هكذا بدأت الحكاية 3 يعتبر شقيقه نور الدين قدوته ووقف في وجه أقوى الهولنديين من أجل اللعب للمغرب لم تكن الطريق مفروشة بالورود أمام العديد من نجوم المنتخب الوطني في مونديال قطر 2022، فمنهم من ضاق ذرعا من ضيق الحال والتهميش ومشاكل أسرية واجتماعية أثرت في شخصيتهم، قبل أن يبلغوا المجد والشهرة والمال الوفير. تختلف حكاياتهم ومعاناتهم ومآسيهم وتطلعاتهم وأهدافهم المشروعة، لكن قاسمهم المشترك، هو الدفاع عن الراية الوطنية في معظم المحافل الدولية. في هذه السلسلة نستعرض محطات نجوم عانوا في سبيل لقمة العيش وتحقيق أمنية ممارسة الكرة أولا، ثم حمل القميص الوطني ثانيا. عيسى الكامحي ولد سفيان أمرابط، شقيق نور الدين، في 1996، بهولندا، من عائلة مغربية مهاجرة تتحدر من الناظور وبالضبط من بن الطيب ،.في بداية مسيرته الكروية، أطلق عليه الهولنديون اسم "قاطع الطريق"، لقوته البدنية التي خطفت الأنظار، ومركزه الحساس، وسط ميدان دفاعيا. كان من الصعب ألا يكبر سفيان لاعب كرة قدم، خاصة أنه كبر في عائلة كروية بامتياز. لعب فوزي أمرابط، وهو أخوه الأكبر كرة القدم مبكرا، قبل أن يتبعه شقيقه نور الدين. يقول سفيان إنه كانت تربطه علاقة استثنائية مع شقيقه نور الدين، الذي كان يصطحبه للتداريب، ويقدمه لوسائل الإعلام ولزملائه في إيندهوفن، ويقول لهم "إن هذا أخي ... تذكروا اسمه جيدا ... سيكون نجما من نجوم كرة القدم مستقبلا"، وهي جملة شهيرة يرددها سفيان في كل مرة اليوم، ورددها أيضا بعد إنجاز المنتخب الوطني في كأس العالم بقطر، أخيرا. عشق سفيان كرة القدم، إذ انضم لفرق أحياء ومارس كرة القدم بشكل منتظم، وكان يحلم بأن يصبح مثل أخيه، لاعبا محترفا. لم ينتظر سفيان كثيرا، وانضم في سن السابعة، إلى نادي دي زوريفوغلز الهولندي، إذ أبهر مدربه آنذاك هانز فان ديست، الذي قال عنه إنه "موهبة قادمة بقوة". في 2007، سرعان ما انتبه إليه كشافون هولنديون، لينتقل إلى أوتريخت، وعمره لم يتجاوز 11 سنة، ليسجل اسمه في مدرسة تكوين الفريق، ويتدرج في فئاته العمرية بسرعة كبيرة. قال سفيان إن ملعب التداريب كان بعيدا عن منزل عائلته ب 28 كيلومترا، وكان يضطر لركوب الحافلة أربع مرات في اليوم، للذهاب للمدرسة مرتين، ولملعب التداريب مرتين أيضا، ويعود للبيت في وقت متأخر بالليل. وصف سفيان تلك الأيام في وسائل الإعلام الهولندية، ب"الصعبة" و"القاسية"، لكنه اعتبرها "درسا في الحياة"، استفاد منه كثيرا. يؤكد سفيان أن أكثر من 200 طفل كان يتدرب معه في أوتريخت، وعانوا الأمر نفسه، لكن قليلون هم من وصلوا للمستوى العالي، لأن الظروف كانت صعبة. بعد مثابرته كافأه ناديه بأول عقد احترافي في مسيرته في 2014، والتحق بالفريق الأول في 2017، ولعب مباريات رسمية معه، وهو في سن 18 سنة فقط. لم يبق كثيرا في أوتريخت بعد تألقه، إذ سرعان ما انضم إلى فينورد في 2018، بعقد لأربع سنوات، بقيمة خمسة ملايين أورو. اشتغل أمرابط في إحدى فترات حياته شرطيا، وكان معروفا بقوته البدنية، غير أنه لم يدم في المهنة طويلا، إذ اختار كرة القدم، على غرار باقي عائلته. المغرب أولا وأخيرا يتذكر الهولنديون كيف أن سفيان أمرابط، أدار ظهره لديك أدفوكات، مدرب المنتخب الهولندي، الذي لا يمكن رفض طلب له، وقال له إنه يرغب في حمل قميص المغرب، ولا شيء غير المغرب. اليوم، وبعد تألقه في كأس العالم، كان لاعب فيورنتينا قريبا من الانتقال لتشيلسي وبرشلونة، غير أن آخر لحظات "الميركاتو" أجلت ذلك إلى الصيف المقبل، لنرى أمرابط في ناد آخر أكبر.