حلول بديلة لإنقاذ البيضاء ومراكش ووجدة وأكادير لعل 2022 أكثر المواسم، التي اقتنع فيها المغاربة، مواطنين ومسؤولين، بأن المغرب ينتمي إلى جغرافية صحراوية، وأن مناطق قليلة في المساحة الإجمالية للمغرب، من تتميز بوفرة المياه ووجود غابات، خاصة في أقصى شمال المملكة، لكن جل المناطق الأخرى صحراوية، وتعاني مشاكل حقيقية مع ندرة المياه. وإذا كان الحديث عن العطش والجفاف في السنوات الخمس الماضية، مرتبطا بمدن الجنوب الشرقي وبعض الدواوير في تاونات، وبعض مدن الأقاليم الجنوبية، فإن العدوى انتقلت هذه السنة، إلى المراكز الحضرية للمغرب، وأصبحت جل المدن الكبرى تعيش تحدي العطش، ولو لم تلجأ الدولة إلى حلول بديلة لإنقاذ الموسم، في انتظار موسم الأمطار، لا كان الوضع كارثيا، في مدن من قبيل مراكش والبيضاء ووجدة وأكادير. وسجلت السنة الجارية تراجعا في الواردات من الماء، بنسبة 59 بالمائة، إضافة إلى إشكالية تتعلق بالتراجع الكبير لنسبة ملء السدود، التي بلغت إلى حدود 16 يونيو 31.7 في المائة، بتسجيلها 5 ملايير و110 ملايين متر مكعب، لكن الأدهى أن اللجان الوزارية التي قامت بالتقييم، تبين لها أن هناك إشكالية في وتيرة إنجاز الإستراتيجية الوطنية للماء، وهو ما جعل جلالة الملك يدفع في اتجاه وضع برنامج استدراكي، لمواجهة هذه الإشكاليات في المستقبل. وبعد الوقوف على الوضعية المقلقة للموارد المائية بالمغرب، خاصة على مستوى بعض الأحواض، التي تزود أهم المدن الكبرى بالمغرب، اتخذت الدولة إجراءات لتخفيف حدة الضغط، في انتظار استكمال المشاريع التي أطلقت وتأخر إنجازها، ومياه الأمطار التي تشكل المورد الأساسي للماء بالمغرب. ومن الأحواض المائية التي تعاني ندرة كبيرة في المياه، نجد حوض ملوية (مناطق وجدة والشرق)، حيث يسجل تراجع كبير في نسبة ملء السدود، التي لا تتجاوز 11 في المائة، وهو ما ينعكس سلبا على سكان هذه المناطق. وأوضح نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن وضع ندرة المياه في مناطق الشرق، راجع إلى أمرين، أولهما يتعلق بالتغيرات المناخية وتراجع التساقطات المطرية، وثانيهما مرتبط بالتأخر الحاصل في تفعيل الإستراتيجية الوطنية للماء، حيث كان من المفروض إنجاز محطة لتحلية المياه في السعيدية عند متم 2018 من أجل ضمان التزود بالماء لسكان مناطق الناظور والدريوش والسعيدية. وقال بركة في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إنه من أجل التخفيف من حدة الأزمة، تم وضع برنامج بقيمة مليار و300 مليون درهم بالنسبة إلى حوض ملوية، يهدف إلى تعبئة كل الإمكانات المائية الموجودة من خلال إنشاء قنوات الضخ واستثمارها واستغلالها لتزويد المناطق المتضررة، والعمل كذلك على تعبئة والبحث عن مياه جوفية جديدة، فضلا عن إطلاق مشروع تحلية الماء بالناظور. وتعاني مراكش بدورها الأمرين، لولا التدخل الحكومي لجلب المياه من سد آخر، لتغطية الخصاص المسجل، وبما أن حوض تانسيفت، يعرف نقصا كبيرا في المياه، لجأت الحكومة إلى تعبئة 20 مليون متر مكعب من أحد السدود، من أجل تأمين وصول الماء لهذه المدينة. وتعيش البيضاء الواقع نفسه، ما دفع السلطات إلى إطلاق مشروع لتحلية المياه بسعة 300 مليون متر مكعب. كما يتم ربط البيضاء الشمالية بالبيضاء الجنوبية، وهو ما سيساهم في تقليص الضغط على سد المسيرة، إلى جانب استعمال سد سيدي محمد بن عبد الله بالنسبة إلى حوض أبي رقراق. وبهذه الكيفية، سيتم تخفيف الضغط على البيضاء بالنسبة للماء. وبدورها تعيش أكادير نقصا حادا في مخزون المياه، خاصة الجوفية، ولجأت السلطات إلى إطلاق محطة تحلية أيضا بالمدينة، لمواجهة النقص الحاد، خاصة في ما يتعلق بالمياه الجوفية، الأمر الذي أصبح يهدد مستقبل المدينة، بسبب الضغط الذي كرسته الأنشطة الفلاحية على المنطقة. عصام الناصيري