شباب انخرطوا دون تحفظ في الممارسة الميدانية وقدموا تضحيات من أجل مغرب الغد ساهم دستور 2011 في تعزيز مكانة المجتمعى المدني، ما منح الفرصة للشباب للانخراط دون قيود في أعمال وبرامج تطوعية وتضامنية في مجالات شتى، ساعدت الدولة على الوفاء بالتزاماتها، سيما في مشاريع التنمية. ما يميز الحضور الوازن للشباب في العمل الجمعوي، أن المغرب تجاوز مرحلة كانت الدولة تكتفي فيها بتقديم الإعانة والرعاية، إلى مرحلة صارت فيها الجمعيات مشاركة فعلية في مشاريع التنمية، خصوصا في المناطق المهمشة، ما ساهم في فتح حقبة جديدة مبنية على الإحساس بالمواطنة والإيمان بالحاجيات المشتركة، والقطع مع كل السلوكات الفردية والأنانية. ساهمت كل هذه العوامل في دفع العمل الجمعوي صوب انطلاقة حقيقية، أسفرت عن تفعيل أحلام الشباب على أرض الواقع، سواء على المستوى الثقافي والاجتماعي أو الرياضي عبر تبني مشاريع رياضية وبناء ملاعب القرب داخل الأحياء السكنية، بعد أن كانت منعدمة بها، بل انتقل الأمر إلى المجال الاقتصادي، عبر تأسيس جمعيات للتنمية متخصصة في القروض الصغرى، كانت وراء تمويل العديد من المشاريع البسيطة لشباب ونساء، تطورت مع مرور الوقت إلى مؤسسات إنتاجية قائمة الذات تنافس بقوة في السوق الوطنية. قبل دستور 2011، كان عدد الجمعيات المدنية محدودا، أغلبها رأى النور بالمدن الكبرى، لكن بعد دستور 2011، الذي أعاد الاعتبار للعمل الجمعوي واعتبر الجمعيات شريكا أساسيا في التنمية وقوة اقتراحية، ارتفع عدد الجمعيات إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، أغلبها تحت إشراف شباب من كلا الجنسين، ولم تعد حكرا على المدن الكبرى بل انتشرت حتى في المناطق النائية، والتي تعاني مشاكل جمة في التنمية والتدريس، وصارت صوت سكان المنطقة للدفاع عن حقوقهم وقناة للاستجابة لمطالبهم. كما لقي العمل الجمعوي استجابة كبيرة لدى شباب الأقاليم الجنوبية، وتحمل مسؤولية التصدي لكل الأطروحات الانفصالية والادعاءات التي تحاول الجهات المعادية ترويجها ضد المغرب، في رسالة عن تعلق سكان هذه المناطق بالعرش العلوي المجيد. وجد الشباب المغاربة في العمل الجمعوي ذواتهم، فبسبب العزوف عن ممارسة السياسة، وجدوا أن العمل الجمعوي لا يقل أهمية عن دور القطاع الحكومي في المساهمة وتحقيق التنمية، لهذا انخرطوا دون تحفظ في الممارسة الميدانية، أساسها عنصر التطوع الذاتي الإرادي والمبادرة الشخصية انطلاقا من إيمان وقناعة راسخين لتحقيق مصالح عامة، مع التحلي بروح التعاون والتكافل والتضامن ونكران الذات والتضحية المادية والمعنوية، بكل تفان في العمل المستمر، والتفاهم وتفهم المواقف المختلفة، وتقديرها في إطار قبول الآخر والاحترام المتبادل، مستندين في ذلك على ما نص الدستور المغربي في مجموعة من فصوله، من مقتضيات مهمة أكدت على الدور الأساسي الذي يلعبه المجتمع المدني في إطار الديمقراطية التشاركية، وحقه في تقديم العرائض وملتمسات تشريعية والمساهمة في بلورة السياسات العمومية. مصطفى لطفي