الشاعر الذي زرع حب الفلسفة وسط الأجيال خلفت وفاة الشاعر والكاتب عثمان بنعليلا، حزنا عميقا في أوساط أصدقائه المثقفين والإعلاميين والفنانين الذين عبروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن حجم خسارة هذا الاسم الذي ارتبط بعالم الثقافة والفكر والفن. بنعليلا الذي يعد أحد رواد الدرس الفلسفي واشتهر في أوساط تلاميذ ثانوية مولاي إسماعيل بالبيضاء، حيث درس أجيالا ظلت مدينة له بالعرفان والجميل في غرس "محبة الحكمة" في نفوسهم، وهو ما عكسته تدويناتهم على "فيسبوك" التي جاءت طافحة بالحب الغامر منهم الفنان محمد الشوبي وصديقه الناقد مصطفى العلواني وحسن نرايس وغيرهم. وكتب عنه تلميذه الناقد الفني عز الدين بوركة تدوينة جاء فيها "وداعا عثمان بنعليلا.. الأستاذ الذي تحول إلى صديق، بقدر المحبة المرصعة بقلبك النيّر.." وأضاف "وداعا أيها المبدع في الصمت والكلام.. الحامل في قلبه شعلة الحكمة ومحبتها.. الذي خبر المحن والشوارع والليل والمعارف وامتلك في يديه قبسا من الفرح المزهر.. هو الذي صار الآن نجمة قطبية تنير دروب الأصدقاء العابرين إلى متاهات الحياة ومدججين بٱمال يانعة.. وداعا بنعليلا الذي تحول بقدرة إله الحكمة إلى طاقة ونور، إلى محج تطوف حوله القلوب.. وداعاً أيها الذي رأيت بعين الأعمى ما لم يُر ولم تُر بقدر ما رأيت". وتابع "وداعاً عثمان بنعليلا الذي تحول إلى شجرة الآن ثمارها أينعت قبل الرحيل، ومعطاءة بقدر سعة قلبك الأزرق الصافي من شوائب صراعات الفراغ والفزاعات الهشة. خفيفة هشة وخفيفة من خصامات الحياة رحلت.. مدججا بقلوب أصدقائك ومحبيك..". أما الفنان مراد المهوري فكتب "الأستاذ عثمان بنعليلا يترجل عن صهوة الحياة رحل عنا أستاذ الفلسفة الذي تتلمذ على يده الكثيرون إبان فترة السبعينات والثمانينات، كان مغرما بمحبة الحكمة وكانت تربطه صداقة قوية بالمرحوم العربي باطما الذي أهداه قصيدة زجلية بعنوان "حوض النعناع" يقول فيها : أنت إيمانا بالحب أوراقنا مسقية بعينيك أنت بيتنا في القلب ساكنو يغير عليك". كما كتبت عنه الإعلامية والحقوقية مينة حوجيب قائلة "أعزي نفسي وأواسيها أولا، في أستاذي بنعليلا، الذي حبب إلي مادة الفلسفة، والذي درسني الأنساق الفلسفية لعدد من الفلاسفة العرب والرومان وغيرهم، مثل أرسطو وأفلاطون وابن سينا وابن رشد وهايدكر وكانط...، فضلا عن الحلاج والشهرستاني .. وغيرهم، هو من رسخ لدي مبدأ "لا أومن بلا كيف"، هو من علمني المنهج العلمي في التفاعل مع الإشكاليات والظواهر، حتى قبل أن تصير ظاهرة، هو من لقنني مبادئ منهجية التفكير وهو من زرع في روح النقد". وأضافت حوجيب "لقد كان الأستاذ عثمان بنعليلا نبراسا، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإلا ما كان تلامذة مولاي إسماعيل يتهافتون على حصصه، حتى وهم ليسوا ضمن الصف الذي يدرسه، إلى درجة أن الفصل يصير مكتظا، والأستاذ بنعليلا يتفاعل، دائما، إيجابا مع هذا الاكتظاظ، وبعقلية الأستاذ التربوي الأكاديمي الذي يشجع "تهافت" هؤلاء التلاميذ على الدرس الفلسفي. لقد كان فيلسوف زماني. لروحه السكينة والسلام والطمأنينة الأبدية". عزيز المجدوب