حكمة المال في عرف الفلاسفة

كتاب لباسكال بروكنر يتأمل حضور المادة في الحياة اليومية في كتابه "حكمة المال" يرى الكاتب الفرنسي باسكال بروكنر أن المال يتقدم من حيث الأهمية حيث تتراجع الحكمة، بمعنى أنه كلما تراجعت فضيلة الحكمة وتقلص دورها، تقدم المال في احتلال مواقع التأثير الأولى. ويشكل هذا الكتاب قراءة في حضور المال في حياة الناس، ضمن إطار دقيق، وهو صدى الأزمات الاقتصادية التي تهز العالم. والمال، بالنسبة إلى المؤلف، "وعد يبحث عن حكمة"، مقولة يعود بها إلى جذور فكرة المال تاريخيا، حيث استعملت هذه الأداة لإنهاء الصعوبات التي كانت تخلقها المقايضة باعتبارها نظام التبادل الاقتصادي في المجتمعات البدائية. غير أن المال منذ أن وُجد، عنصرا يستطيع مقايضة أي عنصر آخر، تحوّل إلى "وعد"، إذ أن من يضعه "في جيبه" بات قادراً (وفي حدوده) على توفير حاجياته. الوقوف عند هذه النقطة هو قفزة من المستوى المجتمعي الاقتصادي، إلى أعماق النفس البشرية. فما هي الحاجة الإنسانية؟ إنها عالم لا يكاد يقع له أحد على قرار، يتفرّع إلى متاهات الرغبات الجسدية والعاطفية والنفسية والغرائزية والاجتماعية. يوظّف بروكنر زوايا النظر هذه ليفكّر في "المال" اليوم؛ زمن تتلاطم فيه الأخبار عن أزمات اقتصادية عالمية وإقليمية ومحلية، من أزمة العقارات في 2008 التي تحوّلت إلى أزمة عالمية، إلى إجراءات التقشف الحكومي في اليونان. هذه الأوضاع، وتوسّع الحديث عنها في الإعلام، تُدخل إلى معادلة الفهم الإنساني للمال (وبالتالي علاقته مع معظم الأشياء) أبعادا إضافية تربط الفردي بالكوني. يطرح بروكنر مقولة طريفة وهي أن "المال يجعل من أيّ كان فيلسوفاً رغم أنفه"، حيث يرى أن خاصية المال كـ "وعد" بالمعنى الذي طرحه، جعلته أداة تضع الإنسان مباشرة أمام "معضلة" اتخاذ قرار، هذا القرار الذي تتجمّع فيه كل مهاراته وخبراته ومعتقداته (ومنها معتقداته حول حاجياته). ألم يقل الفلاسفة، سارتر بالأساس، بأن هذه القرارات اليومية والاختيارات هي التي تصنع "الإنسان"؟ واستخدم بروكنر مصطلح "الحكمة" في عنوان الكتاب وهي حاضرة في تعريف الفلسفة لنفسها. ولتوضيح فكرته أكثر، يكشف المؤلف جناسا في اللغة الفرنسية (تشابه في كلمات: "تفكير" و"إنفاق" جاعلاً من أبسط ما نقوم به وأهونه: الإنفاق، نوعا من "الفلسفة الصامتة" على حد تعبير المفكر الفرنسي جان توسان دي سانتي، الذي قال بأن جهود العلماء في اختصاصتهم تتضمن اشتغالا فلسفيا، رغم ابتعادهم عن لغة الفلسفة وأدواتها. بروكنر يذهب أبعد، فيجعل كل عملية شراء، على بساطتها، تفلسفا. عزيز المجدوب

صفقات أسلحة بقاعات تدليك

التحقيق في "إحسان" برلماني بمليارين

مقالات ذات صلة