يتشبث عزيز بمقولة "من بعد العشا افعل ما تشا"، ومفادها أن كل شيء يباح للمرء القيام به، بعد أداء صلاة العشاء، بما في ذلك تناول المخدرات. لا يتخلى عزيز عن مقولته في رمضان، رغم تعديل التوقيت إلى ما بعد صلاة التراويح، فرمضان بالنسبة إليه يكتسي خصوصية اجتماعية جديرة بالانتباه، تتمثل في سلوكات وعادات وتقاليد متناقضة، أحيانا، تستحق التأمل. لا يعني رمضان، بالنسبة إلى عزيز، الإقلاع، من الفجر إلى غروب الشمس، عن الأكل والشرب والجنس، أو تغيير رتابة النمط اليومي للحياة، بل اقترن بتغيير جذري في أسلوب حياته، يتمثل في سلوكات متناقضة، إذ اعتاد في كل رمضان على "الترمضينة" نهارا، وصلاة التراويح ليلا، ثم إقامة ليالي الأنس، حتى طلوع الفجر، في مشهد يلخص التناقضات. فالشعائر الدينية، في نظره، لا تنهى إطلاقا عن الفحشاء. أصبح عزيز في هذا الشهر أكثر هدوءا لأسباب عديدة، فهو يعاني ركودا اقتصاديا، بسبب بوار تجارته، إلا أن ذلك لا يمنعه الدعاء في صلاة التراويح بإنقاذه من أزمته، ثم التوجه ليلا إلى "حفلات الشيشة" في عين الذياب بالبيضاء. في الأيام الأخيرة من رمضان يحب عزيز من اللباس أبيضه، ويلف رأسه بعمامة صفراء، ويغطي وجهه بنظارة شمسية، كأنه يخفي شيئا ما، وينتشي كثيرا حين يطلق عليه شباب المنطقة "الفقيه"، فيبادلهم ابتسامة فارهة تفرج عن أسنان اصطناعية ناصعة، علما أن الجميع يعرف من يكون "الفقيه" وعدد محلات بيع الخمور والبارات والملاهي، التي يزورها في الأيام العادية. يحرص عزيز على أداء الفروض ويلتزم بأوقاتها، مثل ساعة سويسرية، وأكثر ما يزعجه ألا تتلى آيات من الذكر الحكيم في منزله، إذ يعاتب زوجته وأبنائه على عدم أدائهم صلاة الجماعة في أوقات الفراغ، حتى أن أغلب من عرفوه، في رمضان فقط، يحلفون بأخلاقه وطيبوبته وتدينه، وكرمه الحاتمي، قبل أن يختفي كل شيء بعد صلاة التراويح. لا تفارق السبحة أنامله ولا تكف شفتاه عن التسبيح والحمد، حتى في أوقات العمل الذي يلتحق به باكرا، ومن هناك يخطط عزيز لبرنامجه اليومي، بدءا من العبادة إلى جميع أنشطته الليلية عبر وسائل الاتصال المتطورة. خالد العطاوي