محامون ينتصرون للمصلحة العامة

كوثر جلال وجهاد أكرام شكلا صوتا مسموعا للرافضين لخطوات شل المحاكم من بين المحامين الذين قرروا الخروج للحديث بصوت عال لإعلان رفضهم لقرار مقاطعة الجلسات والتوقف عن العمل وتنبيه زملائهم بالتراجع عن خطوات لن تؤدي إلا إلى النفق المسدود، المحامية كوثر جلال عضو مجلس هيأة المحامين بالبيضاء التي فضلت تبني صيغ أخرى للاحتجاج لتحقيق مطالب رجال القانون، وفي الوقت نفسه للحفاظ على المصلحة العامة للمجتمع حتى لا تضيع حقوق الموكلين والمتقاضين. موقف المحامية كوثر الذي اعتبره عدد من زملائها معاكسا لتوجهاتهم و لقرارات الهيآت المهنية، أوضحت فيه الأسباب التي جعلتها وتجعلها تصر على رأيها المخالف، إذ قالت في رسالة بعثتها إلى من يهمهم الأمر، إن المجتمع المهني يعيش ضجة وحراكا كبيرين إثر التعديلات المقترحة على النظام الضريبي المطبق على المحامين من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2023، مشددة على أن الحكومة وجمعية هيآت المحامين بالمغرب في طريق مسدود. وأوضحت المحامية جلال أنها لم تستسغ قرار المقاطعة ولم تتقبله لأنه ضرب بعرض الحائط جميع المفاهيم القانونية، التي تؤمن بها «فالمحامون، بحسب المبدأ، نخبة المجتمع على اعتبار أنهم مثقفون يدافعون عن مبادئ العدالة وحقوق الإنسان ويسعون دائما إلى تكريس هذه المبادئ في دولة الحق والقانون». وقالت المتحدثة نفسها، كيف يمكن بلورة هذه الرسالة على أرض الواقع أمام العراقيل التي تواجه المهنة؟ فهل يتعين تبني الأشكال النضالية من إضراب وتوقف عن العمل؟ أم أن الأمر يقتضي فتح قنوات الحوار، ومحاولة الإقناع بالمحاججة وفقا للقانون الذي يلزم الجميع، بناء على معطيات موضوعية بما ينطوي على التوفيق بين المصلحة العامة للمجتمع والمصالح الخاصة للمحامين؟». ولتأكيد صحة موقفها المعارض، لجأت المحامية كوثر جلال إلى الاستعانة بالحجج والأدلة القانونية، التي تكشف وقوع زملائها في الخطأ خلال حماسهم في الدفاع عن مطالبهم، إذ قالت هل يعقل أن تدعو الهيآت والمؤسسات المهنية المحامين إلى مقاطعة الجلسات والتوقف عن العمل، في ظل ما تنص عليه المادة 39 من قانون المهنة من أنه «لا يجوز للمحامين في كل الأحوال أن يتفقوا، متواطئين في ما بينهم، على أن يتوقفوا، كليا، عن تقديم المساعدات الواجبة عليهم إزاء القضاء، سواء بالنسبة للجلسات أو الإجراءات»؟. وخاطبت المحامية زملاءها بصوت الحكمة بالتساؤل عن التزامات المحامي تجاه موكليه وتجاه المجتمع، مضيفة «ألا يسأل المحامي مدنيا وتأديبيا عن الضرر الحاصل لموكليه جراء مقاطعة الإجراءات والجلسات في الملفات التي ينوب فيها؟». ولفتت المحامية الانتباه إلى قضية مهمة، تتجلى في أن المحامي أضحى في ظل قرارات المقاطعة أمام خيارين اثنين، فإما الانضباط لقرار المؤسسة التي ينتمي إليها، مقابل خرق القانون والتعرض للمسؤولية المدنية والتأديبية عن أي ضرر قد يمس بحقوق ومصالح موكليه من جراء تقصيره في تنفيذ التزاماته، أو التقيد بالقانون وتنفيذ التزاماته المهنية، مع تحمل ضغط زملائه والمؤسسات المهنية، معتبرة أن الأمرين أحلاهما مر وهو ما يطرح سؤالا جوهريا حول من سيحمي المحامي. وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن الاحتماء بالقانون ليس ضعفا ولا خيانة، بل هو الأصل لأن السيادة للقانون، مشددة على أن قرار المقاطعة، قرار باطل قانونا لأنه يخالف نصا قانونيا ملزما لجميع المحامين بدون استثناء، بما فيها المؤسسات المهنية، نص أولى بالتطبيق من أي قرار آخر، خاصة أن الأمر يتعلق بقرار لا يكتسي أي صبغة تنظيمية ولا سلطة للمجلس في اتخاذه ولا يستند إلى أي سند قانون. وأضافت المحامية كوثر جلال «بل إن القرار ينطوي على تجاوز صارخ وصريح وواضح لقانون المهنة الذي يتعين علي، باعتباري عضوا لمجلس الهيأة، أن أسهر على حسن تطبيقه، فهذه هي المهمة الأولى التي انتخبت من أجلها، والتي لن أحيد عنها بغض النظر عن أي حسابات انتخابية ضيقة». وعلى المنوال نفسه، سار المحامي أكرام عضو هيأة المحامين بالبيضاء، الذي اختار بعث رسالة للنقيب الطاهر موافق، حول موضوع مقاطعة الجلسات والإجراءات، معبرا عن موقفه الرافض لخطوات شل المحاكم. وخاطب المحامي أكرام، نقيب هيأة المحامين بالبيضاء، أنه بعد انقضاء أسابيع على قرار المقاطعة، كان ينتظر أن تعدل المؤسسة عن قرارها، وأن تعود الأمور إلى نصابها، مشيرا إلى أنه رضخ في تلك المدة لقرار باطل خارق للقانون عديم الشرعية منعدم المشروعية. واعتبر أكرام أن قرار المقاطعة في ظاهره دفاع عن حق المواطن في الولوج للعدالة، إلا أنه صار في الواقع عائقا منع المتقاضي من اللجوء للقضاء، معتبرا أن الإضراب أريد له الضغط على خزينة الدولة عن طريق حرمانها من استخلاص الرسوم القضائية، وكأن قيمتها ستنخفض بتأخير إيداع المقالات أياما أو أسابيع أو حتى شهورا. وختم المحامي بهيأة البيضاء، رسالته بإعلام موقفه الثابت الرافض لقرار المقاطعة، مشددا على أنه لن يظل ساكتا ولا واقفا ولا مترقبا، ولا لقيود القرار خاضعا، مشيرا إلى أن المؤسسة تتحمل مسؤوليتها في ما يمكن أن يقع غدا. محمد بها

محامون ينتصرون للمصلحة العامة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

4 آلاف درهم لمربي فحول الأبقار

انخفاض حجم الرواج المينائي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات