الحي الشهير بالبيضاء يتخلص من إرث الماضي وينتظر مشروع ربط أحد شوارعه بالطريق السيار كُتب على سكان الحي المحمدي بالبيضاء التأقلم مع الحصار، الذي ضرب على المنطقة، حتى أصبحت زيارتها تثير الغضب، بسبب صعوبة المرور بالشوارع المختنقة وضيقها، رغم أن المدار الحضري "لوطوروت" حد مؤقتا من الحصار. تشير وثائق رسمية إلى أن منطقة الحي المحمدي تحدها شمالا وشرقا عين السبع، وغربا الصخور السوداء وجنوبا سيدي مومن، في حين تبلغ مساحتها حوالي 4.2 كيلومترات مربعة، أي 2 في المائة من المساحة الإجمالية للبيضاء. وحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن ﻋﺪد ﺴﻜﺎن مقاطعة الحي المحمدي يقدرون ب 138315 نسمة، أي ما يمثل 4 في المائة من سكان البيضاء، في حين يشكل عدد الإناث ارتفاعا طفيفا، مقارنة مع عدد الذكور، حيث يبلغ عددهن 70720 ما يمثل 51.13 في المائة، من سكان المقاطعة، مقابل 48.87 في المائة للذكور، الذين يبلغ عددهم 67595 ﻧﺴﻤﺔ. وتؤكد الإحصائيات نفسها أنه رغم هذه الكثافة السكانية للمقاطعة في رقعة جغرافية صغيرة، مقارنة مع باقي مقاطعات البيضاء، إلا أن المنطقة ظلت، عبر عقود، مهمشة، بعدما ضُرب حصار عليها ، فالوصول إليها يتم، إما عن طريق أحد أطول شوارع البيضاء "الحزام الكبير"، الذي يمر من جنوب المقاطعة، انطلاقا من الصخور السوداء إلى عين السبع، ما يجعل حركة المرور به شبه مستحيلة، فهو الشريان الوحيد الذي يربط بين المقاطعة وضواحيها، ناهيك عن شارع آخر بدرب مولاي الشريف، الذي ينتهي في ملعب العربي الزاولي، وشارع "علي يعتة"، الذي يتجه إلى منطقة "الباطوار"، الذي "التهمه" "الطرامواي"، فأصبح المرور منه شبه مستحيل. حصار المنطقة نجح الحصار في أفول شهرة الحي المحمدي، رغم أنه ظل يزخر بالمواهب في جل مجالات الإبداع، إذ أن أغلب شبابه أصبحوا تائهين بسبب "قطع صلاتهم" بباقي أحياء المدينة، علما أن إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، تشير إلى أن ما يقارب 21.78 في المائة من سكان المقاطعة تبلغ أعمارهم أقل من 15 سنة، مقابل 23.55 في المائة على مستوى البيضاء. أما الفئة النشيطة والقادرة على العمل (بين 15 سنة و59 سنة)، فتمثل 66.65 في المائة من سكان المقاطعة. دفع الحي المحمدي ضريبة التقسيم الإداري، منذ قرار تقسيم البيضاء إلى خمس عمالات، وبعدها الإقرار بنظام وحدة المدينة، وهو ما أثر كثيرا على النشاط الاقتصادي والثقافي للمنطقة، خاصة مع توالي مجالس منتخبة لم تستطع إخراج الحي المحمدي من عنق زجاجة الإهمال. ويرى عدد من سكان الحي المحمدي أن المنطقة ظلت مهمشة، طيلة عقود، بدليل أنها أصبحت تعاني "شيخوخة" عمرانية وسكانية مبكرة، فيكفي أن المنطقة، التي كان يعول عليها لإحداث قفزة كبيرة مازالت تنتظر بعض القرارات الحاسمة، لإعادة نبض الحياة إليها، وأبرزها إحداث بنيات تحتية مهمة، وفتح المجال أمام بعض المشاريع، أهمها حدائق "كاريان سانطرال"، ووفاء الحكومة بوعودها في إحداث فضاءات للترفيه وحدائق ومساحات خضراء ومنتزهات ومتاحف لحفظ ذاكرة الحي المحمدي، بعد مصادقة مجلس المدينة، في عهد العمدة الأسبق محمد ساجد، على اتفاقية استرجاع أملاك الجماعة الحضرية، المخصصة لمشروع الحسن الثاني، بعد القضاء على دور الصفيح بـ"كريان سنطرال"، وتجهيز فضاءات ومنتزهات لسكان المنطقة، وجعل المنطقة تذكارا يحافظ على الهوية والحمولة التاريخية، التي عرف بها هذا الحي في البيضاء. شارع الفوارات... أول الغيث قطرة طالما اعتبر سكان الحي المحمدي شارع الفوارات، الذي يقع في جنوب المقاطعة، شارعا "غامضا"، إذ ينطلق من مقبرة الشهداء بمقاطعة الصخور السوداء، ثم ينتهي عند حدود إعدادية حمان الفطواكي بمقاطعة الحي المحمدي، وفي الوقت الذي يواصل الشارع الموازي له "الحزام الكبير"، امتداده إلى عين السبع ومقاطعات أخرى، فإن "الفوارات" يجد نفسه أمام بناية إحدى الشركات، التي تحول دون جعله شارعا رئيسيا. يتميز شارع "الفوارات" عن غيره، بأنه فسيح، وشهد طفرة في المجال العمراني بتشييد عمارات حديثة على جنباته، إضافة إلى مطاعم ومقاه ومحلات تجارية تستقطب أنشطة اقتصادية مهمة، لكن ما يعيق "ازدهار" المنطقة صعوبة الوصول إلى الشارع، رغم أنه لا تفصله عن المدار الحضري، أو ما يعرف ب"أوطوروت" إلا أمتار قليلة. وأخيرا، صادق مجلس مدينة البيضاء على قرار نزع ملكية الشركة التي تقف دون امتداد "الفوارات"، في أفق وصوله إلى "الطريق السيار"، ما يجعل المنطقة الجنوبية بالحي المحمدي تتنفس الصعداء، إذ سيمكنها ذلك من فك الحصار عن الحي الشهير، إضافة إلى استقطاب أنشطة اقتصادية وتجارية جديدة ستساهم في "عودة الروح" إلى المنطقة، في انتظار مشاريع أخرى تجعل الحي المحمدي منارة للثقافة. خالد العطاوي