fbpx
ملف الصباح

الصردي‭… “‬ منو‭ ‬نخلاق‭”‬

زوجات‭ ‬يضغطن‭ ‬على‭ ‬أزواجهن‭ ‬لاقتناء‭ ‬أجود‭ ‬السلالات‭ ‬مجاراة‭ ‬للموضة‭ ‬وتفاخرا‭ ‬على‭ ‬الجارات‭ ‬والعائلة

‭”‬الصردي‭ ‬منو‭ ‬نخلاق‭”‬،‭ “‬إلى‭ ‬ماكانش‭ ‬بلا‭ ‬ماتخسر‭ ‬فلوسك‭ ‬حسن‭ ‬بلا‭ ‬مانعيدو‭ ‬بمش‭ ‬ونوليو‭ ‬ضحكة‭ ‬وسط‭ ‬جيران‭”‬،‭ “‬بغينا‭ ‬الصردي‭ ‬بكرونو‭ ‬وكمامتو‭ ‬وصباطو‭ ‬ولا‭ ‬ماعليناش‭ ‬الله‭ ‬بحال‭ ‬كاع‭ ‬الناس‭”….‬من‭ ‬بين‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬حديثا‭ ‬مألوفا‭ ‬ضمن‭ ‬خصام‭ ‬يومي‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأزواج‭ ‬داخل‭ ‬المدن‭ ‬والحواضر‭ ‬لمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬معظم،‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬عادة‭ ‬مجتمعية‭ ‬عوض‭ ‬شعيرة‭ ‬تعبدية‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬معظم‭ ‬الأسر‭ ‬المغربية‭ ‬الفقيرة‭ ‬ومحدودة‭ ‬الدخل‭ ‬أسيرة‭ ‬لهاجس‭ ‬كيفية‭ ‬اقتناء‭ ‬أضحية‭ ‬العيد،‭ ‬فإن‭ ‬المنتمية‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬أو‭ “‬حسن‭ ‬من‭ ‬شي‭ ‬وكرف‭ ‬من‭ ‬شي‭” ‬تجاوزت‭ ‬مسألة‭ ‬شراء‭ ‬الأضحية‭ ‬من‭ ‬عدمها‭ ‬إلى‭ ‬نقاش‭ ‬هامشي‭ ‬أصبح‭ ‬محور‭ ‬تحركاتها‭ ‬وسكناتها‭ ‬آناء‭ ‬الليل‭ ‬وأطراف‭ ‬النهار،‭ ‬وتمثل‭ ‬في‭ “‬امتى‭ ‬غاتجيب‭ ‬الحولي‭ ‬الصردي‭ ‬؟‭” ‬وخاص‭ ‬إكون‭ ‬ثمنوا‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬آلاف‭ ‬درهم‭ ‬الفوق‭ ‬ولا‭ ‬بلاش‭ ‬منو‭”.‬

ولأن‭ ‬بعض‭ ‬الزوجات‭ ‬يحرصن‭ ‬على‭ ‬مجاراة‭ ‬جاراتهن‭ ‬اللواتي‭ ‬يتوفر‭ ‬أزواجهن‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬المادية‭ ‬لاقتناء‭ ‬أكبر‭ ‬كبش‭ ‬من‭ ‬سلالة‭ ‬الصردي‭ ‬ذات‭ ‬الجودة‭ ‬شكلا‭ ‬ومضمونا،‭ ‬يشرعن‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الزوج‭ ‬بضرورة‭ ‬اقتناء‭ ‬الكبش‭ ‬المعلوم‭ ‬دون‭ ‬اعتبار‭ ‬لوضعه‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬التحجج‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬سخرية‭ ‬الأعداء‭ ‬المتوزعين‭ ‬وسط‭ ‬الجيران‭ ‬والعائلة‭ ‬وكذا‭ ‬عبارات‭ ‬بكائية،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ “‬وا‭ ‬حنا‭ ‬ماعليناش‭ ‬الله‭ ‬نعيدو‭ ‬بالصردي‭ ‬فحال‭ ‬كاع‭ ‬الناس‭”‬،‭ ‬مرورا‭ ‬باستعمال‭ ‬الأطفال‭ ‬وسيلة‭ ‬للضغط‭ ‬الذين‭ ‬يتحلقون‭ ‬حول‭ ‬أبيهم‭ ‬ويحرجونه‭ ‬بأسئلتهم‭ ‬البريئة‭ “‬بابا‭ ‬امتى‭ ‬غاتجيب‭ ‬لينا‭ ‬الصردي‭ ‬بغيناه‭ ‬حولي‭ ‬كبير‭ ‬بيض‭ ‬وبكرون‭ ‬كبار‭”‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬يشعر‭ ‬بثقل‭ ‬المسؤولية‭ ‬لإسعاد‭ ‬فلذة‭ ‬كبده‭ ‬وشريكة‭ ‬حياته‭.‬

وأمام‭ ‬الإحراج‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يجد‭ ‬الأب‭ ‬نفسه‭ ‬غارقا‭ ‬في‭ ‬دوامته،‭ ‬يضطر‭ ‬الزوج‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائه‭ ‬المقربين‭ ‬أو‭ ‬زملائه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬طلبا‭ ‬لإقراضه‭ ‬بألفي‭ ‬درهم‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬لإضافتها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يتوفر‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اقتناء‭ “‬الصردي‭ ‬الموعود‭” ‬وإحياء‭ ‬مناسبة‭ “‬عيد‭ ‬الكبير‭” ‬على‭ ‬طريقة‭ “‬الديور‭ ‬الكبار‭” ‬و‭”‬ناس‭ ‬الهاي‭ ‬كلاس‭”‬،‭ ‬رغبة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬تفادي‭ ‬المشاكل‭ ‬الأسرية‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬نغصت‭ ‬عليه‭ ‬حياته‭ ‬اليومية،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬إلى‭ “‬غضبة‭” ‬وطلاق،‭ ‬وللوقاية‭ ‬من‭ ‬شماتة‭ ‬الأعداء‭ ‬وسخرية‭ ‬الجيران‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬رغبة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬السرور‭ ‬على‭ ‬فلذات‭ ‬أكباده‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ضحى‭ ‬براحته‭ ‬النفسية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصير‭ ‬غارقا‭ ‬في‭ ‬الديون‭.‬

سعيد‭ (‬اسم‭ ‬مستعار‭)‬،‭ ‬رب‭ ‬أسرة‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمره‭ ‬45‭ ‬سنة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬عمله‭ ‬سائق‭ ‬حافلة‭ ‬للنقل‭ ‬العمومي‭ ‬لن‭ ‬يُمكنه‭ ‬من‭ ‬اقتناء‭ ‬كبش‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأسعار‭ ‬الملتهبة‭ ‬لأضاحي‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬كباقي‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والسلع،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬وسط‭ ‬مشكل‭ ‬عويص‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬اقتناء‭ “‬الحولي‭ ‬الصردي‭” ‬وذي‭ ‬حجم‭ ‬كبير‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬زوجته‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬وسط‭ ‬جاراتها‭ ‬وعائلاتها‭.‬

وحاول‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬مع‭ “‬الصباح‭”‬،‭ ‬تبرير‭ ‬خضوعه‭ ‬لأهواء‭ ‬زوجته‭ ‬وأطفاله،‭ ‬بالقول‭ “‬اللهم‭ ‬نتسلف‭ ‬ونتكلف‭ ‬ولا‭ ‬نولي‭ ‬ضحكة‭ ‬وسط‭ ‬الجيران‭ ‬ولا‭ ‬نصدق‭ ‬مخاصم‭ ‬مع‭ ‬المرا‭ ‬وما‭ ‬يبقى‭ ‬لا‭ ‬عيد‭ ‬لا‭ ‬زواج‭”‬،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نساء‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬يختلفن‭ ‬عن‭ ‬نسوة‭ ‬الماضي‭ ‬اللواتي‭ ‬كن‭ ‬يتميزن‭ ‬بالصبر‭ ‬والكفاح‭ ‬وقبول‭ ‬العيش‭ ‬بما‭ “‬عطى‭ ‬الله‭” ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬سعادة‭ ‬قوامها‭ ‬البساطة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يختم‭ ‬حديثه‭ ‬بشكل‭ ‬مرتبك‭ ‬بالقول‭ ” ‬كما‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬نسيان‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬مجتمع‭ ‬يهتم‭ ‬بالمظاهر،‭ ‬ولأنني‭ ‬لا‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬أبنائي‭ ‬يعيشون‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الكآبة‭ ‬لأن‭ ‬أطفال‭ ‬الحي‭ ‬سينظرون‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬فقراء‭ ‬ويصبحون‭ ‬عُرضة‭ ‬للسب‭ ‬والسخرية،‭ ‬أفضل‭ ‬أن‭ ‬أقترض‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬مناسبة‭ ‬العيد‭ ‬الأضحى‭ ‬بلا‭ ‬طعم‭”.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬دين‭ ‬يسر‭ ‬أعفى‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬إحياء‭ ‬السنة‭ ‬المؤكدة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قدسية‭ ‬العيد‭ ‬الذي‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬المغاربة‭ ‬باللغة‭ ‬العامية‭ “‬العيد‭ ‬الكبير‭” ‬وتهافت‭ ‬بعض‭ ‬الزوجات‭ ‬على‭ ‬موضة‭ “‬الصردي‭” ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للتفاخر‭ ‬على‭ ‬الصديقات‭ ‬والجارات‭ ‬والعائلة،‭ ‬يجعل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أرباب‭ ‬الأسر‭ ‬يضطرون‭ ‬إلى‭ ‬سلوك‭ ‬طرق‭ ‬معقدة‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬مشاكل‭ ‬بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬العيد،‭ ‬إذ‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬بيع‭ ‬أثاث‭ ‬المنزل‭ ‬أو‭  ‬الحاجيات‭ ‬الثمينة،‭ ‬أو‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬المعارف‭ ‬أو‭ ‬البنوك‭ ‬لشراء‭ ‬كبش‭ “‬الصردي‭”‬،‭ ‬حيث‭ ‬تزداد‭ ‬معاناة‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬دخل‭ ‬مادي‭ ‬مستقر،‭ ‬وصعوبة‭ ‬المعيشة‭ ‬التي‭ ‬ازدادت‭ ‬استفحالا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موجة‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار،‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬على‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭ ‬وضربت‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬لمعظم‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬خاصة‭ ‬المتوسطة‭ ‬والكادحة‭.‬

محمد‭ ‬بها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.