فرصـة ذهبيـة للربـح السريـع

بولحدو: الجشع وراء الزيادة في أثمنة اللوازم ورسوم الدراسة قال عبد الكريم بولحدو، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، إن الدخول المدرسي في مجتمعنا أصبح فرصة ذهبية للربح المنضبط وغير المنضبط، بعدما صار التعليم سوقا للمتاجرة والمضاربة في ظل سيادة مظاهر ثقافة الجشع، بدل أن يكون مجالا حيويا للعلم والثقافة. وتحدث في هذا الحوار حول مواضيع أخرى متنوعة ذات صلة ب»بيزنيس» الدخول المدرسي. أجرى الحوار: حميد الأبيض (فاس) < إن إشكالات الدخول المدرسي متعددة بأبعاد مركبة وذات تداعيات مختلفة على مكونات المنظومة التربوية التكوينية ومكوناتها المختلفة، وبينها الأسعار والرسوم. إن تقييم الدخول المدرسي الحالي وقراءته في ظل الأزمة الاجتماعية الخانقة والضاغطة على جيوب وقلوب المواطنين، ينبغي ألا يفصل عن سياق أزمتنا الثقافية والقيمية المتسمة بهيمنة قيم تقدس ثنائية الربح والمادة، على حساب ثنائية الإنسان والضمير، وتولدت جراء هذا المسلك الخطير سلوكات الجشع والشره والاحتكار على حساب قيم التضامن والتعاون والعدل. وأضحى الدخول المدرسي في مجتمعنا، فرصة ذهبية للربح وأصبحت الأسر المغربية، وللأسف الشديد، زبونا للبيع والشراء عوض أن تكون شريكا في صناعة الأجيال وبناء الأوطان، وصار التعليم سوقا للمتاجرة والمضاربة، بدل أن يكون مجالا حيويا للعلم والثقافة. < القاعدة العامة تقضي بأن كل أمر مفروض فهو مرفوض من حيث المبدأ والأساس، ولا شك أن الزيادات الحالية في اللوازم المدرسية هي أمر مفروض فرضته تداعيات السياق الاقتصادي الدولي وضغوطاته الحارقة من جهة، ونفخت فيه وزادت عليه إرادة الجشع والاسترزاق والاغتناء غير المشروع لدى بعض اللوبيات المتحكمة في زر الأسعار، والمهيمنة على سوق البشر والشجر والحجر من جهة ثانية، وبالتالي فهي زيادات، في نظري، مرفوضة وغير مقبولة، ولا ينبغي أن تتحمل وزرها وعبأها الأسر المغربية التي تركت تواجه مصيرها عارية الصدر أمام سهام الجشع ونبال الطمع لبعض اللوبيات، التي امتهنت المتاجرة في آلام ومعاناة المواطن المقهور. فالحكومة المخولة بوضع وتنفيذ وتتبع السياسات العمومية، تبقى مسؤولة دستوريا وقانونيا وأخلاقيا عن وظيفتها الإجتماعية تجاه المواطن، ومسؤوليتها الاجتماعية تفرض عليها حماية القدرة الشرائية للمواطنين. < هذا السؤال يسلط الضوء على واقع المدرسة الخصوصية في علاقتها بالمتمدرسين، هل هي علاقة تكوين وتأطير وتربية وصناعة لأجيال الغد ورجال المستقبل؟ أم هي علاقة متاجرة واستغلال واستغناء؟، كما يسائل وظائف هذه المدرسة في علاقتها بالمنظومة التربوية التكوينية، هل هي وظائف شراكة في تجويد مخرجات المنظومة التربوية التكوينية، وإسهام في تطوير نتائجها المستقبلية؟ أم هي وظائف استثمار مادي في قطاع حيوي يفترض فيه أن يؤمن خدمات التعليم والتربية والتأطير للمواطن من منطلق كونها حقوقا دستورية يكفلها الدستور الذي يعد أسمى وثيقة تعاقدية بين مكونات المجتمع؟ والملاحظ أثناء تمحيص فرضيات هذه الأسئلة على أرض الواقع، أن جزءا من هذه المدارس، ولا أقول كلها، ما زال لم يع جيدا وظيفته المجتمعية، وما زال لم يستوعب منزلته ومكانته داخل المنظومة التربوية التكوينية، فبعض المدارس الخصوصية التي استفردت هذه السنة بزيادات صاروخية ملتبسة وغير مبررة في رسوم التسجيل، ومبالغ الواجبات الشهرية، وأثمنة اللوازم المدرسية المفروضة أحيانا، هي مؤسسات لا تقدس وظيفتها التربوية والتأطيرية. < طبعا للمحفظة كلفة كبيرة تثقل كواهل الأسر، وتزيد من معاناتها، ولا أدل على ذلك حجم القلق النفسي والاجتماعي، الذي يسود إبان الدخول المدرسي، وهو قلق يعبر في نهاية المطاف عن وجود معاناة حقيقية لدى أسر المتمدرسين، التي يبقى همها الوحيد هو تأمين مستلزمات الدراسة، وواجبات التسجيل لفلذات أكبادها. طبعا هذه المعاناة تتباين حدتها بين التعليمين العمومي والخصوصي، إذ تزيد وطأتها في التعليم الخصوصي الذي يحدد لوازم الدراسة في نهاية السنة، وتطول لائحة المستلزمات فيه، وتتنوع، ناهيك عن ارتفاع أثمنة المقررات والكتب الدراسية المبرمجة في المؤسسات الخصوصية. وفي التعليم العمومي إذا ما استثنينا الوقع الإيجابي للمبادرة الملكية مليون محفظة التي أطلقها صاحب الجلالة خلال 2008، ويستفيد منها تلاميذ السلكين الابتدائي والإعدادي خاصة بالعالم القروي، فإن معاناة أسر التعليم العمومي لا تقل وطأة ولا حدة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفوارق الاجتماعية بين أسر التعليم العمومي وأسر التعليم الخصوصي. وتلجأ بعض الأسر إلى الاقتراض لسداد فاتورة المحفظة ورسوم التسجيل، وهو ما يدخلها في متاهات مستجدة وغير مأمونة العواقب هي الأخرى. < مما لاشك فيه أن الزجر والردع يعد أحد المقاصد الأساسية لوضع التشريعات والقوانين على اختلافها، وكذلك فإن التهاون في تطبيق القانون والتغاضي عن إعماله يعد أكبر المزالق التي تشيع الفوضى وتهدم سيادة القانون. وفي هذا الاتجاه ثمة بعض الملاحظات التي تسجل على أجهزة المراقبة والزجر داخل هذا القطاع، منها الارتفاع الصاروخي لرسوم وواجبات التسجيل ببعض المؤسسات الخصوصية، وتفاوتها من مؤسسة لأخرى، ومنها إلزام الأسر بأداء واجبات عن خدمات لم يستفد منها أبناؤها، كما حصل في يوليوز الأخير حين ألزمت بعض المؤسسات متمدرسيها بأداء واجبات التدريس عن هذا الشهر، الذي خصص بعضه للامتحانات فقط، ومنها تعمد بعض المؤسسات إقرار كتب مدرسية باهظة الثمن، أو إلزام الأسر بأداء واجبات تأمينات غير معلنة بنودها وتفاصيلها ... لذلك ما زال هذا الجانب محتاجا إلى ضبط وتقييد يبدأ بإقرار قوانين جديدة ومنصفة للأطراف كلها، ويمر بالحرص على تنفيذ هذه القواعد وتنزيلها، وينتهي بإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وترتيب الجزاءات المناسبة عن خرقها. تسقيف لمصلحة ثلاثية الأبعاد < مما لا شك فيه أن قطاع التعليم يعد القطاع الحيوي الأول الذي يحتاج الاستثمار فيه إلى حزم وضبط، لأنه استثمار في الرأسمال البشري الخادم للأوطان والباني للعمران، لذلك فهامش الربح في هذا الاتجاه يجب أن يخضع لمبدأ تسقيف معقول يعيد القطار إلى سكته الصحيحة بما يحمي جيوب الأسر من الجشع والغلاء، ويضمن حق المستثمر في توفير هامش ربح معقول وغير مبالغ فيه. والتسقيف المقصود والمطلوب هو تسقيف يراعي مصلحة ثلاثية الأبعاد والاتجاهات، تتمثل في مصلحة الأسر والمتمدرسين، من خلال حمايتها ودعم قدرتها الشرائية في مواجهة موجات الغلاء وارتفاع الأسعار، وتأتي في المقام الثاني مصلحة المستثمر في توفير هامش ربح لفائدته معقول ومشجع على استمرار العرض وزيادته، وأخيرا مصلحة المجتمع في تجويد العرض التربوي وتنويعه، وتحسين مخرجاته الكبرى، وعلى رأسها صناعة الإنسان الفاعل بعلمه وقيمه وثقافته.

فرصـة ذهبيـة للربـح السريـع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأسر تنفق 1955 مليارا

"العافية" في رسوم التسجيل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات