فضيحة جامعة طنجة كشفت تسريب امتحانات وتوظيفات مقابل الملايين لم يعد الغش يقتصر فقط على إدخال الهواتف إلى مراكز الامتحانات للاستعانة بمحرك البحث العالمي الشهير "غوغل" أو تلقي الأجوبة الجاهزة عبر تقنيات التراسل الفوري "واتساب"، بل امتد إلى وسط الجامعة المغربية، من أجل مراكمة الأموال وبناء الفيلات. وكشفت واقعة فضائح جامعة عبد المالك السعدي بطنجة والكليات التابعة لها بتطوان ومارتيل، غشا من نوع آخر، بعدما أظهر البحث أن رؤوسا كبيرة من المفروض فيها السهر على محاربة الغش وجودة التعليم، هي من أسست للغش في المباريات العمومية، بطلها الكاتب العام برئاسة الجامعة، الذي يقبع حاليا بسجن العرجات 2 بسلا رفقة وسيطه، الذي يعتبر علبة أسراره السوداء في البحث عن الراغبين في التسجيل بأسلاك "الماستر" والإجازة المهنية، وامتد الأمر إلى الغش في التوظيف بمختلف المصالح التابعة للجامعة، لتعتبر النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط، أن ما ارتكبه المسؤول الجامعي ووسيطه المتصرف الممتاز يعتبر جريمة مالية، اقتضى عرضها على قضاء التحقيق، الذي أقر بوجود جرائم استغلال النفوذ وتلقي رشاو للقيام بعمل من أعمال الوظيفة والغش في مباريات عمومية، والتزوير في محررات رسمية والمشاركة في ذلك، كما يتابع المستفيدون من التوظيف بجرائم الغش في مباريات عمومية ودفع رشوة. حقائق مثيرة في أبحاث الشرطة القضائية بولاية أمن طنجة، وكذا أمام قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، والتي أكدت حجم الجشع في بحث الوسيط عن راغبين في الحصول على مناصب وظيفية، ضمنها أساتذة جامعيون ومتصرفون وموظفون عاديون بالسلم العاشر، جرى تسريب امتحانات الوظيفة العمومية لهم بطرق ملتوية، تتمثل في تسريب موضوع الامتحان من قبل الكاتب العام لرئاسة الجامعة لفائدة "السمسار"، الذي يلتقي المرشحين ويتسلم منهم مبالغ مالية وصلت إلى 22 مليون سنتيم للواحد، مقابل الحصول على متصرف من الدرجة الثانية بالسلم الحادي عشر، و14 مليونا للراغبين في السلم العاشر، أما توظيف الأستاذ الجامعي فوصل إلى 30 مليونا. ولم يسلم حتى الطلبة الراغبون في الانتقال من كليات طنجة إلى كليات مارتيل وتطوان من رشاو محددة في مبلغ 2500 درهم للطالب الواحد، وأربعة ملايين للراغب في التسجيل بسلك "الماستر" وأيضا الإجازة المهنية. وبعد اتضاح فصول الواقعة المثيرة، اضطر قاضي التحقيق متابعة 10 متورطين في الاستفادة من المناصب بالغش، ووضعتهم رهن المراقبة القضائية ليفلتوا من المتابعة في حالة اعتقال، ويتوجهوا يوميا إلى مصالح الشرطة القضائية بتطوان وطنجة لتنقيط أسمائهم، فيما أودع الكاتب العام ووسيطة السجن. هذه واحدة من قضايا مداخل الغش، باعتباره طريقا معبدا للنجاح ومراكمة الثروة والكسب غير المشروع التي وصلت إلى منارات العلم التي تمثلها الجامعات المغربية، والتي أنيط بها تكوين الأجيال الصاعدة وتربيتهم على المبادئ والأخلاق لقيادة مغرب الغد، لكن الجشع والحلم بالعيش الرغيد دفعا حتى بعض مسؤولي الجامعة وفي مقدمتهم الأساتذة استغلال امتحانات "الماستر" والإجازات وتنقيل الطلبة لتسلم الرشاوي مقابل التلاعب في نقط الامتحانات، وأيضا نقط مباريات التوظيف بالكليات والجامعات ومعاهد العلوم والتقنيات. ووصل الأمر بالمتورطين في واقعة جامعة طنجة، إلى توظيف إطار بكلية أصول الدين بمبلغ 14 مليونا رشوة، وبعدما تفجرت القضية اختفى عن الأنظار، وأمرت النيابة العامة بتحرير مذكرة بحث في حقه على الصعيد الوطني، وما زالت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن طنجة تبحث عنه بالتنسيق مع نظيرتها بولاية أمن تطوان. عبد الحليم لعريبي