الوداديات السكنية… الاحتيال الممنهج

مشاريع أسقطت آلاف الضحايا وضعف مراقبة السلطات يزيد من جشع المتورطين تتكرر مآسي النصب على المنخرطين في الوداديات السكنية، وتتضاعف محنهم أكثر، عندما تصل إلى المحاكم الجنحية مشاكل هذه الجمعيات الخاضعة لظهير الحريات العامة، والتي تعرف بأنها اتفاق لتحقيق تعاون مستمر ما بين شخص أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح في ما بينهم. وغالبا ما تتعامل المحاكم الزجرية بالتشدد وتأمر بالاعتقال، لتزداد الودادية السكنية تأزما بسبب توقف سداد القروض وإحجام المقاولين عن مواصلة البناء وغيرها من الانعكاسات السلبية، سيما أن الرئيس هو الآمر الناهي، وفي غيابه تبعثر أوراق المشروع وقد يصل إلى الحجز على العقار من قبل البنوك وبيعه بالمزاد لاسترداد ديونها وتضيع أحلام المستفيدين.وتتطلب معالجة ملفات الوداديات طريقة خاصة تضمن فيها المحكمة استمرار إنجاز المشروع وردع المخالفين للقانون، لضمان حقوق الناس. وتنطلق مصائب الوداديات، عندما يتحول رؤساؤها وأمناؤها، إلى منعشين عقاريين، وينسون أنه يمنع عليهم التربح من هذه المشاريع، بل يتخذون من أموال المنخرطين رأسمالا لاقتناء عقارات أخرى وفتح مشاريع سكنية جديدة بمنخرطين جدد، دون إكمال المشروع السابق، وفي غياب تام لمراقبة المسؤولين بالعمالة، سيما الأقسام المشرفة على تتبع عمل الوداديات، لتتراكم المشاكل وتتجاوز الآجال مددها، قبل أن تنفجر الاحتجاجات. وتكررت هذه المشاهد في منطقة بنسليمان وخريبكة والبيضاء وغيرها من المدن، دون أن يتدخل المشرع لوضع نصوص جديدة تؤطر هذه الجمعيات وتمنع مكاتبها من فتح أكثر من ودادية أو تلزمهم بإيداع الانخراطات والتسبيقات بطريقة تضيق التلاعب فيها وتضمن صرفها في أهداف الودادية، المنصوص عليها في قانونها الأساسي. المصطفى صفر التلاعب يطول المحاربين اختلاس خمسة ملايير في مشروع سكني على 48 هكتارا والقضاء اعتبرها جريمة مالية لم يسلم المحاربون بالصحراء من النصب عليهم سواء من قبل زملائهم الذين حصلوا على للتقاعد، بعد تلاعبات همت مشروعا سكنيا ضخما تبين أنه وهمي كان سيؤوي المئات من الجنود بإقليم الخميسات على 48 هكتارا، لكن المشروع ظل على الأوراق فقط. و تفجرت فضيحة استيلاء أعضاء مكتب سابقين على حوالي 5 مليارات من الحساب البنكي لودادية، وأودع قاضي التحقيق بالغرفة الأولى، 12 موقوفا رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالمدينة، قصد استنطاقهم في تهم التزوير في محررات عرفية وخيانة الأمانة والتصرف في مال مشترك بسوء نية والنصب والمشاركة في ذلك، كل حسب المنسوب إليه في الملف. لكن مجريات الأبحاث القضائية اعتبرت أن هناك دعما ماليا من قبل الدولة عبر المندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير، لإنشاء هذا المركب السكني، قبل أن يتبين أن الأموال ذهبت في اتجاه آخر، وهو ما يشكل جريمة مالية ترتبط بالاختلاس وتبديد أموال عمومية، وبعدها حولت النيابة العامة القضية بمعتقليها نحو مكتب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط من أجل الاختصاص في النازلة، ولم يعد الأمر مرتبطا بالنصب وخيانة الأمانة، بل انتقل إلى جرائم مالية أكثر خطورة. وتبين أن الودادية السكنية انبثقت من جمعية قدماء المحاربين، والتي فوتت للودادية 39 هكتارا، وبعدها 9 هكتارات، بثمن 3 دراهم للمتر المربع، وتقرر تشييد بقع مجهزة بمنطقة تيداس، وبعدها فتحت الودادية باب الانخراط للراغبين في الحصول على بقع أرضية مجهزة، ووصل عدد المنخرطين إلى حوالي 2100، قبل أن يكتشف المكتب الجديد للودادية فور انتخابه خروقات قانونية خطيرة، كما شمل التجهيز تحويل مساحات خضراء ومسجد إلى بقع أرضية، وهو ما يخالف تصميم التهيئة. ووجد المتهمون أنفسهم أمام شكاية معززة بالوثائق لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تفيد ارتكاب أعضاء مكتب الودادية السابق جرائم خطيرة، وبعد اطلاعه عليها أحالها على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالخميسات للاختصاص، فأسند مهمة الأبحاث التمهيدية للفصيلة القضائية للدرك الملكي بالمدينة، التي أوقفت المشتبه فيهم، وقرر قاضي التحقيق بالغرفة الأولى إيداع أعضاء المكتب وهم عسكريون متقاعدون برتب مختلفة ومقاولون، وموظف بالبلدية الذي وقع على عقود عرفية، الاعتقال الاحتياطي، كما متع ثلاثة أشخاص بالسراح المؤقت، ولاذ بالفرار شخصان آخران، وهو ما رفع عدد المشتبه فيهم إلى 17 شخصا. وحسب تصريحات بعض الضحايا جرى الاتفاق على دفع الانخراطات بقيمة تتراوح بين 6000 درهم و20 ألفا، ضمنها مصاريف التزود بالماء والكهرباء، قبل أن يسقطوا ضحية نصب واحتيال، وقرر المكتب الجديد عرض القضية على القضاء لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، كما شرع بعض المنخرطين في بيع بقعهم قبل الانتهاء من الإجراءات القانونية. وتبين من خلال التشخيص الأولي لمصاريف التجهيز حسب خبرة مقاول جرى تكليفه بإتمام العملية، أن المصاريف تراوحت ما بين 320 و340 مليون سنتيم، في الوقت الذي وصلت فيه مداخيل الانخراطات إلى حوالي 5 مليارات، ورفض المقاول الثالث استكمال العملية، بعد اعتقال مقاولين سابقين. كما تبين أن جمعية قدماء المحاربين لم تحصل على ثمن تفويتها ل48 هكتارا مقابل ثمن رمزي قدره 3 دراهم. وأثناء الاستماع إلى المتهمين في الوقائع تبادلوا الاتهامات فيما بينهم ليقرر قاضي التحقيق إيداعهم السجن، ونقلوا من سجن تيفلت نحو العرجات 3، بعد تكييف وقائع النازلة إلى جريمة مالية. وفي الوقت الذي فوتت فيه جمعية المحاربين أموالا تابعة للدولة وجرى السطو عليها، ترفض جمعيات للأعمال الاجتماعية تابعة القطاعات حكومية الدخول في مشاريع الوداديات السكنية، خوفا من الملاحقة أمام قضاء جرائم الأموال. عبد الحليم لعريبي

الوداديات السكنية… الاحتيال الممنهج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كواليس خطة لاستعادة هيبة الجامعة

بني ملال... البؤس والجمال

مقالات ذات صلة