ارتفاع درجة الحرارة في غياب وسائل وأماكن الاستجمام والمسؤولون غافلون تعرف فاس وناحيتها ارتفاعا قياسيا في درجة الحرارة في غياب مسابح ومتنفسات كافية للتخفيف من وطأتها على أجسام سكان يعيشون "فوق الشواية" أمام أعين مسؤولين يتفرجون على ذوبانها واحتراق ما تبقى من آمالهم في الانعتاق من جحيم يومي لا يطاق. رغم الأمطار الغزيرة التي تهاطلت مساء الإثنين الماضي بكمية أغرقت شوارع المدينة بمياه ورواسب خنقت قنوات صرفها، فإن "التهاب" حرارة الجو مستمر كما معاناة سكان عزل تكاد شوارعها تخلو منهم كل يوم, سيما زوالا، إلا من حكمت عليهم "ظروف" بالخروج من منازل لا يطيقونها. مسؤولون غافلون نسبة كبيرة من الفاسيين لا يبرحون منازلهم إلا ليلا بحثا عن هواء وحرارة أخف على أبدانهم، في شوارعها إن بالمدينة الجديدة أو ما تبقى من مساحات خضراء بأحياء هامشية تقسو فيها الحرارة على سكانها، ممن لا حيلة لهم، غير انتظار رأفة الطبيعة لحالهم، طالما أن المسؤولين عنهم غافلون. ويبدو المجلس الجماعي كذلك غافلا عن التفاعل بجدية وحزم ومسؤولية مع نداءات نجدة للناس والفعاليات، من كل الأحياء أمام الارتفاع الملموس في درجة الحرارة المرفوق أحيانا برياح وعاصفة من الغبار، بتوفير مسابح بعدد كاف والتأخر في فتح الموجود منها على قلته. وفي وقت كان مفروضا أن يكون المتوفر من مسابح العاصمة العلمية مفتوحا في وجه السكان بعدما التهبت درجة الحرارة، اكتفى المجلس بإعلان انطلاق أشغال صيانة المسبح البلدي ليكون جاهزا لاستقبالهم في الأسابيع المقبلة، دون أن يحدد سقفا زمنيا لذلك وانتهاء أشغال صيانته. وكذلك مسبح مركب المرجة وكل المسابح التابعة لجماعة فاس التي أعلن رئيسها في تدوينة فيسبوكية انطلاق صيانتها لجعلها رهن إشارة المواطنين"، في انتظار أن تلطف السماء أشعة شمس حارقة للأبدان والأحلام، في مدينة أصبحت نافوراتها مسابح مفتوحة لأبنائها. نافورات للسباحة لجوء أطفال وشباب للنافورات للسباحة رغم كل المخاطر، ليس جديدا بالمدينة، بل حلا في غياب حلول رسمية ناجعة لدرء حرارة لا تحتمل مواجهتها التأجيل. غرقى "الصهد" و"صمت المسؤولين" يزداد عددهم في مثل هذه الظروف في فاس وناحيتها امتدادا إلى تاونات المحطم كل الأرقام في عدد غرقاه، آخرهم شاب غرق الاثنين 14 يونيو أثناء محاولته السباحة في بركة بواد فاس، انضاف للائحة الضحايا، تبقى المفتوحة للارتفاع كل صيف. ضحايا الحرارة بفاس لا يموتون فقط غرقا، بل نتيجة صعقات كهربائية أيضا كما في حادث شاب توفي في نافورة قريبة من محطة القطار أكدال، لجأ إليها وزملاؤه للسباحة، فأخرج منها جثة هامدة دون أن يكون ذلك حافزا لمسؤولي المدينة، للنظر بعين الرحمة لشباب لا بديل له عن النافورات. هذه الفئة وهم الأكثر عددا بمدينة مات فيها الاقتصاد والسياحة ووئدت الغيرة عليها في نفوس من يتولى تسيير دواليبها، ليست لها الإمكانيات الكافية للبحث عن بدائل ممكنة للترويح عن النفس في زمن حار إن في المنتجعات أو الفنادق والمسابح القريبة لغلاء أثمنة ولوجها، وحتى السفر بعيدا. هجرة اضطرارية كل مسابح فاس مغلقة وارتياد تلك الخاصة في سيدي حرازم والموجودة بطرق مكناس وإيموزار وصفرو، غير ممكن لغلاء سعر ذلك، كغلاء سعر مسابح الفنادق، وإمكانيات السكان الذين زادت تداعيات كورونا من قتل ما تبقى من قدرتهم على تحمل الغلاء وزيادة الأسعار وتدني مستوى المعيشة. إفران وإيموزار كندر وجهتان لمن يتيسر له السفر وإمكانياته وشروطه. لكنه ليس ممكنا بالنسبة لشريحة واسعة من الناس، كما السفر إلى صفرو وجهة جديدة، بعدما تحول وادي أكاي قبلة يرتادها الهاربون من حر فاس اللافح، إلى حد اختناقه بشكل غير مسبوق نهاية الأسبوع الماضي. وأمام هذا الوضع والظروف الاجتماعية الصعبة للناس، يضطرون للمكوث بمنازلهم طيلة النهار لأن الخروج للشارع غير مستحب، ويتحملون الحرارة اللافحة لأجسادهم بدرجة أقل، ومنهم من يعتمد وسائل تقليدية في "التبريد". "ما يحك لك غير ظفرك" أنجع حل لمواجهة حرارة مفرطة تحامت مع الظروف والغلاء على مواطن أعزل من وسائل مقاومتها، في انتظار تعامل جدي للمسؤولين مع غياب وندرة وسائل الاستجمام والترفيه بمدينة يحن أبناؤها لزمن مضى، قبل أن تتحول مسابحها العمومية إلى أطلال مهجورة. حميد الأبيض (فاس)