مشاريـع القـرب… متنفـس السكـان

أوكلت مهمة إنجازها والإشراف عليها للمقاطعات ونالت إشادة المواطنين والصيانة أكبر العراقيل بعد تفعيل نظام وحدة المدينة، تنافست مجالس المقاطعات بالبيضاء على تنزيل مشاريع القرب، وخصصت لها ميزانيات مهمة، إذ لا تخلو مقاطعة بيضاوية من عدد مهم من ملاعب القرب وحدائق وانخراطها في تبليط الأحياء والأزقة. صحيح أن هذه المبادرات لقيت استحسانا كبيرا من لدن المواطنين، لكن مع مرور السنين بدأت تظهر هفوات، سيما على مستوى الصيانة. إعداد: مصطفى لطفي حققت مشاريع القرب قفزة نوعية للبيضاء، فالأحياء استعادت بريقها وجماليتها بعد عمليات تبليط، كما انتشرت ملاعب القرب كالفطر وحظيت بإقبال كبير من جميع الفئات العمرية، كما استعادت الحدائق الصغرى مكانتها وصارت قبلة يومية للسكان، لكن هذه المنجزات تبقى رهينة بأعمال الصيانة. التجربة الفريدة توصف ملاعب القرب بأنها تجربة مغربية فريدة، إذ في ظرف قياسي تنافست جميع مقاطعات البيضاء على بنائها وتخصيصها بعشب اصطناعي من النوع الجيد. كانت النتائج مبهرة، إذ حظيت بإقبال كبير، سيما من قبل الشباب، بعد الزحف الإسمنتي على فضاءات شهيرة كانت تحتضن أسبوعيا دوريات الأحياء في كرة القدم، كما فتحت ملاعب القرب الباب أمام تأسيس جمعيات رياضية، نافست أندية كبرى في تكوين اللاعبين. لكن حماس ملاعب القرب، سيخفت مع فتح أبوابها في وجه العموم، إذ بعد أن شدد المسؤولون على أنها ستعرض خدماتها بالمجان، كانت أولى الصدمات، أن مسؤولي المقاطعات فوتوها لجمعيات أغلبها تابعة لهم، للإشراف عليها، ففرضت أسعارا مثيرة للجدل، سيما بالأحياء الشعبية والفقيرة. تقبل الجميع على مضض الواقع الجديد، وأذعن المواطنون لشروط وأسعار الجمعيات مقابل لعب مباراة لمدة ساعة واحدة، إلا أنه بعد سنوات من التجربة، صارت أغلب ملاعب القرب بالبيضاء خارج الخدمة، بعد أن أتلفت مرافقها وعشبها الاصطناعي، وأغلقت أبوابها في انتظار الصيانة، وهنا سيثار جدل كبير بين مسيري الجمعيات ومسؤولي المقاطعات، حول الجهة المسؤولة عن أعمال الصيانة، فالجمعيات، ترى أن اختصاصها في ملاعب القرب لا يخرج عن دور الإشراف وتمكين المواطنين من الاستفادة منها وفق نظام، وأن أمور الصيانة تبقى على عاتق المقاطعات بحكم أنها تتسلم سنويا ميزانية خاصة لها الغرض. في حين يرى مسؤولو المقاطعات أن الجمعيات تحصل على مداخيل مالية مهمة من المواطنين تصل في مناطق إلى 300 درهم للساعة الواحدة، وبالتالي تلك الأرباح يجب أن تخصص لأعمال الصيانة لا أن تحتفظ بها لنفسها. وفي خضم هذا الجدل والاتهامات المتبادلة بالتقصير، قررت بعض المقاطعات سحب سلطة تسيير ملاعب القرب من الجمعيات، وأعلنت عن مجانية هذه الخدمة، لكن هذه المبادرة لقيت عراقيل عديدة، إذ وجدت نفسها مجبرة على تكليف موظفين على الأقل وحارس للإشراف على أمور ملاعب القرب، كما أن إعلان المجانية، تسبب في فوضى داخل المقاطعات، بسبب الإنزال الكبير للمواطنين من أجل الحجز. وحتى لا نضع البيض كله في سلة واحدة، نجحت عدد من ملاعب القرب في الحفاظ على جاذبيتها وجودتها، رغم إشراف جمعيات عليها، ودون تدخل من المقاطعات، لكن بخطوة اعتبرت غير قانونية، إذ يوضح مستشار جماعي، رفض الكشف عن اسمه، لـ"الصباح"، أن بعض الجمعيات فوتت ملاعب القرب لشركات خاصة، وأنه رغم ما يشوب هذه العملية من نقاش حول قانونيتها، إلا أن نتائجها كانت متميزة وفريدة. حلم البيضاويين ظلت الفضاءات الخضراء حلم البيضاويين الكبير، بعد أن تحولت العاصمة الاقتصادية إلى قلاع إسمنتية زحفت على الأخضر واليابس. تنبه مسؤولو المقاطعات في الفترة الأخيرة إلى هذا المعطى، وسارعوا إلى ترميم حدائق طالها النسيان وتشييد أخرى بعدد من الأحياء على عقارات جماعية أو تابعة للأملاك المخزنية. شكلت هذه الحدائق متنفسا للعديد من الأسر البيضاوية، التي كانت تضطر لقطع مسافات طويلة صوب الحدائق التاريخية الكبرى بالبيضاء، سيما أن الحدائق الجديدة زينت بجميع أنواع الزهور والورود والأشجار، كما اجتهد مسؤولون في تخصيصها بألعاب أطفال، فصارت قبلة للجميع عصر كل يوم وإلى حدود غروب الشمس. إلا أن هذه التجربة المتميزة كتب لها الفشل في بعض المناطق البيضاوية، إذ أعدمت بعض الفضاءات الخضراء، خصوصا داخل الأحياء، إذ ما يمكن معاينته مجرد بقايا حدائق فقدت غطائها النباتي المتنوع، وتحولت إلى أرض جرداء، كأنها تعرضت لقصف صاروخي، ساهم فيها غياب أعمال الصيانة، سيما أن المقاطعات تستفيد سنويا من ميزانية مهمة مخصصة لصيانة فضاءاتها الخضراء. ما زاد الطين بلة، تعمد وضع حاويات أزبال بجوار الحدائق، والنتيجة كارثة بيئية، بسواعد الباحثين عن القمامة "البوعارة"، الذين بعد أخذ حاجتهم من النفايات، يغادرون المكان دون إعادة أزبال ومتلاشيات تعمدوا وضعها على الأرض خلال بحثهم في الحاويات، فتحولت جنبات الحدائق إلى مطرح للنفايات في مشهد يثير اشمئزاز المواطنين. نقطة ضوء في السابق، كانت أغلب الأزقة البيضاوية في حالة يرثى لها، حفر وممرات مهترئة، لم تشهد الصيانة منذ سنوات، إلا أنه في الفترة الأخيرة، عرفت المدينة نهضة لتجديد طرق الأزقة والأحياء، بتنسيق بين جماعة البيضاء ومجالس المقاطعات. مبادرة لقيت استحسان الجميع، وأعادت لهذه الأحياء بريقها ورونقها السابق، بل صارت العملية محط تنافس بين جميع المقاطعات، إذ بمجرد أن تشرع إحداها في تبليط حي أو منطقة، تحذو مقاطعة أخرى حذوها. ولتفادي انتقادات طالت عملية تبليط الأحياء والأزقة، على أساس أنها حلول ترقيعية لا غير، بحكم أنها تشمل أحياء دون أخرى بنفوذ المقاطعات، والقطع مع أي اتهامات باستغلال هذه الأشغال لأهداف سياسية أو انتخابية، تم تبني نظام المداومة السنوية بين الأحياء، إذ بحكم أن ميزانية التبليط محدودة، وتتم الاستعانة بجماعة البيضاء، تقرر كل سنة أن يستفيد كل حيين كبيرين في السنة من عملية التبليط، وهي التجربة التي أثبتت نجاعتها ونجاحها بمنطقة البرنوصي.

مشاريـع القـرب… متنفـس السكـان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"تبزنيس" بعلم المسؤولين

الأمراض المزمنة... عذاب وآلام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات