عودة الحياة إلى الشواطئ واستئناف الأنشطة الاقتصادية بكورنيش «عين الدياب» عادت أجواء الصيف بشكل مبكر هذه السنة، بسبب درجات الحرارة المرتفعة، التي تسجل في المملكة منذ أسبوعين، والتي دفعت جزءا من المغاربة إلى الاحتماء بالشواطئ، خاصة أن هذه الظروف تزامنت مع العطلة المدرسية، وهو ما استغلته الأسر لإعطاء انطلاقة موسم الشواطئ، والاستمتاع بمياه الأطلسي والمتوسط، وهو ما عاينته "الصباح" بعين الدياب أحد أكبر شواطئ العاصمة الاقتصادية، الذي استقبل في الأيام الأخيرة نسبة مهمة من الزوار، كما أعادت الحياة إلى "الكورنيش"، وعادت معه الأنشطة الاقتصادية الموسمية. إعداد: عصام الناصيري كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا، عندما حلت "الصباح" بكورنيش "عين الدياب"، ويلاحظ بشكل جلي أن الحياة عادت بقوة إلى الشاطئ، الذي عاد الزوار إلى التقاطر عليه من مختلف أحياء العاصمة الاقتصادية، منهم من يتنقل باستعمال الترامواي، وآخرون اختاروا استعمال سياراتهم ودراجاتهم النارية، الأمر الذي شجع على عودة أنشطة حراسة السيارات، التي تعرف نشاطا كبيرا في المنطقة في فصل الصيف. عودة الروح رغم أن "عين الدياب" من الأماكن التي تدب فيها الحركة طيلة السنة، إلا أنها تفقد روحها المألوفة في الشتاء، والتي تعود مباشرة بعد ارتفاع درجات الحرارة، وعودة سكان البيضاء إلى الشاطئ، إذ يستقبل مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية، عكس الشتاء الذي يستقطب فيه فقط هواة المطاعم والمراقص. على قارعة الطريق الممتدة على طول "الكورنيش"، كانت عشرات الأسر والأطفال والشباب يتجولون، بعضهم غادر الشاطئ ويبحث عن وسيلة نقل تقله إلى منزله، في حين جزء آخر وصل للتو، وكان يفاوض مكتري الكراسي والمظلات الشمسية، الذين عادوا باستحياء بعدما منعوا من الاستغلال المؤقت للشاطئ الصيف الماضي. المقاهي أيضا الموجودة على طول الشاطئ، بدأت تستقبل الزبائن، بعضها يوفر للزبون فرصة احتساء كوب من الشاي أو القهوة، وهو يستمتع بمناظر جميلة، وبعض المركبات السياحية تقدم خدمات أخرى، من قبيل المسابح الخاصة وغيرها من الكماليات، التي يبحث عنها بعض الأشخاص، والتي توفر لهم الخصوصية. تفاؤل أصحاب الشمسيات يبدو أن الأشخاص الذين يكرون الكراسي والشمسيات في الشاطئ، لا يريدون التنازل عن جزء من الشاطئ، رغم أنه منعوا من القيام بأن نشاط من هذا النوع العام الماضي، إذ رفض المجلس الجماعي إكراء الشواطئ في إطار الاستغلال المؤقت للملك العمومي، لكنهم عادوا هذه السنة مع بداية قدوم الزوار. ورغم أنهم يشتغلون في هذه الفترة خارج القانون، لكن على ما يبدو أنهم تلقوا وعودا باستئناف نشاطهم، إذ قال أحدهم في حديثه مع "الصباح"، إن المجلس وافق على إكراء الشواطئ هذه السنة، وإنهم ينتظرون فقط الإعلان الرسمي عن المستفيدين. وأضاف المتحدث ذاته، وهو شاب في عقده الثالث، "هذه السنة سنشتغل وفق القانون، وستكون الأثمنة في المتناول، كما أنه لن يتم كراء مجموع مساحة الشاطئ، بل تخصيص مساحة للكراء، وأخرى للزوار الذين لا يرغبون في استعمال كراسي وشمسيات الكراء". ورغم أن مجلس البيضاء يرغب في إكراء الشواطئ هذه السنة، وفق ما صرح به بعض المهنيين لـ "الصباح"، إلا أن السلطات سمحت بعودة مظاهر السطو على الشاطئ خارج القانون، الأمر الذي يسائل مبادئ الشفافية، وعملية طلبات العروض وفتح الأظرفة وغيرها، إذ كيف لشخص أن يشرع في العمل قبل دخول عقده مع المجلس حيز التنفيذ. ويعتبر عمل مهنيي كراء الشمسيات والكراسي ضروريا، من أجل تجربة ممتعة في الشاطئ، إذ لا يعقل أن يجلب جميع الزوار كراسيهم وواقيات الشمس، فبعض الزوار مستعدون لدفع تكاليف الكراء، لكن بالمقابل يستغل هؤلاء المهنيون حاجة الناس إلى هذه المعدات، التي يقومون بتثبيتها في الواجهات الأمامية من الشاطئ، ولا يتركون لمن لا يرغب في كراء معداتهم، سوى بعض الأجزاء غير الإستراتيجية في الشاطئ، وهو ما يجب أن تركز عليه عقود الكراء، التي ستبرم بينهم وبين المجلس. ووصل سعر الشمسيات إلى 20 درهما، وسعر كراء الكراسي إلى 15 درهما، لكن المهنيين يتفاوضون مع الزوار، ومنهم من يكري معداته بأسعار أقل أو أكثر من السعر سالف الذكر، إذ عاينت "الصباح" عملية تفاوض بين أحدهم وامرأة كانت مرفوقة بطفلها، والتي لم يرقها السعر المقترح، وقالت للمهني إنها لو كانت مصحوبة بزوجها لتمكنت من الحصول على الخدمة بسعر أقل، وكأنها تقول للشخص الذي يقف أمامها، أنه يريد استغلالها. مشاهد من الشاطئ يطل زائر "عين الدياب" من الكورنيش على شاطئ مكتظ بالمصطافين، ويلاحظ على الرصيف سيارة رجال الأمن، يرابط فيها عدد من العناصر، مستعدة للتدخل إذا حدث تجاوز معين، ويبدو أن كراء الشمسيات والكراسي خارج القانون ليس ضمن هذه الممنوعات، إذ يعرضون خدماتهم أمام أعين رجال الأمن. ورغم أن فصل الصيف لم يحل بشكل رسمي، إلا أن مظاهر الشاطئ لا توحي بذلك، إذ هناك الآلاف ممن يزاولون مختلف الأنشطة الشاطئية، بين من يلعب كرة القدم، ومن يسبح ويعانق أمواج الأطلسي الهادئة، في حين فئة أخرى اختارت الاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة. وبما أن زيارة "الصباح" إلى الشاطئ، تزامنت مع العطلة المدرسية، فإن عددا كبيرا من الأمهات كن رفقة أطفالهن في الشاطئ، إذ يقف جزء منهن في وضعية مراقبة أطفالهن خوفا عليهم من الغرق، رغم وجود معلمي السباحة، كما أن بعضهن أطلقن العنان لمواهبهن، إذ منهن من كانت تلعب كرة القدم، ومن تلعب كرة المضرب، في حين أن أخريات يجارين أطفالهن في اللعب، بالركض فوق رمال الشاطئ. منقذون متأهبون لا تقتصر وظائف "عين الدياب" على الاصطياف، بل تشكل مورد رزق للكثير من الشباب، ويعتبر السباحون المنقذون أحد هؤلاء الذين يكسبون من ممارسة هذا النشاط، طيلة أشهر الصيف، والذين يتم توظيفهم منذ الأسابيع الأولى لماي إلى أكتوبر، للحد من حوادث الغرق. وفي هذا السياق، يقول أحد المنقذين، "ننقذ ثلاثة أشخاص إلى أربعة في أيام الصيف العادية، وأما في ماي لا يتجاوز العدد شخصين أو شخصا واحدا في اليوم، ونادرا ما يتوفى أحد الغرقى، لأن هناك الكثير من السباحين المنقذين وعناصر الوقاية المدنية، وهناك من يراقب باستعمال المنظار، وتوجد سيارات الإسعاف في حالة تأهب دائم". وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصباح"، فإن هؤلاء المنقذين يخضعون لتكوين قبل شروعهم في العمل، سواء تعلق الأمر بكفاءتهم في السباحة وقدرتهم على إنقاذ الغرقى، أو بمبادئ الإسعافات الأولية، التي يتعلمونها قبل الالتحاق بالعمل، ويتقاضون مقابلا ماديا طيلة فترة عملهم. وتوفر الوقاية المدنية سيارات إسعاف للتدخل في حال وقوع أي حادث، سواء كان غرقا أو أي أمر يستدعي التدخل، فبالإضافة إلى فرقة المنقذين، هناك عدد من العناصر التابعة للوقاية المدنية، وهناك مجموعة من الآليات المستعملة في إخراج الغرقى، ما يجعل "عين الدياب" يستحق لقب شاطئ محروس، لأنه يتوفر على الآليات اللازمة، عكس جزء كبير من شواطئ المملكة. تجاوزات من التجاوزات التي لا مبرر لها بشاطئ عين الدياب، والتي تعكر صفو تجربة الاصطياف، جلب بعض المصطافين للحيوانات، خاصة الكلاب المدربة، من نوع "بيرجي ألماني"، فرغم أن عناصر الأمن الوطني والقوات المساعدة يمنعون إدخال الحيوانات إلى الشاطئ، إلا أن الصرامة في تطبيق هذه الإجراءات لم تبدأ بعد. ويرتقب أن تشدد الحراسة والإجراءات الأمنية في الأسابيع المقبلة، عندما يصبح الشاطئ أكثر اكتظاظا، ومنها منع إدخال الحيوانات، التي تشكل خطرا على المصطافين خاصة الأطفال. ويلاحظ أن الأشخاص الذين يرافقون كلابهم إلى الشاطئ غير واعين بخطرها، ففي أثناء زيارتنا للشاطئ، كانت بعض الكلاب تطارد الأطفال الصغار، فرغم أنها تلعب معهم، لكن ليست هناك أي ضمانات على سلامتهم الجسدية. وليست الكلاب وحدها التي تلج شاطئ عين الدياب، بل هناك أيضا الجمال والخيول، التي يقوم أصحابها باستئجارها لهواة ركوبها، لكن عدم تخصيص مكان لممارسة هذه الأنشطة، يجعل أصحاب تلك الدواب يدخلونها إلى المناطق التي تعرف اكتظاظا بالمصطافين لعرض خدماتهم عليهم، وهو ما يخدش راحة المصطافين. زيارة قبة الولي من أبرز ما يميز "عين الدياب" أن زواره متنوعون، فبالإضافة إلى المصطافين وممارسي الرياضة، هناك أيضا زوار ضريح الولي سيدي عبد الرحمان، الذي يحافظ على طقوس زيارته، إذ يلاحظ أن أسراب الزوار لا تنقطع فوق القنطرة المؤدية إلى القبة. وتساهم زيارة سيدي عبد الرحمان في انتعاش أنشطة اقتصادية بسيطة، من قبيل باعة الشموع، والنقاشات اللائي يعرضن خدماتهن على الزائرات، إضافة إلى مجموعة من الأشخاص، الذين يبيعون بعض الأطعمة الخفيفة، وغيرهم ممن يستفيدون من الزوار، ويوفرون لهم زيارة مريحة، بتوفير كل ما يحتاجونه بالقرب من القبة.