مسيرة متواصلة من مسلسل استكمال الوحدة الترابية وكسب رهان التنمية الاقتصادية تمثل ذكرى عيد الاستقلال إحدى المحطات المضيئة في تاريخ المغرب الحديث، إذ جسدت انتصارا للملك والحركة الوطنية والمقاومة المسلحة، ونضال الشعب، في معركة طويلة، إحقاقا للحرية والكرامة واسترجاعا للحق المسلوب. في 15 أبريل 1957، تم استرجاع طرفاية التي ظلت محتلة من المستعمر الإسباني، بعد حصول المغرب على استقلاله غداة عودة الملك محمد الخامس والعائلة الملكية من المنفى إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955، وإعلان انتهاء عهد الحجر والحماية، وإشراقة شمس الحرية والاستقلال في خطابه التاريخي ليوم 18 نونبر 1955، وإعلانه بشكل رسمي في 18 نونبر 1956. كما شكلت محطة استرجاع طرفاية إلى الوطن بداية مرحلة أخرى من مسلسل تحرير الأقاليم والأراضي المحتلة التي أفرزها التقسيم والتجزئة وتفتيت الكيان الوطني، الذي فرضته القوى الاستعمارية لبسط نفوذها على المغرب. وقد تم اقتطاع الجزء الشمالي من الوطن لوضعه تحت سلطة الحماية الإسبانية، وإخضاع مناطق في وسط البلاد وجنوبها لنظام الحماية الفرنسية، إلى تشطير وبتر الأقاليم الجنوبية منذ مؤتمر مدريد في 1880 لجعلها مستعمرة تحت النفوذ الإسباني، لكن المغاربة لم يتوقفوا عن المواجهة لاسترجاع الأرض. ومباشرة بعد المفاوضات الثلاث الأولى ما بين 3 مارس و9 شتنبر 1956، والتي أعقبها الإعلان عن الاستقلال، استأثر الاهتمام بمواصلة الكفاح الوطني من أجل تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة بالجنوب المغربي، مثل طرفاية، وسيدي إفني، والأقاليم الجنوبية بالساقية الحمراء ووادي الذهب. وتميزت زيارة الملك محمد الخامس، لورزازات وزاكورة بالخطاب التاريخي لمحاميد الغزلان يوم 26 فبراير 1957، معلنا بذلك إيذانا بمواصلة مسيرة التحرير الوطني واستكمال الوحدة الترابية، والاستجابة للشرعية التاريخية وإرادة السكان الذين عبروا على لسان وفود القبائل الصحراوية عن تجديد البيعة، وتمسكهم بمغربيتهم وبانتمائهم الوطني، وقال الملك محمد السادس في خطاب 6 نونبر 2017 بمناسبة تخليد ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة "إن خطاب محاميد الغزلان التاريخي يحمل أكثر من دلالة، إذ شكل محطة بارزة في مسار استكمال الوحدة الترابية، وأكد حقيقة واحدة لا يمكن لأي أحد إنكارها، هي مغربية الصحراء، وتشبث الشعب المغربي بأرضه". كما جسد استرجـــاع إقليم طرفاية في 1958، محطة بارزة على درب النضــال الوطني من أجل استكمال الوحدة الترابية، إذ أوفد جلالة الملك محمد الخامس الأمير مولاي الحسن للإشراف بنفسه على مراسم تسليم السلطات المدنية والعسكرية بطرفاية، إيذانا باسترجاعها إلى الوطن. وتمكن مجاهدو قبائل آيت باعمران من إجبار القوات الإسبانية على مغادرة سيدي إيفني، في مواجهات بطولية شهدتها معارك ضارية في "تبلكوكت"، و"بيزري"، و"بورصاص"، و"تيغزة"، و"امللو"، و"بيجارفن"، و"سيدي محمد بن داوود"، و"ألالن"، و"تموشا"، ثم المعركة الكبرى بـ"سيدي إيفني". أحمد الأرقام