حائرة بين احترام ميثاقها وتفادي تكميم الأفواه وتقليص هامش الانتقاد لم يمنع توقيع زعماء أحزاب الأغلبية، التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، على ميثاق يضبط كيفية اشتغالهم، من بروز خلافات كثيرة أبطالها قادة وبرلمانيون، بعضهم يود الحصول على حقائب وزارية في أي تعديل حكومي مرتقب، والبعض الآخر يرفض تكميم الأفواه ومنع المشاركة في إحداث التغيير المنشود لخدمة المواطنين. ضربـات الحلفـاء مضيان وبوعيدة وميارة وجهوا سهام النقد إلى الحكومة بعد مرور سنة ونصف السنة على تعيين الحكومة، التي كانت جد محظوظة جدا، لأن الأغلبية شكلت من ثلاثة أحزاب فقط، يمكن التحكم فيها بشكل كبير قصد تفادي أي تصدع محتمل، لم يمنع كل ذلك من إطلاق نيران صديقة في كل الاتجاهات، بعضها تسبب في تجميد عضوية نائب برلماني، وتصريحات لم يتم بعد الحسم في القرار الذي سيتخذ بشأنها . والتزمت أحزاب الأغلبية، بتطبيق مضمون ميثاقها السياسي والأخلاقي، باعتباره إطارا مرجعيا واضحا ملزما لكل مكوناتها وهيآتها، إذ استلهمت إكراهات وإخفاقات تجارب سابقة قصد إنجاح هذه التجربة، التي أكد زعماؤها أنه ستكون حتما ناجحة، ومع ذلك لم تصمد كثيرا، إذ بعد مرور أيام قليلة، تم إطلاق نيران صديقة خاصة في مجلس النواب من قبل قيادي استقلالي اتجاه رئيس الحكومة وأعضائها، وتبودلت الأدوار بمجلس المستشارين، من خلال تهجم برلمانيين على وزراء لا ينتمون إلى أحزابهم والدفاع عن الذين استوزروا برموز أحزابهم، وانتقلت هذه العدوى إلى الغرفة الأولى التي بات بعض برلمانييها يتصيدون أخطاء وزراء، وآخرون يسخرون من بعضهم بسبب ضعف الكفاءة وغياب المعطيات أثناء تقديم الأجوبة التي يحتاج إليها البرلمانيون والمواطنون والمقاولات، والمنظمات المدنية، والحقوقية، والتعاونيات، والعاملون في القطاع العام، والخاص والمهن الحرة، والذين يعانون الفقر والهشاشة. مضيان يصوب ولا يبالي شهدت الأغلبية الحكومة، هزة بعد انتقاد نور الدين مضيان، القيادي الاستقلالي، للبرنامج الحكومي في جلسة مساءلة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، الذي امتعض من ذلك، فيتم عقد لقاء تم بموجبه حل الخلافات، وتفادي مضيان المواجهة، وهو القيادي الذي كاد يفقد منصبه رئيسا لفريقه البرلماني بعد احتدام الخلافات داخل حزبه الاستقلال بين تيارين، و مباشرة عقب إسقاط المحكمة الدستورية لأربعة مقاعد في إقليم الحسيمة. وبعد طي صفحة مضيان، تهجم هشام لمهاجري، القيادي في الأصالة والمعاصرة على الحكومة ككل، ورئيسها وهاجم برنامج فرصة بشكل مثير للجدل، وانتقد بحدة تعيين جامع المعتصم، القيادي في العدالة والتنمية، المقرب من عبد الإله بنكيران، مستشارا في رئاسة الحكومة، كأن أحزاب الأغلبية عاقر، وليس لديها أطر. كما هاجم وزراء لا كفاءة لهم، لذلك يظهرون بطريقة باهتة في البرلمان يتلون جملا مفككة، غير مقنعة، فاضطر حزبه " البام" إلى تجميد عضويته ما جعله يقدم استقالته من رئاسة لجنة الداخلية بمجلس النواب. بوعيدة يسخر من الوزراء حينما أنهت الأغلبية عملية إطفاء نار تصريحات مضيان والمهاجري، خرج البرلماني الاستقلالي عبد الرحيم بوعيدة، ليسخر من الوزراء في مواقع التواصل الاجتماعي، فاضطر رؤساء فرق التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال إلى عقد اجتماع طارئ لتفادي الأسوأ من ردود الفعل، خاصة التي تزامنت مع امتحان المحاماة، الذي دفع القيادي الاستقلالي نفسه، إلى مهاجمة عبد اللطيف وهبي، وزير العدل على خلفية ما راج من أقاويل كثيرة. وناقش رؤساء الأغلبية بشكل مستفيض، الطريقة التي يتعاطى بها البرلماني عبد الرحيم بوعيدة من الاستقلال مع بعض القضايا التي تثير اهتمام المواطنين ونشطاء " الفيسبوك" تخص وزراء في الحكومة، من حزبي التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، عبر قنواته في وسائط التواصل الاجتماعي، ما جعل مكونات الأغلبية تفتح هذا الملف مع قيادة حزب " الميزان" للحد من هذا التهجم، حاول بوعيدة الدفاع عن نفسه، بالتأكيد أنه ملتزم بميثاق الأغلبية، ولم يسبق له أن هاجم الوزراء في البرلمان، وأنه يكتفي فقط بتخصيص حيز لهم في قناته بموقع التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبره رؤساء الأغلبية، تصرفا غير قانوني، ويمس بالأخلاق السياسية وبمكونات الأغلبية، فالتمسوا منه التوقف عن مهاجمة الوزراء. ميارة..."الصبر كيضبر" بعد أن هدأت العاصفة وتحول كل قادة وأعضاء الأحزاب الثلاثة إلى محامين في مواجهة تهجمات المعارضة، سواء ما تعلق بالمحروقات، وبرامج التشغيل أوراش وفرصة، وقوانين جديدة في العدالة، وقرارات حكومية لدعم مهنيي النقل، والانتقال من نظام المساعدة الطبية" راميد" إلى نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض " الأمو" ، ثار النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وعضو اللجنة التنفيذية للاستقلال، ورئيس مجلس المستشارين، الذي قال للوزراء إن المغاربة صبروا كثيرا على ما يقومون به وأن " إن الموس وصل لعظم"، ولا أحد يستطيع تحمل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، مستغربا هيمنة " الشناقة" وتحكم المضاربين في الأسواق، وأن الحكومة تضبط الأسعار في التلفزيون فقط أما على أرض الواقع فهي تترك المضاربين يتلاعبون بالأسعار ويتسببون في الضرر بالسلم الاجتماعي. وحذر الحكومة من مغبة الصمت قائلا " حضيو روسكم راكم ساكتين، ونحن أعطينا الحكومة أغلبية مريحة كي تشتغل، والصبر كيضبر" ولا بد من إجراءات عملية واقعية حتى لا تنفجر الأوضاع، وستعقد الأغلبية اجتماعها لاتخاذ القرار المناسب في حق ميارة أو استدعائه للاستماع إليه. أحمد الأرقام