الوصلات الإشهارية للقروض… فخاخ على الطريق

توجد وراء الإقبال الكثيف على قروض الاستهلاك آلية رهيبة من الخطابات والرسائل الإشهارية التي تستحضر، بدقة متناهية، الدوافع الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي تقذف عددا من الفئات الاجتماعية، يعيون مغمضة، إلى حبال مؤسسات الاقتراض والرضوخ إلى شروطها "التفضيلية" وبريق الامتيازات والتسهيلات التي تقدمها في الأداء ودفع الأقساط، الذي يبدأ عادة من مبالغ لا تتجاوز 250 درهما في الشهر.وقبل أن تدق نواقيس المناسبات الدينية والاجتماعية تكون مؤسسات الاقتراض هيأت كل الظروف لزرع عدد من الفخاخ الإشهارية واللوحات والمنشورات الدعائية التي تقدم العروض الجديدة كأنها هبة من السماء، أو مبالغ تعطى كي تسترجع بعد سنة أو سنتين أو حتى خمس سنوات، دون فوائد ولا هم يحزنون.ومن الصيغ المتداولة في عدد من الوصلات الإشهارية إشاعتها نوعا من الخطاب الذي يوهم المقترضين بـ0 فوائد، ويكتب هذا الرقم بالبنط العريض وألوان فاقعة في اللوحات الكبيرة التي تؤثث الشوارع الكبرى في أغلب المدن المغربية، بينما تجري الإشارة إلى الشروط بخط صغير يكتب عادة عموديا في جانب اللوحة، ما يعتبر استخداما سيئا للإعلان حسب مقتضيات ظهير 15 أكتوبر 1984 المتعلق بزجـر الغش في البضائع.إضافة إلى ذلك، تعمد بعض المؤسسات إلى وضع تصورات و"أفكار" لهذه الوصلات الإشهارية تمتح من الموروث الشعبي وبعض أحكام القيمة المنتشرة لدى الفئات المستهدفة (أحكام عن المرأة والدين والتقاليد والأعياد....)، ومن ذلك توظيف الأغاني الشعبية التي حققت انتشارا واسعا في لحظة زمنية معينة، بغض النظر عن مضمون هذا الانتشار، كما تستغل بعض الشخصيات المعروفة التي تستحوذ على نسبة معينة من الإعجاب في الأوساط نفسها. هناك أيضا بعض الشركات التي توظف أصوات الحيوانات وتلجأ إلى "أنسنتها"، كما تفعل مع كبش العيد الذي ترسمه في شكل كائن آدمي يدعو المواطنين إلى شرائه، ويتوسل إليهم من أجل ذبحه، بل هناك أكباش "تتحزم" وترقص في عدد من الوصلات الإشهارية فرحة بقدوم العيد.وبالبديهة وكثير من الخبرة، تعرف مؤسسات الاقتراض الرغبات الدفينة للفئات المستهدفة وتسعى إلى تلبيتها ووضع إطار إغراءات من أجلها، ومن ذلك أن عددا من المواطنين لم يعد يهمهم مبلغ القرض وفوائده وشروطه، بل يهمهم أكثر أن يتسلموا القرض في حينه، دون تأخير أو "طلوع ونزول" ووجع رأس، خصوصا مع التوالي السريع للمناسبات التي لا تترك لعدد منهم استرجاع الأنفاس.ويتفق الكثيرون، منذ البداية، أن الإشهار هو إبداع فكري، يعتمد على أسس علمية للتأثير على المستهلك من أجل تحقيق غاية اقتصادية وهي تصـريف المنتجات وزيادة الأربـاح وذلك من خلال استعمال مختلف الوسائل الإعلامية مقابل أجر مدفوع، ذلك إذا ما استخدم استخداما حسنا يحقق فوائد ووظائف جوهرية، أما إذا استخدم بشكل سيء فإنه يؤدي إلى نتائج غير مرضية تتجلى في تضليل المستهلك وتمزيق حبل الموازنة التسويقية.ومن وجهة نظر الفقه المغربي، يعتبر الإشهار بمثابة «شكل من أشكال الإيجاب في عقود الإذعان الموجه للعموم»، وعرفه البعض بأنه «جهد غير مباشر عن طريق إحدى وسائل الاتصال العامة بمقابل، لعرض وترويج الأفكار، أو السلع، أو الخدمات ويفصح فيها عن الشخص المعـلن».وتحدد مؤسسات الاقتراض بدقة الدوافع الاجتماعية والنفسية والاقتصادية للأفراد المستهدفين. وفي هذا الإطار يقول باحثون في علم الاجتماع إن «نمط ومتطلبات العيش القائم اليوم تجعل الفرد مجبرا في تدبيره لشؤون حياته على الاقتراض للاستجابة لحاجاته، ليس الثانوية فقط، بل الأساسية أيضا من مأكل ومسكن وزواج وتعليم..»، مؤكدين أن هذه الضرورة هي التي تفسر تنامي الاقتراض حتى في أوساط أفراد يتجاوزون الأساسي إلى الثانوي، أو ما يسمى في علم الاجتماع النفسي إشباع الدوافع الثانوية.يوسف الساكت

الوصلات الإشهارية للقروض… فخاخ على الطريق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شراء القروض وتوحيد الأقساط... آخر دواء

البنوك تفرض فوائد مرتفعة جدا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات