ذلك، وينتظر الإعانات من بعض المتعاطفين مع حالته، وهي أمور ثانوية لا يمكن الاعتماد عليها في العلاج الذي يفترض أن توفره له الدولة على قدم المساواة مع باقي المواطنين. الأوضاع داخل المستشفيات العمومية في المغرب تكاد تكون متشابهة بشأن تردي الخدمات المقدمة للمرضى، والتي يرجعها البعض إلى قلة الموارد البشرية وغياب الآلات في العديد منها وكثرة الوافدين على المستشفيات، وهي تبريرات لا يمكن أن تنزع الحق في العلاج المكفول دستوريا. كريمة مصلي

الأمراض المزمنة… عذاب وآلام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مشاريـع القـرب... متنفـس السكـان

استغلال نفوذ بفزاعة العشوائي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات