رئيسة جلسة بمحكمة عين السبع اختارت تغليب النصح على العقاب بعدما بشرت عائلاتهم بالإفراج عنهم تشهد جلسات المحاكمة بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، وقائع وأحداث تخلف وقعها على الحضور، من هيأة قضائية وممثل للنيابة العامة وكاتب ضبط ومحامين وعائلات المعتقلين والمتقاضين. بالمحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع بالبيضاء، لا تخلو قاعة الجلسات من أحداث إنسانية وطرائف تشكل كواليس تكسر الصورة النمطية المرتبطة برهبة المكان ووقاره، وهو ما ارتأت "الصباح"، مشاركته مع القراء لبسط الجانب الآخر من محاكمات المتهمين المتابعين بجنح مختلفة. الساعة الواحدة زوالا بقاعة الجلسات رقم 4 بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء، من الخميس الماضي، شرعت رئيسة الجلسة في الإعلان عن أرقام الملفات المعروضة أمامه للبت فيها، منادية في الوقت نفسه على أسماء المتهمين الذين يوجدون في حالة اعتقال، وكذا أسماء هيأة الدفاع التي تنوب عنهم وعن الضحايا. وخلال مرور الدقائق على جلسة المحكمة، أجلت رئيسة الجلسة مجموعة من الملفات إلى تواريخ لاحقة لأسباب تتعلق بعدم الجاهزية، أو لإعداد الدفاع وغيرها. صوت الحكمة في الوقت الذي كانت فيه رئيسة الجلسة تبت في مجموعة من الملفات، التي تتضمن جنحا مختلفة، وأمام اصطفاف عائلات المتهمين في المقاعد المخصصة للحضور، وحرص الأمهات والآباء على متابعة كل صغيرة وكبيرة من محاكمة فلذات أكبادهم، مصحوبين بمجموعة من الأهل والأصدقاء والجيران، شهدت القاعة 4 واقعة أماطت اللثام عن الجانب الإنساني للقضاة، الذين رغم هيبتهم المرتبطة بمنصبهم الحساس وما ترسخ في أذهان عامة الناس أنهم مصدر الأحكام القاسية و"التغراق في الحبس"، فإنهم يحرصون على تتويج مهامهم الجسيمة بترك العبرة والموعظة حتى لا تتكرر الأخطاء نفسها المؤدية للمحاكمة والمساءلة القضائية والإدانة. ومن خلال متابعة جلسات المحاكمات التي شهدتها القاعة 4، أظهرت إحدى القاضيات التي تترأس الجلسة، وهي منهمكة في البت في الملفات الموضوعة بين يديها، قبل أن تختار تغليب صوت الحكمة في أحكام الإدانة، التي تتعلق بملفات تورط فيها معتقلون أحداث، يوجدون رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي "عكاشة" بالمساهمته في التهذيب وإسداء النصح لتصحيح الأخطاء الناتجة عن التقصير في التربية. وبعد مراعاة الظروف الاجتماعية واستحضار ظروف التخفيف لأحد المتهمين تقررت إدانته بشهر نافذ. ومن الكلمات التي خلفت صدى إيجابيا في نفوس المتابعين مخاطبة القاضية المذكورة، إحدى أمهات المعتقلين الأحداث المتهم بالسرقة بالقول "نظرا لصغر سن المتهم وظروفه الاجتماعية قررت منحه فرصة أخرى على أساس إحضاره من الإصلاحية بعد قرار الإفراج عنه اليوم، ولكن شدو ولادكم ربيو ولادكم مايبقاوش إعاودو". ملفات كثيرة لا مجال للعطلة أمام كثرة الملفات المعروضة أمام القضاة، الذين يضطرون إلى رفع الجلسات عدة مرات، من أجل إعادة الأنفاس إلى الهيأة القضائية للقيام بواجبها على أكمل وجه، وكذا المعتقلين وعائلاتهم الذين كانوا يتصببون عرقا من الحرارة المفرطة التي عمت القاعة رغم برودة الطقس. هي ساعات طويلة قضتها الهيأة القضائية والمحامون، بدءا من عرض ملف المتهمين ومثولهم أمام القاضي للاستماع إليهم حتى موعد تأجيل الملف إلى جلسة لاحقة، بسبب غياب طرف ما أو منحهم فرصة توكيل محام للدفاع عنهم محمد بها طرائف الجلسات "كثرة الهم كضحك"، مثل مغربي يصلح إسقاطه على بعض كواليس المحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع، إذ رغم مشاهد بكاء أمهات وعائلات المعتقلين وكذا استنطاق المتهمين والتي تكسر صمت القاعة الرهيب، إلا أن قاعات بهو المحكمة شهدت واقعة طريفة أثارت انتباه المتقاضين وعائلات المعتقلين، الذين كانوا ينتظرون خارج القاعات لأسباب مختلفة، حرص أحد المحامين على التنقل بين قاعات الجلسات عن طريق الركض، إذ تارة يدخل القاعة 2 قبل أن يخرج منها مهرولا نحو القاعة 3، بسبب إنابته عن مجموعة من الموكلين في قضايا وملفات مختلفة، حرصا منه على عدم التغيب. أما في ما يخص الواقعة الطريفة الثانية، فهي إصرار بعض عائلات المعتقلين الذين يحاكمون عن بعد إلقاء التحية عليهم عبر الشاشة والمناداة باسمهم بصوت مرتفع، وهي السلوكات التي تثير غضب رجال الأمن المكلفين بالحراسة وأمن القاعة، إذ يبدؤون في طرد العائلات التي تخرق قانون متابعة ما يدور في جلسة المحكمة، إلا أنه بعد مرور لحظات يعود الأشخاص أنفسهم إلى المناداة على المعتقلين وتحيتهم، فيعاود رجال الأمن طردهم من جديد، ليتحول المشهد إلى لعبة القط والفأر، وهو ما يجعل بعضا من الحضور ينخرط في موجة من الضحك.