الناقد القري قال إنها تفوقت في دمج الأصالة والمعاصرة أوضح إدريس القري، الباحث والكاتب والناقد في الفلسفة والجماليات البصرية، أن "الظاهرة الغيوانية" بصفة عامة، ومجموعة ناس الغيوان بشكل خاص، جاءت في سياق محدد، تميز بقوة المعارضة وقوة النضال، وقوة التنظيمات النقابية والفكرية، وانتشار الفكر الفلسفي، وازدهار المسرح والتأليف والسينما، وكل أشكال التعبير من كتابة وتعبير، وجميع أنواع الفنون. وأضاف القري لـ"الصباح"، أن فترة ظهور ناس الغيوان عرفت تأثر الجميع بالقطبين الاشتراكي والرأسمالي في جميع الدول، وبالنسبة إلى المغرب أيضا، إذ كانت الموضة السائدة في تلك الحقبة، لكن تبقى مجموعة ناس الغيوان متميزة، لأن قوتها لا تتجلى في تعبيرها السياسي فقط، بحكم انحيازها لليسار، والدفاع عن الفقراء والمعوزين والمهمشين، بل في استعمال الكلمة القوية، من الزجل والملحون والقوافي والمتون من الكلمة المغربية الأصيلة، ومن الفلسفة والفكر الإسلامي، ومن رجالات الفكر والكلام التقليدي الموزون. وكشف القري أن مجموعة ناس الغيوان، لم تقتصر على كل هذه التنوعات في الكلمة والفكر، بل أخذت أيضا من الموسيقى المغربية الشعبية، مثل الملحون وغيره، إضافة إلى أنها دمجت الأصالة والمعاصرة بشكل كبير، وتفوقت في ذلك، الشيء الذي لم تستطع الآن مجموعة من السينمائيين النجاح فيه، إذ أن هذا الدمج يتطلب قدرة كبيرة على التخييل، من أجل عدم إنتاج عمل هجين يعتمد على اللصق فقط، ولا يصل إلى درجة الدمج النسقي، بين ما هو قديم وما هو حديث، وبين ما هو موروث وما هو مبتكر، وبين ما هو تقليدي وما هو حداثي. وأرجع القري تفوق ناس الغيوان في الدمج، لأنهم ذهبوا إلى صلب ما هو أصيل واستلهموه، ولم يقوموا ببتره وتقطيعه، بل أخذوا الكلام كاملا، والمعاني التي يستخدمونها سامية وليست هجينة أو سطحية أو ملفقة، والنغمات التي يأخذونها وفية لنسقها، وفي الوقت نفسه يعصرون كل هذه الأمور، ويضيفون عليها لمستهم والقيم الكونية، التي لا تموت، عوض المراهنة على قيم عابرة ومؤقتة وغير ثابتة، ولا تتميز بالكونية. وأكد القري أن جميع هذه الأساسيات وضعت ناس الغيوان في رتبة عالية جدا، ووفقوا في أداء رسالتهم الإبداعية، بل أكثر من ذلك، استطاعوا الوصول إلى النتيجة المذهلة، المتمثلة في مخاطبة كل طبقات المجتمع المغربي، و هو ما يعد أمرا صعبا، إذ يتعين مخاطبة جميع نخب المجتمع، ضمنهم المثقفون والسياسيون والبورجوازيون والطبقة المتوسطة والفئات الشعبية، التي تعد عماد نجاح أي تجربة فنية من هذا النوع. ومن الناحية السوسيو ثقافية، قال المتحدث ذاته، إن ناس الغيوان تبقى أنجح فرقة غيوانية، بالنظر إلى قدرتها على دمج الأصالة والمعاصرة، والقديم بالحديث، وما هو جديد بما هو موروث. صلاح الدين محسن