ديوان شعري للرئيس الأول لاستئنافية البيضاء يمازج بين عواطف الأسرة والوطن يبتعد الشاعر الدكتور عبد العزيز فتحاوي، في ديوان شعره الذي أصدره أخيرا، تحت عنوان "أريج البيضاء"، عن رجل القانون وعن مصطلحات الفقه ودقة القواعد والتكرار ولغة تحرير الأحكام والردود والحيثيات، ليقترب أكثر من ذلك الفنان الأديب، الذي يترجم المشاهد واللقطات والأحاسيس صورا شاعرية منسوجة بأسلوب ساحر يقرب المتلقي أكثر، فيدخله في عوالم المؤلف ليحس بما يحسه ويترك في دواخله انطباعات تمتح من قواسم مشتركة للمعيش اليومي والعلاقات الإنسانية. "أريج البيضاء"، هو عنوان مجموعة من القصائد، التي تؤثت ما بين دفتي الديوان الشعري، اللتين اختار لهما المؤلف غلافابألوان السماء وزينهما بقرص دائري عبارة عن زوم يرصد مسجد الحسن الثاني، أحد أهم المعالم العمرانية الدينية بالعاصمة المليونية والطيور تحلق حول الصومعة الشاهقة. اختار الشاعر عنوان قصيدة ليكون دليلا لما يحتويه الكتاب من عناوين أخرى، إذ لا يخفي في مقدمة الديوان أسباب التسمية أو العنونة، ويعددها باختلاف الحالات الوجدانية، إذ ثارة يقول إن هذا الديوان "عبق مدينة السحروالجمال، استقيت منها العنوان، لأنه حالة الوجد والتجلي كانت على ضفاف المحيط بهذه المدينة فكان العبق وكان الأريج، هذه القصائد". وثارة أخرى يعتبره "نشوة تسبح في عوالم وردية، فلا تسمع إلا همس الجارحة أو أي نغمة حانية، أو محيا غانية ينطق بالجمال، فيغدو كل ذلك فيضا من التصورات الروحية قد ترسمها الكلمات شعرا أو الألوان رسما، أو الموسيقى لحنا، قاسمها المشترك هو الجمال". ويضم الديوان قصائد تفيض بمشاعر الوطنية وحب الرسول وأخرى ترثي فراق أخ حبيب أو أم عزيزة. كما خصص الشاعر ثامن قصائد ديوانه لعنوان "غادتي البيضاء"، ترجم فيها ما يكنه للعاصمة الاقتصادية، وما تجسده بالنسبة إليه من عشق وذكريات، غير كاتم متناقضاتهاوتلاوينها، حين قال أعشقك رغم أنك باقة متناقضات... لأني أعرف أنك صبية حمقاء". "اكتمل البدر" و"موكب الرسول" ثم "إلا ملكي" فـ"يوم ما سأرحل" و"أنا المغربي" و"الصحراء وطني"، و"أخي الذي رحل" و"أزمنة أمي"، عناوين لأحاسيس فياضة نثرت كلمات شاعرية في قصائد ابتدعها عبد العزيز فتحاوي بأسلوب وتصوير فنيين ساحرين، لن يصل القارئ إلى عمقهما وتلاوين تضاريسهما الفنية والأدبية، إلا إذا استكمل كل العناوين، إذ حينها فقط يمكن أن يرسم صورة حقيقية عن الشاعر وعن أسرار "أريج البيضاء" التي يخفيها في دواخله. المصطفى صفر