تازنزارت… الإسقاط والتورية

أمل: الوعي السياسي لدى المجتمع فسّر الكلمات حسب الحاجة يرى أحمد أمل، الدكتور في علم الجمال والمتخصص في التأليف والإخراج، أن تسييس الأغنية، ناجم بالأساس عن استعمال كتاب الكلمات لأساليب شعرية بانتقاء استعارات وتشبيهات، واعتماد التورية، أي تغطية القصد بإظهار غيره، لإضفاء شاعرية على الكلمات وترك دلالاتها تغوص وتتماهى مع غموض الدلالات واختلاطها، وهو ما يترجم في أبيات شعرية تحمل أكثر من معنى، وتدفع المتلقي إلى إسقاطها على هموم الذات ومشاكل المجتمع، مفسرا تلك الأبيات بما يعيشه في محيطه من حراك أو من تدافع، ففي أحيان لا يكون المغني أو المجموعة الغنائية تعلم التفسير الذي ستأخذه الكلمة إلا بعد تفاعلها مع الجمهور، وهو ما يمكن وصفه بتسييس المعنى. مضيفا أنه بخلاف الأغنية الملتزمة، التي يكون فيها المعنى منسجما مع المبنى، والكلمات تكون فيها واضحة وذات دلالة محددة، فإنه في أغراض شعرية أخرى تتحول الأبيات الشعرية المتعلقة بالغزل، إلى معان مناقضة، أو تتبدل عند المتلقي كلمات الوصف العادية للطبيعة والبنيان، إلى غزل مبطن وارى فيه الشاعر أحاسيسه المباشرة وأسقطها على الطبيعة أو الحيوان ليترك للمتلقي فرصة التعمق لإدراك المعنى الحقيقي الذي يقصده. وذهب أمل الباحث في الفنون، إلى أن مصطلح الغيوان في الأصل، أمازيغي، "الغيوان يوسي س أندرا"، يعني أنه الفنان الذي يحمل الهموم، كما أن الملابس التي تتزين بها الفرق الغيوانية تمتح من الزي الأمازيغي ويطغى عليها اللون الأسود المزين بالأبيض، بل حتى الآلات الموسيقية هي من الحقل الفني الأمازيغي الهجهوج والدعدوع والطامطام، وهذه الآلات هي التي عرف بها ناس الغيوان، إضافة إلى الإيقاع والسلم الموسيقي المعتمد. ويزيد أحمد أمل أن الشكل الغيواني الذي ظهر مع مجموعات أمازيغية شكلت ظاهرة "تازنزارت" نظير أوسمان وإزنزارن، تماهى مع الأغراض الغنائية الجديدة، التي برزت بعد ظهور مجموعة البيتلز البريطانية التي تأسست في 1960 بليفيربول، ووجدت الفرق الأمازيغية هذا النموذج ناجحا ومقبولا من قبل الجماهير، سيما أن الغيوان ذاع صيتها ليتعدى المغرب إلى العالم العربي وأروبا، وأصبح المتلقي يتجاوب مع الفرق الأمازيغية والكلمات الشعرية التي تؤديها، رغم أنها مقتبسة من أشعار قديمة سبق أن تغنى بها الروايس أو قيلت في حلبات أحواش عن طريق "تنظامت". ويعلق أمل قائلا إن الشعر الأمازيغي بطبعه لا يحمل المباشر بل الرمز والطبيعة، وهو مستوحى من "تنظامت"، أي ما يشبه شعر القرائض، ما يجعل هذه المعاني قابلة للتأويل السياسي، ومسايرة للمشاكل اليومية، كما أنه، أي الشعر الأمازيغي، خصوصا في "تنظامت" التي تمتح منها الفرق الغنائية، له قدسية وقد يدفع في حالات الهجاء المبالغ فيه إلى الانتقام، من قبيل تلك الرواية التي تحكي أن شاعرا أمازيغيا دأب على المشاركة في "أحواش"، وجد ذات مرة جثة في الخلاء، وفي فمه حجرة وبجانبه مبلغ من المال، وكأن من قتلوه تركوا رسالة مفادها أننا قتلناه بسبب ما يخرج من فمه وليس من أجل المال. المصطفى صفر

تازنزارت… الإسقاط والتورية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جيل جيلالة... نبرة الاحتجاج بالتراث

ناس الغيوان... قوة الكلمة وحرارة اللحن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات