مشاريع سكنية تحولت إلى أحياء للصفيح ومرتع للعشوائية بعد تطبيع السلطة مع فوضى قاطنيها تحول حلم جعل المراكز الحضرية الجديدة بضواحي البيضاء، مدنا نموذجية تخفف الضغط على العاصمة الاقتصادية إلى كابوس يؤرق المواطنين، بعدما أضحت تلك المشاريع السكنية بؤرا للعشوائية والفوضى والإزعاج، نتيجة توسع عمراني لا يحترم تصاميم التهيئة ولا يراعي قانون الملكية المشتركة ولا أدبيات العيش المشترك. إعداد: محمد بها / تصوير : (عبد اللطيف مفيق) "من الخيمة خرج مايل"، عنوان عريض لوضعية عدد من المراكز الحضرية الجديدة بضواحي البيضاء، التي أضحت مشاريع تتخبط في مستنقع العشوائية، بعدما قرر أغلب سكانها عدم التفريط في ماضيهم مع "القصدير" واستحضار ذكرياتهم معه، عن طريق زخرفة بناياتهم بالعشوائي في السكن الاقتصادي والاجتماعي ومنازلهم التي بنوها في بقع خاصة، وتسابق المحلات التجارية لاحتلال الملك العمومي دون وجه حق. الرحمة ... عمارات قصديرية مدينة الرحمة التي تعتبر ضمن المشاريع الكبرى التي تحظى بعناية ملكية من خلال المشاريع المبرمجة لتحديثها وتطويرها وجعلها في مصاف الحواضر الكبرى، لم تسلم بدورها من "فيروس العشوائي"، لتتحول بذلك أحياء المدينة الجديدة من مشروع للحاضرة الكبرى إلى مشتل لتفريخ البناء العشوائي، وأحياء قصديرية رغم جهود تحديثها وعصرنتها من قبل الدولة. لا يمكن لزوار أحياء الرحمة أو المارة من الطرق الرئيسية المؤدية إلى وجهات مختلفة، غض الطرف عن المباني العشوائية التي استفحلت بشكل لافت بمدينة الرحمة وجعلتها نقطة سوداء. ومن خلال الجولة التي قامت بها "الصباح"، عاينت حالة الفوضى، إذ تحولت المنطقة المخصصة للسكن الاقتصادي والاجتماعي أو السكن الخاص إلى أحياء قصديرية، بعدما وجد السكان الفرصة مواتية لتغيير الشكل المعماري بل تم التجرؤ بفتح أبواب وإنشاء "براريك" خارج التصاميم والقوانين المنظمة. أولاد عزوز... محمية "العشوائي" في الوقت الذي تتعالى صيحات القاطنين بالدواوير والأحياء الصفيحية بالبيضاء لمطالبة السلطات المختصة والمنتخبين بتسريع قرار تنقيلهم، لضمان استفادتهم من السكن اللائق للتخلص من المعاناة التي يعيشونها وسط "القصدير"، فإن هناك فئات بجماعة أولاد عزوز لم تغرها مظاهر السكن الاقتصادي والاجتماعي للاندماج في حياة التمدن، بل اختارت تغليب العشوائية رغم انعكاساتها السلبية على الأمن والسلم الاجتماعيين، وكذا على حياتها التي صارت مهددة عند أول حادث انهيار أو حريق. وإذا كانت المشاريع السكنية الجديدة عرفت انتشارا كبيرا بتراب جماعة أولاد عزوز، فإن أغلبها لا يراعي تصميم التهيئة في خرق واضح لقانون البناء المهيكل، وتحتوي على عدد كبير من المباني العشوائية من دواوير لا ترقى إلى مستوى العيش وتفتقر إلى أبسط شروط الصحة والحماية والأمن وإلى الماء الصالح للشرب والإنارة ومقومات العيش الكريم، وكذا احتضان المنطقة لعدد من المحلات التجارية التي انتظمت في حي صناعي وتجاري عشوائي. أولاد حمد..."كلا يلغي بلغاه" من بين الأمور التي أضحت تتميز بها أحياء منطقة أولاد أحمد تعايش "البراريك" والعمارات الجديدة، فالزائر لا بد أن تثير انتباهه مبان عصرية، لكن طابعها المعماري يغلب عليه العشوائي سواء من خلال تحويل شرفات إلى غرف مسقفة ب"القصدير" أو استغلال الأسطح لإضافة طوابق مهددة بالانهيار، أو السطو على مساحات تخص الملك العمومي للاستفادة من غرف إضافية ومحلات تجارية ومرابد للدواب. وساهم عدم تحرك السلطات المحلية في انتشار البناء العشوائي بالمنطقة إلى حد صار يزاحم المشاريع السكنية الجديدة، إذ هناك من السكان القدامى في الدواوير من استغلوا الفوضى لإضافة بنايات من "القصدير" قبل أن يتأثر قاطنو العمارات المجاورة بالفوضى ويقرروا بدورهم محاكاة تفريخ أحياء الصفيح تحت شعار "كلا يلغي بلغاه". وفي الوقت الذي استفادت فيه منطقتا أولاد أحمد والرحمة من عدة وسائل لعصرنتهما وإدماج سكانها من الفئات الاجتماعية المغلوبة على أمرها والمتوسطة، وكذا تسهيل تنقلاتها من مكان الإقامة إلى وسط المدينة بتخصيص عدد كبير من حافلات النقل الحضري لتغطية الخصاص المهول وقرب انطلاق العمل ب"حافلات عالية الجودة" المعروفة ب"الباصواي"، اختار عاطلون نشر وسائل نقل عشوائية تشكل خطورة على مستعمليها من بينها العربات المجرورة بالدواب و الدراجات الثلاثية العجلات التي تتسابق لنقل أكبر عدد من الزبناء في مشهد يهدد حياة الركاب ومستعملي الطريق بشكل يومي. قصبة الأمين..."مستنقع الفوضى" من المراكز التي تمنى سكان ليساسفة أن تصير مركزا حضريا "قصبة الأمين"، إلا أن الواقع سرعان ما خيب ظن أكبر المتفائلين، بعدما صارت أحياء إقامات قصبة الأمين 1 و2 تعاني العديد من المشاكل المرتبطة بالعشوائي، بعد أن نجح عدد من "الفتوات" في إحكام قبضتهم على الشارع العام وكذا مداخل الإقامات السكنية بتشييدهم محلات قصديرية وركن عرباتهم المجرورة ونصب خيام، بل الأكثر من ذلك إخفاء واجهات المحلات التجارية القانونية، دون أن يحرك أحد ساكنا أو يعبر عن احتجاجه، خوفا من بطش أناس يعللون خرقهم للقانون برغبتهم في توفير المال لإعالة أسرهم في ظل البطالة التي يتخبطون فيها عوض اللجوء إلى السرقة أو الارتماء في أحضان عصابات المخدرات لترويج سلعتها المحظورة. وفي ما يتعلق بظاهرة احتلال الملك العمومي أضحت قصبة الأمين مسرحا لسوء الفهم بين المستفيدين والمتضررين من هذا الاستغلال غير القانوني، ما جعل الرصيف محتلا بالكامل من قبل أصحاب المقاهي و المحلات التجارية، وكذا لجوء عدد من السكان إلى وضع متاريس لمنع الجيران من ركن سياراتهم. والمتمعن لاحتلال الأرصفة والشوارع من قبل الباعة المتجولين وأصحاب المقاهي والمطاعم الذين اختاروا تثبيت الكراسي فوق الرصيف الخاص بالراجلين، إضافة إلى أكوام السلع التابعة للمحلات التجارية، يتأكد له بما لا يدع مجلا للشك أن "قصبة الأمين" صارت محمية لـ "الفراشة" واحتلال الملك العمومي، وهو ما يجعل المرء يتساءل عن أسباب غض السلطات الطرف عن الفوضى التي تثيرها المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والباعة الجائلون بالمنطقة، وخلفيات عدم تنظيم حملات تحرير الملك العمومي بالمنطقة كباقي المناطق الأخرى. مشاريع سكنية مهملة بطريق الجديدة وفي الوقت الذي تعيش طريق الجديدة سواء بدار 16 و"العراقي" أو مجموعة من المناطق المتمركزة بمحيطها، على إيقاع الأوراش الكبرى والمشاريع السكنية، ما تزال تلك الإقامات تفتقر إلى مشاريع ذات النفع الاجتماعي والاقتصادي والترفيهي. وأمام انعدام مشاريع تنموية وترفيهية تحولت تلك المشاريع إلى إسمنت تغيب عنه الروح، بسبب غياب حدائق عمومية ومراكز صحية تستجيب لحاجيات فئات عريضة من السكان، عوض تحمل عناء التنقل إلى الحي الحسني أو وسط المدينة. وفي ظل غياب حافلات النقل الحضري التي توصل السكان إلى هذه الأحياء، باستثناء سيارات الأجرة من الصنف الأول، لم يستثن "فيروس العشوائية" وسائل النقل، بعد أن دخل على الخط عدد من ممتهني النقل السري "الخطافة" الذين حولوا طريق الجديدة إلى حلبة سباق على شاكلة رالي داكار، في تهديد واضح لحياة مستعملي الطريق، ضمن مشهد من المشاهد التي ولدتها تبعات مخططات عشوائية لمسؤولين يغطون في سبات عميق ومنعشين عقاريين، همهم الأوحد تحقيق الاغتناء السريع. الفوضى... القاسم المشترك باختلاف نمط عيش المراكز الأربعة التي تقع ضواحي البيضاء، تشكل ظاهرة احتلال الملك العمومي القاسم المشترك بينها، بتسببها في إثارة العديد من المشاكل ما بين المستفيدين والمتضررين من هذا الاستغلال غير القانوني، فأرصفة الأحياء الجديدة سواء في الشوارع والأزقة أضحت محتلة بالكامل من قبل أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية والباعة الجائلين. والمتمعن لاحتلال الأرصفة والشوارع من قبل أصحاب المقاهي والمطاعم الذين اختاروا تثبيت الكراسي فوق الرصيف الخاص بالراجلين، إضافة إلى أكوام السلع التابعة للمحلات التجارية، يطرح سؤال التطبيع مع الباعة المتجولين والمحلات التجارية والمقاهي بغض الطرف عن خروقاتهم الماسة بحقوق المارة والسكان. ويعمد بعض الباعة الجائلين أو أصحاب المحلات التجارية إلى استغلال عدد من البقع الأرضية غير المبنية لاستعمالها في الأنشطة اليومية أو التجارية، إضافة إلى تحويل تلك البقع من قبل عدد من السكان إلى فضاء لتربية الدواب والدجاج وركن العربات المجرورة. وتحولت العمارات العشوائية بالتجمعات السكنية الحضرية إلى مرتع خصب لتناسل "البراريك" ما تسبب في تلويث المجال البيئي وتشويه جمال الأحياء الحضرية التي صارت تترنح في مستنقعات الفوضى والتخلف بعدما كانت حلما جميلا، سرعان ما تم وأده في بداياته الأولى. النقل بالعربات المجرورة بالدواب والدراجات ثلاثية العجلات عمق أزمة العشوائي بأولاد أحمد ضيق مساحة طريق الجديدة وفوضى "الخطافة" كابوس يومي يطارد السكان تربية المواشي والدواجن وانتشار الكلاب الضالة حولا المناطق الحضرية إلى قرية صغيرة