أستاذ العلاقات الدولية أكد أن باريس تتصرف دولة استعمارية وتغيظها الانتصارات الدبلوماسية قال هشام بوطيبة، أستاذ العلاقات الدولية، إن فرنسا ما زالت تتصرف بمنطق المستعمر، وإن القرارات السيادية للمغرب تقض مضجعها، إذ لا ينتظر موافقتها في اتخاذ قرارات دولية، سيما في علاقاته مع دول جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي كان واضحا للتمييز بين الصديق من العدو وأن زيارة ماكرون إلى الجزائر، زيارة لأرض فرنسية. كيف تنظر للعلاقة المغربية الفرنسية بعد نهاية الحماية؟ سؤال في الأصل أثارني، لأنه تطرق لعبارة الحماية وليس الاستعمار، وهذه نقطة مهمة جدا، لكن للأسف، أساتذة التاريخ لا يلقنون التلاميذ أن المغرب لم يكن قط مستعمرا، بل إن المغرب دولة ذات سيادة وقعت اتفاقية حماية مع دولة أخرى ذات سيادة بدورها، وهذا يعني أن المغرب لم يفقد سيادته، وهذه رسالة يجب استغلالها من أجل تقوية الهوية لدى المغاربة. الحديث عن العلاقات المغربية الفرنسية بعد الحماية، في رأيي الخاص، يخص مرحلتين، الأولى مرحلة الملك الراحل الحسن الثاني، كان فيها المغرب يحاول بناء نفسه بعد انتهاء الحماية، عبر إنشاء دولة المؤسسات واحترام حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، وخلال هذه المرحلة، كان المغرب يرى في علاقته مع الاتحاد الأوربي، أن فرنسا شريك رئيسي، أما بخصوص علاقته مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، من وجهة نظري الخاصة، كانت فرنسا تفرض نوعا من الحصار على أي دولة تحاول أن تبني علاقات اقتصادية مع أي دولة إفريقية، من بينها المغرب أيضا. هل تغيرت هذه النظرة في عهد محمد السادس؟ خلال فترة الملك محمد السادس، أدرك المغرب أهميته على المستوى الدولي، وأنه قنطرة رئيسية بين إفريقيا جنوب الصحراء وأوربا. وخلال هذه المرحلة أثبت فيها المغرب أن ما يجمعه بإفريقيا هو أقوى بما يجمعه بفرنسا، والعكس، أي أن ما يجمع فرنسا بدول جنوب الصحراء أضعف مقارنة مع المغرب، كيف ذلك؟، ما يجمع المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء مسائل لا تتوفر عليها فرنسا ولا أي دولة أخرى، والحديث هنا عن روابط دينية متجذرة في التاريخ، يكفي الحديث عن الزاوية التيجانية والدرقاوية والتي لها امتدادات وحضور وازن في العديد من دول جنوب الصحراء، ما مكن المغرب من قوة لا تضاهيها أي قوة في العالم، وهذا ما مهد له الطريق أن يصبح دولة تفرض نفسها مؤسساتيا واقتصاديا وسياسيا في إفريقيا جنوب الصحراء. لماذا توترت العلاقة بين الطرفين؟ الوضع الحالي يقض مضجع فرنسا، والدليل على ذلك أن المغرب لا ينتظر موافقة فرنسا لربط علاقات في إفريقيا، بل بالعكس كل قراراته سيادية، وهذا ما أحرج الفرنسيين، الذين ما زالوا يتعاملون بمنطق المستعمر، والدليل واقعة إخضاع وزير الخارجية الأسبق صلاح الدين مزوار للتفتيش بمطار شارل دغول، حيث تم ضرب جميع الأعراف الدبلوماسية عرض الحائط، والسبب عدم تقبلهم أن المغرب صار مستقلا في اتخاذ قراراته على المستوى الدولي. الخطاب الملكي اعتبر الصحراء معيارا للتمييز بين الصديق والعدو، ما موقع فرنسا من ذلك؟ الخطاب الملكي كان صريحا وذكرني بخطاب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، خلال هجمات 11 شتنبر، إذ خير العالم بين الوقوف في الصف مع أمريكا أو مع الإرهاب. الملك محمد السادس، بعد تسجيل انتصارات دبلوماسية كثيرة، على رأسها فتح مجموعة من القنصليات في الصحراء المغربية، أحرج الفرنسيين، إلى درجة أن البرلمانيين الفرنسيين تساءلوا عن تماطل الدبلوماسية الفرنسية في فتح قنصلية إما بالعيون أو الداخلة على غرار دول عظمى، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. هذا التماطل يورط فعلا فرنسا، وهل تخشى من ردود فعل الجزائر، وهل في حال فتح قنصلية لها، ستكرس قوة المغرب في إفريقيا وستقوي شوكته أكثر. والخطير في الأمر، أن فرنسا لا تريد إظهار جميع أوراقها، لأن المغرب بشهادة جميع الدول، خصوصا تلك التي سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية لم يستعمر الصحراء، بل هي جزء من أراضيه الشرعية، وأن كل ما يروج ضده من ترهات الجارة الشرقية، وبالتالي ففرنسا تتبنى موقفا غامضا، بعدم فتحها قنصلية بالصحراء. زيارة ماكرون للجزائر، هل هي ابتزاز للمغرب أم لعب دور الوساطة بينه وبين الجزائر، كما يروج؟ > زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للجارة الشرقية أعتبرها زيارة لفرنسا، فالجزائر لم تكن يوما مستقلة، فجميع الأوامر والتعليمات والتصورات والخطط الإستراتيجية تأتيها من فرنسا، والدليل على ذلك أنه لولا فرنسا لما حكم "الكابرانات" في الجزائر. أجرى الحوار : مصطفى لطفي