مدونة الأسرة… اختلالات في التطبيق

الملك محمد السادس وضع خطوطا لا يمكن تجاوزها في مراجعة بعض بنودها لخص الملك محمد السادس في خطابه لمناسبة الذكرى 23 لجلوسه على العرش، السياق الذي أدى إلى مراجعة مدونة الأسرة بعد مرور 18 سنة على اعتمادها هو أن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها. ومن بينها، عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، سيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة، مازالت تعتقد أن هذه المدونة خاصة بالنساء، بالإضافة إلى الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة، والتي تتطلب مراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، مضيفا بالقول "وبصفتي أمير المؤمنين فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية"، في إشارة دالة إلى النقاش الدائر بشأن مسألة المساواة في الإرث، مضيفا "من هنا، نحرص أن يتم ذلك، في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية". هذه النقاط تحدد بشكل كبير الغاية من مراجعة مدونة الأسرة، والتي سبق أن نادت بها العديد من المنظمات النسائية، إلا أن الخوض فيها كان يتطلب تدخلا ملكيا، كما سبق أن أكده عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الذي أكد في وقت سابق أن النقاش في شأن تعديل مدونة الأسرة، إثر النقاشات التي أثيرت، أخيرا، والداعية إلى ضرورة تعديل بعض بنودها بشكل يتوافق مع التطورات التي يشهدها المجتمع، ولتدارك بعض الهفوات بالقول إن "هذا القانون تم عبر توافقات بين الجهات الدينية المتخصصة، والجهات التشريعية المتخصصة، ثم حضور المجتمع المدني والتمثيلية السياسية تحت إشراف الملك، لأنه يدخل ضمن المجال الديني المحتكر لجلالته، ومن ثم لا يمكن تعديل قانون الأسرة إلا في إطار هذا المسار، وبناء على هذه الطريقة التوافقية تحت إشراف الملك". ويرى المهتمون أن الخطاب الملكي وضع الإطار الذي يقتضي التدخل فيه والذي يتمثل في الاختلالات التي شابت التطبيق والهفوات في الشق المتعلق بالمادة 16 والتي شكلت فترة انتقالية بشأن ثبوت الزوجية واستمرت في فترات سماح، يتم تجديدها كل خمس سنوات إلى أن انتهى العمل بها في 2019 ليترك الفراغ بشأن هذه النقطة أمام رفض المحاكم لتلك القضايا واجتهادات محكمة النقض التي سارت عكس ذلك. الحدود التي وضعها الخطاب الملكي في شأن تعديل مدونة الأسرة خصت عدم المس بما أحل الله وما حرمه، وهو ما أكده أشرف منصور جدوي، محام بهيأة البيضاء، بأن الأمور التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، وهو ما يعني أنه على سبيل المثال مسألة المساواة في الارث انتهى الكلام بشأنها، بل وإذا كانت الدساتير تتحدث عن نصوص صلبة أو جامدة فإن النصوص المتعلقة بالإرث داخل مدونة الأسرة يمكن اعتبارها كذلك نصوصا جامدة. ووردت في الخطاب الملكي مراجعة بعض البنود التي تبين قصورها في حماية الأسرة ككل والعمل على الاجتهاد المنفتح ومراعاة مقاصد الشريعة الاسلامية السمحة ولا يحد في ذلك إلا حدان، عدم مخالفة نصوص قرآنية قطعية وعدم تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله. وارتفعت أصوات منذ مدة مطالبة بضرورة تعديل مدونة الأسرة، والحسم في بعض النقاط، كما هو الشأن بالنسبة إلى اعتماد أهلية الزواج في 18 سنة كاملة، وإلغاء الاستثناء الذي أصبح قاعدة، ووضع نظام قانوني يضمن للزوجة جميع حقوقها في الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية، وإدماج نظام الكد والسعاية حقا مشروعا للمطلقة وتنظيم شروط وضوابط الاستفادة منه. حقوق النساء من النقاط التي أثيرت بشكل حاد هي أن مدونة الأسرة بصيغتها الحالية لم تعد تستجيب لا للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولا للدور المحوري، الذي أصبحت تلعبه النساء في تدبير الأسر وإعالتها، ولا للسياق السياسي والدستوري، ولا للالتزامات الدولية، التي صادق عليها المغرب. وطالبت تلك الأصوات بضرورة التنصيص على حق الأم في النيابة الشرعية على أبنائها إلى جانب الأب، واعتبار الأب والأم متساويين معا في الولاية القانونية على أبنائهما، وتحصين حق الأم في الحضانة، مع اعتبار المصلحة الفضلى للطفل هي الأساس في كل نزاع حول مسألة الحضانة، وليس زواج الأم أو عقيدتها أو وضعها المادي، وتمكين الزوجة من تتبع إجراءات انتقال الأبناء، في حالة الطرد من بيت الزوجية أو التطليق وذلك من المؤسسات التعليمية التي يتمدرسون بها. كريمة مصلي

مدونة الأسرة… اختلالات في التطبيق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لمروجي شهب اصطناعية بفاس

سطات... عاصمة الشاوية المنسية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات