قطاع الصحة … لطفي: فضائح ترهق المواطن

رغم الإصلاحات التي عرفها قطاع الصحة في المغرب، ما يزال الفساد أحد العوائق الكبرى أمام تحسين جودة الخدمات الصحية، سواء في القطاع العام أو الخاص. وقال علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، في حوار مع "الصباح" إنه رغم إدماج ملايين المواطنين ضمن نظام التغطية الصحية، مايزال المواطن يصطدم يوميا بمظاهر ابتزاز وفساد، بدءا من "الرشوة مقابل الخدمة"، مرورا بتلاعبات في الصفقات والمشتريات، وصولا إلى غياب الأطر وسوء توزيع الموارد. في ما يلي نص الحوار: أجرت الحوار: إيمان رضيف كيف تقيمون واقع الفساد في قطاع الصحة اليوم؟ > يعد الفساد في المغرب من التحديات الكبرى التي تؤثر على العديد من القطاعات العمومية من بينها قطاع الصحة، كما تشير تقارير عدد من المؤسسات الوطنية والدولية، مثل منظمة الشفافية الدولية وهيأة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. ورغم أن الفساد بالمنظومة الصحية الوطنية ما يزال قائما، و في القطاعين العام والخاص، فإن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا نسبيا في بعض مظاهره، خاصة بعد تفعيل نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الذي أصبح شرطا للحصول على الخدمات داخل المستشفيات العمومية، إلى جانب أنظمة “أمو تضامن” و”أمو الشامل”، أو الأداء المباشر للمرضى الذين لا يتوفرون على تغطية صحية. وقد أشارت هيأة النزاهة والوقاية من الرشوة المغربية إلى وجود تحسن في محاربة الفساد، رغم أن القطاع الصحي ما يزال معرضا لممارسات غير شفافة. ولا يقتصر الفساد على القطاع الصحي العام فحسب، بل يشمل أيضا القطاع الصحي الخاص، بما فيه المصحات والقطاع الصيدلي والدوائي. من بين الممارسات المسجلة بيع الأدوية المجانية في السوق السوداء، أو طلب "مبالغ غير رسمية" (ما يعرف بـ"النوار") من المرضى مقابل خدمات مغطاة بالتأمين، أو دفع شيك على سبيل الضمان أو تزوير خدمات طبية وجراحية لم يستفذ منها المرضى للحصول على تعويضات صناديق التأمين الصحي وغير ذلك ما هي أكثر مظاهر الفساد التي تلمسونها في الميدان؟ > تتجلى أبرز مظاهر الفساد في قطاع الصحة في الفضائح التي تنشرها الصحافة الوطنية أو تتعلق بمتابعات قضائية خاصة الفساد في الصفقات العمومية، والتلاعب في مناقصات شراء المعدات الطبية والأدوية، أو توريد معدات بأسعار مبالغ فيها أو بمواصفات غير مطابقة أو تحويل الأدوية والمستلزمات الطبية من بعض المستشفيات إلى المصحات الخاصة أو بيعها بشكل غير قانوني، أو في حالات كثيرة طلب مبالغ مالية غير رسمية لتسريع المواعيد الطبية أو إجراء العمليات الجراحية أو تلقي رشاو داخل بعض المستشفيات والمصحات الخاصة من أجل خدمات “متميزة” أو محاباة. فضلا عن سوء توزيع الموارد بين المؤسسات الصحية والمستشفيات لحسابات سياسية وانتخابات، ما يؤدي إلى نقص في بعض المناطق وتكدس في أخرى. والتعيين في مناصب المسؤولية خارج معايير الكفاءة والنزاهة إلى أي مدى يمارس الابتزاز على المرضى وأسرهم مقابل خدمات يفترض أن تكون مجانية؟ > منذ دخول نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وأنظمة "أمو تضامن" و"أمو الشامل" حيز التنفيذ، لم تعد الخدمات مجانية بشكل مطلق، باستثناء الرعاية الصحية الأولية في المستوصفات والمراكز الصحية. ومع ذلك، ما تزال هناك ممارسات ابتزازية تطول بعض المرضى، المصابين بأمراض مزمنة، إذ يطلب منهم دفع "مبالغ غير رسمية" للحصول على خدمات أو تسريع مواعيد، ما يثقل كاهل الفئات الهشة والفقيرة. كيف تتفاعل الإدارة مع هذه الشكايات؟ > من الصعب محاربة الفساد والقضاء على بعض التجاوزات في التعامل مع المرضى. فرغم أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، خصصت رقما أخضر لتلقي الشكايات، إلا أن التفاعل مع هذه الشكايات يظل متباينا. ففي بعض الحالات، تفتح تحقيقات جادة وتتم محاسبة المتورطين، خصوصا إذا كان هناك ضغط إعلامي أو مجتمعي. وفي حالات أخرى، يتم التستر أو معالجة الشكايات بشكل شكلي، مما يضعف ثقة المواطنين ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب. رغم الميزانية المخصصة للقطاع، لماذا لا ينعكس ذلك على جودة الخدمات؟ > في الواقع، الميزانية المخصصة لقطاع الصحة ما تزال ضعيفة، إذ لا تتجاوز 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو رقم أقل من المعدلات الموصى بها دوليا، من قبل منظمة الصحة العالمية. فالمستشفيات العمومية تعاني اليوم نقصا حادا في الأدوية والتجهيزات الطبية، وهناك خصاص كبير في الأطباء والممرضين والقابلات، ونتيجة لذلك يجبر المواطن على شراء الأدوية والمستلزمات الطبية من ماله الخاص أو التوجه للقطاع الخاص. بعض المواطنين يشتكون من تعرضهم للابتزاز من قبل رجال الأمن الخاص داخل المستشفيات، ما تعليقكم؟ > هذه الظاهرة موجودة ومقلقة، خصوصا في أقسام المستعجلات، وأبواب المستشفيات، حيث يسجل تحكم مفرط من بعض حراس الأمن في الدخول والخروج، وحتى في أحقية الولوج للخدمات. وبعضهم تحول إلى سماسرة يبتزون المرضى والأسر. هذا سلوك مرفوض ومدان، ويتطلب تدخلا إداريا صارما، من خلال مراقبة سلوك حراس الأمن ومحاسبة كل من يثبت تورطه في ممارسات الابتزاز أو استغلال المرضى. ما وضعية المؤسسات الصحية في العالم القروي؟ > الوضع في العالم القروي أكثر هشاشة، ويعاني مشاكل عميقة، من بينها ضعف البنية التحتية وبعد المسافة عن المستشفيات الكبرى، ما يزيد من معاناة السكان وغياب الأطباء ونقص الأطر الصحية (ممرضين، قابلات…). ونقص حاد في الأدوية واشتغال بعض المستوصفات فقط في أيام الأسواق أو بشكل جزئي. ويمر الفساد غالبا دون رقابة أو توثيق نظرا لبعد المناطق وصعوبة التتبع، فضلا عن ضعف وهشاشة السكان الذين غالبا ما يلجؤون للطب الشعبي. في نظركم، ما هي الإجراءات المستعجلة التي يجب اتخاذها لمحاربة الفساد في القطاع؟ > محاربة الفساد تتطلب إرادة سياسية صادقة وإصلاحا جذريا، يشمل تمويلا كافيا للمستشفيات العمومية، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية والتجهيزات والموارد البشرية، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، بناء على معايير الكفاءة والنزاهة والأخلاق المهنية وتعزيز الرقابة والتدقيق المالي والإداري للمستشفيات. من المهم أيضا ضمان الشفافية في تدبير الميزانيات والصفقات واعتماد الرقمنة والرقابة الإلكترونية في تدبير الصفقات والمشتريات ومراجعة الترسانة القانونية لمحاربة الفساد وتطبيق العقوبات الرادعة، وتبسيط المساطر الإدارية للحد من ممارسات الرشوة. في سطور -رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة - إطار بوزارة الصحة العمومية - خريج مدرسة الأطر الصحية والمدرسة الوطنية للإدارة الصحية - أستاذ سابق بمدرسة الأطر الصحية بالرباط - حاصل على شهادة الماستر في الإدارة الصحية - رئيس جمعية وطنية للهجرة واللجوء - كاتب عام المنظمة الديمقراطية للشغل - قيادي مؤسس للحزب الاشتراكي، رفقة المرحوم الدكتور عبد المجيد بوزوبع. - عضو المكتب السياسي السابق للأصالة والمعاصرة 2016 - عضو شرفي بالاتحاد الدولي لموظفي الخدمات بالولايات المتحدة الأمريكية SEIU

قطاع الصحة … لطفي: فضائح ترهق المواطن

لطفي قال إنه من الصعب محاربة الفساد والقضاء على تجاوزات في التعامل مع المرضى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سميث بزي مغربي في السويسي

اللويسي... إنجازان تاريخيان واستقالة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات