الداكي : التجربة المغربية رائدة في مجال دعم ممارسة حرية التعبير
أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم (الثلاثاء) بالرباط، أن القضاء يعتبر ضمانة دستورية لكفالة ممارسة الأشخاص لحرياتهم بكل أشكالها، داعيا إلى التفكير في الأدوار التي يجب عليه أن يتولى القيام بها من أجل المساهمة في تنزيل السياسات العمومية المتعلقة بتعزيز الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير.
وقال الداكي، في كلمة ألقاها بمناسبة مشاركته في المؤتمر الإقليمي المنظم من قبل اليونسكو لفائدة قضاة المنطقة العربية، إن تعزيز دور القضاء في تحسين وتطوير حرية التعبير في المنطقة العربية، أصبح مسألة استراتيجية في ظل مناخ عالمي موسوم بطابع حماية الحقوق والحريات، خاصة وأن المنطقة العربية كانت ولاتزال محط العديد من التقارير الدولية التي تناولت وضعية حقوق الإنسان عموما وحرية التعبير على وجه التحديد.
واعتبر الداكي التجربة المغربية، في مجال دعم مقومات ممارسة حرية التعبير تجربة رائدة يحتدى بها في العديد من المحافل الإقليمية والدولية، مستدلا بالقانون رقم 13.88 للصحافة والنشر (2016)، الذي يشكل طفرة نوعية في مجال تعزيز حرية التعبير من خلال تكريسه لحرية إصدار الصحف والطباعة والنشر وضمان الحق في الوصول إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومة من مختلف مصادرها، بالإضافة إلى إلغاء جميع العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للصحفيين الذين يشتبه في ارتكابهم لأفعال مخالفة لقانون الصحافة، وهو ما شكل “قفزة نوعية في مجال دعم حرية التعبير والنشر ببلادنا”، على حد قوله.
وأضاف المتحدث ذاته، أن النيابة العامة سبق وأن وجهت منشورا، بتاريخ 12 يناير 2018، لمواكبة هذه المقتضيات التشريعية، تطلب فيه من قضاة النيابة العامة بمحاكم المملكة تسهيل عملية الملاءمة مع أحكام القانون الجديد، وتقديم المساعدة اللازمة للصحفيين ليتسنى نجاح هذه الفترة الانتقالية. كما بادرت بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى وضع برنامج غير مسبوق خاص بالتكوين في مجال حقوق الإنسان يستهدف تعزيز قدرات القضاة في مجال تملك المعايير الدولية لحقوق الإنسان المنبثقة عن الاتفاقيات الأساسية التي صادقت عليها المملكة، والمرتكزة أساسا على محاور همت الحقوق والحريات الأساسية بما في ذلك حرية التعبير، بالإضافة إلى الإطار المؤسساتي الوطني لحماية حقوق الإنسان وفي مقدمة ذلك دور القضاء في مجال حماية الحقوق والحريات.
وعملت رئاسة النيابة العامة، حسب المصدر نفسه، في إطار انفتاحها على محيطها الخارجي بخصوص ما يتصل بمجال تعزيز حرية التعبير، على عقد دورات تكوينية لفائدة مجموعة من الصحفيين المهنيين العاملين في مجال العدالة بهدف تملكهم للمعلومة القانونية والقضائية هذا من جهة، ومن جهة ثانية عملت رئاسة النيابة العامة على تكوين قضاة ناطقين باسم النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة، وذلك بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والصحافة بهدف تعزيز التواصل مع الرأي العام بخصوص القضايا التي تستأثر باهتمامه وهي مبادرات تنضاف إلى أخرى تعكس المجهودات التي تقوم بها رئاسة النيابة العامة في مجال تعزيز حرية التعبير.
وتابع الداكي أن موضوع حماية الحريات يعتبر من بين الاهتمامات الأساسية للسياسة الجنائية، وهو ما تؤكده العديد من الدوريات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في هذا الصدد، والتي حثت قضاة النيابة العامة على ضرورة التصدي للانتهاكات الماسة بالحقوق والحريات بكل حزم وصرامة والأمر بإجراء التحريات والأبحاث بشأنها واستعمال السلطات التي يخولها لهم القانون من أجل صيانة تلك الحريات وعدم المساس بها.
وخلص الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إلى أن انعقاد هذا المؤتمر الجهوي سيساهم بلا شك في تعزيز الوعي لدى القضاة بأهمية الأدوار التي ينبغي أن يضطلعوا بها في مجال حماية حرية التعبير بمختلف أشكالها، وأن أشغال هذا المؤتمر بما تحتوي عليه من محاور ومداخلات ستكون مناسبة سانحة لإغناء النقاش من أجل إذكاء الوعي الجماعي حول حماية الحقوق والحريات وتقاسم الأفكار والخبرات وتبادل الممارسات الفضلى في هذا المجال.
يسرى عويفي