مخالفات تدبيرية لا تستحق الوصول إلى المحاكم المالية رغم الهالة الإعلامية التي تعرفها العديد من ملفات الفساد التي أحيلت على القضاء، إلا أن الغرف المختصة تبرئ المتابعين فيها، بعدما تعتبر أن الشكايات مجهولة المصدر، والتي كانت وراء فتح الأبحاث القضائية والمتابعات ضد الموظفين العموميين الكبار والمنتخبين، لا ترقى إلى جرائم، وإنما مخالفات تدبيرية وجب التنبيه لها فقط لتسويتها دون الوصول إلى المحاكم المالية. ورغم تكييف النيابة العامة وقاضي التحقيق قضايا إلى جرائم اختلاس وتبديد أموال عمومية وتلقي منافع وهبات مقابل تمرير صفقات عمومية والتزوير وإبرام عقود والاستفادة منها، إلا أن "غربلة" هذه الملفات ومرورها عبر مؤسسة قاضي التحقيق، وكذا النظر فيها من قبل قضاة الجنايات الابتدائية والاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال، تفضي في غالب الأحيان إلى حكم البراءة، بسبب أن الشكايات التي تتقدم بها فرق المعارضة، أو حتى التي يكون وراءها أعضاء من الأغلبية الغاضبين، إضافة إلى الشكايات مجهولة المصدر، تعتبرها المحكمة غير متوفرة على وسائل الإثبات المادية، وأن أصحابها يعتبرون جيوب مقاومة حرموا من الاستفادة من عائدات الفساد والوساطة في تمرير الصفقات. ومن ضمن الملفات التي اضطرت فيها غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بالرباط، قبل أربعة أسابيع، إلى منح البراءة، لمسيرين لشأن سوق أربعاء الغرب، كما حفظت الغرفة المتابعة ضد رئيس سوق أربعاء الغرب وباشا المدينة، بعدما فتحت النيابة العامة بحثا تمهيديا كلفت به الفرقة الوطنية إثر تلقيها شكاية مجهولة وبدون توقيع، تفيد مزاعم تلقي مبالغ مالية من قبل منتخبين وحيسوبي منحها لهم مقاول منذ سنوات للاستفادة من كراء السوق الأسبوعي لسوق أربعاء الغرب، لكن التحقيقات التي أجريت في الملف، أظهرت أن كاتب الشكاية يشتبه في أنه مستشار جماعي بالجماعة ذاتها، جرى إبعاده من التسيير وأرسل الوشاية المجهولة إلى رئاسة النيابة العامة والوكيل العام للملك بالرباط. كما برأت الغرفة نفسها قبل شهر ونصف رئيس جماعة الحوافات السابق بإقليم سيدي قاسم، من جريمة تبديد أموال عمومية، بعدما تقدم ضده سبعة مستشارين جماعيين معه بالمجلس نفسه، بشكاية تهم صفقات فك العزلة عن العالم القروي، وعرض على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال الذي أكد وجود تبديد، لكن غرفة الجنايات كان لها رأي آخر يؤكد أنه بريء وأن المجلس الأعلى للحسابات سبق أن راجع الصفقات التي تحدثت عنها المعارضة ولم يبد أي ملاحظات سلبية عنها، لتقضي في نهاية المطاف ببراءته من التهمة المنسوبة له، رغم إصدارها مسطرة بحث غيابية في حقه. ومن خلال العديد من القضايا المعروضة على القضاء، والتي تلجأ فيها النيابة العامة وقضاة التحقيق إلى عدم اتخاذ قرارات الاعتقال الاحتياطي، سيما في قضايا منتخبي الجماعات المحلية، ظهر أن السبب الرئيسي جيوب مقاومة تريد الزج بالمسيرين بردهات مكاتب التحقيق وتشويه سمعتهم، بعدما حرموا من الاستفادة من عائدات "السمسرة" ومن تقلد مناصب في تسيير الشأن المحلي. عبد الحليم لعريبي