النائب الثاني للعمدة قال إن الفريق السابق أخل بالتزامات مالية كبرى و"هذه مقاربتنا لتثمين الممتلكات" قال الحسين نصر الله، النائب الثاني لعمدة البيضاء المفوض له قطاع الممتلكات والشؤون القانونية، إن الجماعة تنكب على استكمال ورش تثمين الممتلكات عبر عدد من المشاريع الكبرى سترى النور بشراكة مع القطاع الخاص، مؤكدا أن ما أطلق عليه جرد، هو ليس كذلك، رغم أهمية العمل المنجز في هذا الإطار. وأوضح نصر الله، في حوار مع "الصباح"، أن هناك إمكانيات أخرى لتنمية مداخيل المدينة، غير الاقتراض والضرائب، عبر مخطط للاستثمار في الممتلكات، معتبرا أن الاحتفاظ ببقايا الطرق والعقارات غير القابلة للبناء هدر للمال العام. أجرى الحوارين: ياسين قطيب ويوسف الساكت / تصوير: (فدوى الناصر) في البداية، ما هي الوضعية التي وجدتم عليها الجماعة في شتنبر 2021؟ > وقفنا في الفترة القصيرة من الولاية الانتدابية الحالية على "وضعية" ملفات ومشاريع وأعطاب واختلالات، لكن أعتقد أن أخطر ما في الموضوع هو عدم الوفاء بالتزامات مالية متعلقة بقطاعات ذات حساسية كبيرة، كادت تضع المدينة في فوهة كوارث. فعلى سبيل المثال لا الحصر، حين تتأخر الجماعة في دفع مستحقات الشركتين المفوض لهما تدبير قطاع جمع الأزبال المنزلية، فهذا بالنسبة إلي أمر جلل، لأن المدينة قد تواجه، في أية لحظة توقف الخدمة العمومية، لأن الشركتين لا تتوفران على مؤونة لأداء رواتب المستخدمين وأداء مصاريف التسيير وتشغيل المعدات والشاحنات. عدم الوفاء بأداء التزامات مالية، قد تكون له مبررات، ولا يمكن إدراجه تحت بند "اختلال"... > من يقول ذلك، إنما يريد الهروب إلى الأمام، إذ ليس هناك اختلال في التدبير أكثر من تعريض خدمة عمومية بهذه الحساسية إلى التوقف، بمبررات قد تبدو واهية وغير مقنعة، كما لا أعتقد أن هناك أولوية أخرى، يمكن أن تكون أهم من توفير نفقة إجبارية، تتعلق بمستحقات شركتين تتكلفان بجمع أزبال البيضاويين. هل يمكن أن نعرف حجم المتأخرات؟ > لا يحضرني الرقم في هذه اللحظة، لكن أستطيع أن أقول إن الأمر يتعلق بمتأخرات بالملايير، استطاع المجلس الحالي تدبرها، وأداءها إلى الشركتين، كما استطاع أداء متأخرات شركة الحافلات، وتصفية أغلب المتأخرات المالية الأخرى، لأطرح السؤال الأهم بالنسبة لي، هو لماذا نجح المجلس الحالي، اليوم، في توفير هذه الأموال، بينما فشل الفريق السابق في ذلك سابقا، وكان يمكن فعل ذلك؟ أطرح هذا السؤال، لأني ملم بالسياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يشتغل فيه المجلس الحالي، الذي لا يمكن مقارنته مع سياق الرفاه الذي مارس فيه المجلس السابق. اطلعتُ على التشخيص الذي تبناه المكتب المسير الحالي في سياق إعداده لمشروع برنامج العمل، خصوصا في الشق المتعلق ببرنامج العمل السابق، فلاحظتُ أن التقييم قاس نوعا ما، نظرا إلى المعلن عنه سابقا... > المعلن عنه يمكن مناقشته، من منطلق المعيار المعتمد في تحديد حصيلة إنجاز المشاريع، وأعني وضع نسبة 40 في المائة من سلم الإنجاز في الخانة المتعلقة بتاريخ التوقيع على الاتفاقية، بمعنى أن مشروعا "ما" لم ينطلق فيه العمل بعد، لكن يحقق نسبة إنجاز تقترب من النصف (بقوة التوقيع)، بينما تحصل باقي الأشغال الأخرى على النسبة المتبقية. لهذا السبب، اعتمد التشخيص الذي قام به المكتب الحالي مقاربة أخرى، منحتنا فكرة تقريبية على نسبة المشاريع المنجزة في الواقع، التي لم تتجاوز 32 في المائة، وهي نسبة يمكن اعتمادها، بدليل أن المشاريع المتعلقة بالخطين الثالث والرابع للطرامواي لم تسلم إلى حد الآن، ومشاريع خطوط الحافلات عالية الجودة لم تسلم هي الأخرى، علما أن هذه المشاريع كانت إحدى الدعامات الكبرى لبرنامج العمل السابق. هل تشعرون أنكم مرتاحون (كحزب) في أول تجربة لكم في التسيير؟ > من يشعر بالارتياح والرضى في أي مجال عليه أن يحزم حقائبه ويرحل، أما أن تتكلف بتسيير البيضاء وتطلب شعورا من هذا النوع، فهذا لا يجوز، لأن التفسير الوحيد للارتياح، في هذ الحالة، هو أنك لم تعد تملك ما تضيف. تسيير مدينة بحجم البيضاء، ينبغي دائما أن يكون مصاحبا بشعور القلق الإيجابي على مصالح المواطنين وقضاياهم وانتظاراتهم، وتطرح السؤال باستمرار: ما العمل حتى أكون في مستوى هذه الانتظارات؟ وكيف سأترجمها إلى مشاريع وبرامج قابلة للتنفيذ في جميع المجالات؟ هذه الواقعية في التفكير، وربما في الحلم، هي التي تحرك مكونات الأغلبية الحالية والمكتب المسير الذي يشتغل في تجانس تام بين أعضائه، الذين يجتمعون ويناقشون ويختلفون، وقد يصطدمون أحيانا، وهو أمر عاد وطبيعي، في سياق ينتفي فيه منطق العشيرة والقبيلة، ويحضر منطق الحزب والاختلاف في المرجعيات وزوايا النظر المتقاطعة. لكن، يلاحظ أن حزبا واحدا تقريبا، يوجد في مرمى السهام، هو حزب الاستقلال، ربما لتجربته الطويلة في المعارضة مثلا... > قد تكون للأمر صلة بوجود الحزب في دائرة مراقبة واختبار ما بين القول (المعارضة) والفعل (التسيير)، لكن أعتقد أن هناك معطى آخر، يتعلق بقيمة التفويضات التي يتحمل مسؤوليتها نائبا العمدة المنتميان إلى الاستقلال، وهي تفويضات أساسية وحيوية لها أبعاد اجتماعية وبيئية مهمة، مثل قطاع النظافة ومختلف المجالات الأخرى المرتبطة به، ثم قطاع الممتلكات والشؤون القانونية، إذ لا تخفى اليوم أهمية الممتلكات في الدينامية العامة لتدبير المدينة، خصوصا في مجال له ارتباط بالعقار وأملاك الجماعة والتثمين والاستثمار وبنية المداخيل. خارج ذلك، أجزم بأن حزب الاستقلال إذا أحس أنه مستهدف من جهة، أو جهات "ما"، فلن يدخر أي جهد في المواجهة، ويستطيع أيضا أن يقوم بهذه المهمة باقتدار، والتاريخ خير شاهد. ما أنجز ليس جردا للممتلكات هل تتوقع أن تعمر معضلة قلة المداخيل طويلا؟ > قد تعمر في حالة واحدة إذا وضعنا كل بيض المدينة في سلة الضرائب والرسوم والإتاوات، وشخصيا دافعت عن موقف القطع مع هذه المقاربة، لفائدة مقاربة أخرى، هي تثمين الممتلكات. هل تملكون فعلا تصورا في هذا المجال، خارج التعبير عن النوايا؟ >النية أبلغ من العمل (يضحك). في هذا الموضوع، الذي ليس سهلا، ينبغي أن ننطلق انطلاقة صحيحة، وهي تجويد العمل المهم والجبار المتعلق بجرد بملفات ممتلكات الجماعة. كما قلت إنه عمل مهم وجبار، لكن غير كاف لرسم صورة كاملة ونهائية لجميع الممتلكات، لأن الأمر يتعلق بجرد ملفات ممتلكات (وليس الممتلكات في حد ذاتها)، إذ حدد دفتر التحملات العدد في 3 آلاف ملف فقط. المطلوب اليوم، استكمال هذا الورش المهم وتحيينه باستمرار، لأن منظومة الممتلكات الجماعية متحركة بطبيعتها، كما أن استكمال الجرد يعتبر ضرورة تدبيرية وقانونية ملزمة، قبل المرور إلى عمليات التصنيف والاستغلال والاستثمار، حسب نوع وطبيعة كل ملف. لهذا السبب رفعنا ميزانية الأحكام هذا التجانس التي تحدثت عنه، قد يصل إلى الباب المسدود في ظل وضعية الكفاف التي تعيشها مدينة لم تنجح، لحد الآن، في إيجاد وصفة لتنمية المداخيل لمواجهة ملفات التنمية والاستثمار... > هناك معطى بنيوي تنبغي الإشارة إليه، يتعلق بالحجم المهول لميزانية التسيير، إذ تجد المدينة في وضعية إلزام لأداء نفقات إجبارية، منها أجور ومستحقات الموظفين، والنظافة واتفاقيات شركات التنمية، ومنها أيضا نفقات الأحكام التي قررنا رفعها من حوالي 90 مليون درهم إلى 200 مليون درهم، بهدف القطع مع الأساليب السابقة التي كانت فيها "مصالح" الناس تتعطل بمبرر قلة المبلغ المرصود. اليوم، نتعامل مع الموضوع بشفافية أكبر، وتتم تسوية الملفات المنتهية قضائيا، باللجوء إلى نظام الأشطر، بالتشاور مع أصحابها، إذ انتهينا من معالجة عدد كبير من الملفات بهذه الطريقة. بالعودة إلى المداخيل، كان ممكنا أن تستفيد المدينة من موارد إضافية في الولاية السابقة، بدليل أن مجهودا بسيطا في التحصيل وتحريك بعض الملفات النائمة (مثلا 80 في المائة من المحلات التجارية لا تتوفر على ترخيص)، وتطهير متأخرات، مكن الجماعة من مداخيل مهمة وصلت إلى 4.2 ملايير درهم، علما أن هذا الرقم القياسي لم يسلم، هو الآخر، من "انتقادات"، من قبيل أن المداخيل قد تتجاوز هذا المستوى، باحتساب الموارد التي حُرمت منها المدينة بسبب "الإعفاءات" من منتوج الضريبة على الأراضي العارية. ما صحة هذا الموضوع، سيما أن أطرافا في المعارضة تملك ما يشبه معطيات عن وجود لوائح إعفاءات؟ > لم أسمع في حياتي تعبير مسؤول يتحدث عن "شبه معطيات". فإما أن تكون لك معطيات مؤكدة، وتستطيع أن ترافع بها، وتقنع بها، وتقدمها أدلة وحججا، أو تصمت. لا أرغب في التورط في "بوليميك" فارغ وأطرح سؤالا عن سبب "تواضع" المداخيل في السابق، رغم عدم وجود لوائح إعفاءات. هذا يحلينا على موضوع مهم، يتعلق بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في حق أصحاب أراض عارية، أدرجوا في لوائح التضريب خارج القانون، وفرض على الجماعة حاليا، اتخاذ إجراءات لتصحيح الوضعية بشكل حبي، حتى لا تجد نفسها أمام المحاكم. وأستطيع أن أدلي برقم خطير في هذا المجال هو أن نسبة الخطأ في عملية إحصاء الأراضي العارية وصلت إلى 50 في المائة، وهناك حالات لأصحاب عقارات يتوفرون على رخص للبناء، ومع ذلك طلب منهم أداء "تي.إن.بي"، ناهيك عن حالات أخرى لا يتسع المجال لذكرها. فالأمر لا يتعلق بأي إعفاء (تستحيل المغامرة بهذا الإجراء دون جزاء قانوني)، بل بتنظيف اللوائح من ملزمين غير حقيقيين، أو مفترى عليهم، وهناك فرق بين الإجراءين. ملف بهذا التعقيد، ألا يتطلب لجنة للتقصي، كما تطالب بذلك أطراف في المعارضة؟ > بل يتطلب أكثر من ذلك، أي عملية افتحاص وتفتيش من قبل الأجهزة المعنية، لأن هناك أمورا ينبغي أن يتم الكشف عنها، وتغطي السنوات الماضية. الاحتفاظ بالعقارات غير المبنية هدر للمال هل يندرج بقايا الطرق، أو العقارات غير القابلة للبناء في هذا الإطار؟ > توجد في صلب هذه العملية، لأن احتفاظ الجماعة بهذه العقارات يعتبر هدرا للمال العام، وحرمانا لخزينة المدينة من مداخيل مهمة، تتأتى عن طريق التفويت الذي يعتبر الوجه الأول من عملة واحدة، وجهها الثاني هو اقتناء عقارات لإقامة مشاريع. وفي هذا الإطار، شرعت الجماعة في إجراء إحصاء لمجموع العقارات غير القابلة للبناء، بشكل أولي في أفق تدقيقها من قبل مختصين وطوبوغرافيين وبتنسيق مع الوكالة الحضرية، وهو مجال لا يمكن التلاعب فيه. ومن يروج لذلك، فإما أنه جاهل بالقانون، أو عارف بالقانون ويتجاهله لغرض ما، لأنه يعلم أن الملك الجماعي، هو أصلا ملك للدولة محول للجماعة، ولا أعتقد أن هناك جهة حريصة على عدم التلاعب في أملاكها أكثر من الدولة نفسها. قد لا يكون تلاعب، لكن قد تكون محاباة أو انتقائية؟ > إن الانتقائية تكون في السر، لكن ما رأيك في أني وجهت إعلانا رسميا من منصة مجلس المدينة وعبر وسائل الإعلام، أقول إلى كل المواطنين الذين يرغبون في انتقاء بقايا طرق، أو عقار غير قابل للبناء، أن يطلبوا ذلك، ويفوت لهم، وفق الثمن الذي تحدده لجنة للتقويم، التي لا دخل للجماعة فيها. هذا الإعلان مهم جدا، وهو يقطع مع أي شكل من أشكال الانتقائية، أو المفاضلة بين الملفات، كما يعزز مبدئي الشفافية والوضوح. مشاريع لتثمين الممتلكات خارج بقايا الطرق، كيف تفكرون في استثمار باقي الممتلكات الأخرى؟ > لا نفكر، بل انطلق التخطيط، فعلا، في عدد من المشاريع (فيلات الزرقطوني وملعب فيليب، ومشروع المجازر القديمة، مشروع ملعب الأمل، مشروع المكتبة الوطنية بشارع الجيش الملكي، ومشروع سوق الجملة القديم بالصخور السوداء، وغيرها من المشاريع الأخرى التي نتوقع أن تدر الملايير على المدينة. بالموازاة، نشتغل على مخطط مديري لتدبير أملاك الجماعة متضمن في إطار مشروع برنامج العمل، يعتبر بمثابة خارطة طريق واضحة، كما نضع ضمن أهدافنا تفعيل شراكات مربحة مع القطاع الخاص. وتوفر الشراكة عام/خاص، إمكانيات هائلة للاستثمار بعائدات مالية مهمة سنويا، قد تغني عن مقاربة المداخيل المبنية على الضرائب، كما قد تعفي المدينة من اللجوء إلى الاقتراض الدولي مستقبلا، وهو اختيار عبرت عن رفضه، حين اقترح في إطار تمويل برنامج التنمية، وربطته بالمستقبل المالي للبيضاء في السنوات المقبلة. اتفاقية إطار تخططون لإرجاع شركات التنمية المحلية لبيت الطاعة.. > لا بيت طاعة ولا بيت وضوء (يضحك). نحن نتحمل مسؤولية التدبير في المدينة وهذه الشركات اعتبرتها نمطا من أنجع الأنماط الموجودة لحد الآن في مجال التدبير، لكن هناك مشاكل في مجال الانتداب (تنفيذ المشاريع) نحاول تجاوزها عبر آليات جديدة، حتى نساعد (لي.إس.دي.آل)، على التخلص من سياق التأسيس وتدخل إلى مرحلة الفعالية. اليوم، نشتغل على تصور لإعادة ضبط العلاقة مع شركات التنمية المحلية، في شكل اتفاقية إطار، أعتبرها شخصيا نقطة نظام، لأنها تنطلق أولا من توصيات المجلس الأعلى للحسابات وثانيا من القوانين ذات الصلة، ولا أعتقد أنه يوجد أحد يختلف على ذلك. وصادق مجلس المدينة على هذه الاتفاقية في دورة سابقة، وتوجد الآن موضوع تداول في انتظار مصادقة الشركات، في أفق انطلاق العمل في المرحلة المقبلة في إطار وضوح في العلاقة، وتصور عمل يستحضر مصلحة المدينة، أولا وأخيرا.