شباب في مستنقع الإدمان

ذهب بعقول البعض وقضى على مستقبل العديدين وقذف بهم نحو المجهول هي حالات لشباب انزلقت أقدامهم صوب الإدمان. إدمان على استعمال المخدرات الصلبة التي ذهبت بعقول بعضهم، وقضت على مستقبل آخرين. ولأن الكثير من المدن المغربية، خاصة الكبرى منها، لم تسلم من تسلل هذه الآفة إلى صفوف شبابها، فإن تطوان كان لها نصيب من حالات إدمان شبان قذفت به "البلية" صوب المجهول. من دراسة الطب إلى تعاطي "الكوكا" أرسله والداه إلى إسبانيا من أجل متابعة دراسته في الطب، على غرار أخته التي تخرجت من إحدى الجامعات الأندلسية، وعادت إلى مسقط رأسها تطوان تحمل شهادة ترصع مسارها الدراسي المتميز، وتشكل مبعث فخر لكافة أفراد الأسرة، وعلى رأسهم الوالدان. قصة الشاب، كما رواها ل"الصباح" خاله، نموذج لعينة من الشباب الذين استهوتهم غواية الإدمان فقذفت بهم إلى الضياع والمرض. لقد ضاع مستقبل منعم (اسم مستعار)، وضاعت صحته البدنية والعقلية، فبعدما كان شابا في منتهى النظارة والإقبال على الحياة، يهتم بالرياضة التي كان يمارس صنوفا شتى منها، صار كما يقول خاله، ونبرة من الأسى تلف حديثه، "انطوائيا"، يطيل النظر في من حوله، دون أن ينطق بكلمة أو يشارك أقرباءه حديثا. والخلاصة كما يسردها الخال، أن "طالب الطب الذي غادر صوب إسبانيا للدراسة، عاد بعد ثلاث سنوات دون شهادة، بل دون صحة، وبخلل عقلي وإدمان في أقصى درجاته، جعل أسرته تطوف به على المصحات الطبية ومراكز معالجة الإدمان، لكي يستعيد بعضا من صورة شاب دمرها الإدمان. الرفقة السيئة يقول الخال إن أسرة منعم لم تكن تبخل أو تتخلف في تلبية كل ما يطلبه أو تتوق إليه نفسه منذ كان تلميذا في سلك التعليم الإعدادي. ولأنه كان يظهر تميزا في مرحلة دراسته الثانوية التي ختمها بدرجة ممتازة، سعت أسرته إلى اختيار متابعة دراسته في إحدى كليات الطب الإسبانية. سافر منعم في أشهر دراسته الأولى في صورة الطالب المجد والمجتهد، وعاد بعد سنوات قليلة في صورة أخرى، جعلت خاله يقول إن "من عاد من سنوات الدراسة المشؤومة هو هيكل ابن أختي وليس شخصه أو الهيأة التي سافر عليها بعد نيله شهادة البكالوريا قبل خمس سنوات". مضيفا "منذ الأشهر الأولى التي التحق فيها بالكلية، التقى بشباب من جنسيات مختلفة، لم يأخذ منهم أحسن ما يتيحه التلاقح بين الثقافات المختلفة التي يحملها كل طالب، وإنما نال من بعضهم أسوأ ما حملوه معهم". كانت الرفقة السيئة، حسب الخال، هي السبب الذي جعل منعم يجرب عينات من المخدرات الصلبة، التي صار مدمنا عليها، مستغلا كرم أسرته الميسورة معه، إذ كانت تمنحه، بدون حساب. وكيف تحاسب أسرة ابنها الذي كانت تنتظر عودته طبيبا، لذلك كانت كل طلباته المالية ملباة، يؤكد الخال. انتعاشة كاذبة احتفظت ببعض جمالها، رغم ما مرت به من أحداث ومشاكل، بدأت بمحاولة "التجريب" وانتهت بشابة في ريعان الشباب إلى التخريب. انطلقت مغامرة "حسناء" (اسم مستعار) مع عالم المخدرات الصلبة وهي بعد تلميذة في سلك الثانوي. وقعت "حسناء" في "المحظور"، كما تقول. كانت هذه الشابة وهي تتابع دراستها الثانوية تخرج مع بعض صديقاتها في أوقات الفراغ التي لا تكون فيها حصص بالفصول. يتركن العنان لحيويتهن وشبابهن لكي ينطلق، وفي ظل تلك الأجواء تعرفت على شاب يكبرها بعشر سنوات. كان ذلك الشاب يأتي للقائها على متن سيارته ذات لون زاه مثير، يقف أمام الثانوية ليحملها في جولات خفيفة أحيانا رفقة بعض زميلاتها... توالت اللقاءات، وتوطدت العلاقة بين "حسناء" وصديقها صاحب السيارة، الذي صار يحملها في جولات تبتعد شيئا فشيئا عن الحي، وأحيانا عن المدينة. مرة في حفل رفقة أصدقاء آخرين، ومرات كثيرة في مطاعم ومقاه من أصناف شتى... هنا، وكما قالت "حسناء"، "وقع الفأس في الرأس"، وهنا أيضا كانت أولى خطواتها في طريق الإدمان على مخدر الكوكايين، الذي كانت ترى فتيات في مثل عمرها أو أكبر منها قليلا، يجربن استنشاق ذلك المسحوق الأبيض. لم تمانع ولم تتردد في تقليدهن، وبعد أن غاصت رجلاها في مستنقع الإدمان، صارت تؤكد عبارات الندم، قائلة: "ليتني ما انخدعت بالانتعاشة الكاذبة لمخدر هدم حياتي". يوسف الجوهري (تطوان)

شباب في مستنقع الإدمان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف طبيب وممرضة بأكادير

الاستخبارات تقتفي أثر ملاذات جديدة

مقالات ذات صلة