وضع تشخيص واقعي وإحصاء شامل للتخصصات والخروج بخطة استعجالية لإدماجهم بقلم: رشيد أشنين (*) بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، نشاهد ونترقب ماذا يقع وإلى أين ستقود هذه الأزمة؟ يجب علينا أن نفكر في جميع السيناريوهات الممكنة لإنقاذ أبنائنا وبناتنا طلبة المغرب بأوكرانيا، البالغ عددهم ما يقارب 10000 طالب (إحصائيات وزارة التعليم الأوكرانية). وما أتحدث عنه هو إنقاذ مستقبلهم ومسارهم في التحصيل العلمي والمهني، وأيضا باعتبارهم رأسمالا بشريا مهما جدا سيساهم في بناء هذا الوطن. واليوم، هذا الطالب الذي هو قائد الغد يجب أن يحس بأنه ينتمي فعلا لهذا الوطن العزيز، لأنه وجد نفسه بين مطرقة العودة إلى أرض الوطن وسندان المصير الدراسي المجهول، بعد أن رفضت عدد من الجامعات الأوكرانية اعتماد نمط التعليم عن بعد. وإذا وضعنا السيناريو الأسوأ، هو أن الحرب لن تتوقف، أي أن طلبتنا سيتوقف تحصيلهم العلمي بدولة أوكرانيا إلى إشعار آخر، ونحو المجهول، هنا يجب على مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها قنصلية المملكة المغربية بكييف، أن تقوم بوضع تشخيص واقعي لطلبة المغرب بأوكرانيا، بإحصاء وجرد شامل للتخصصات والمحتوى المعرفي الذي يتم تدريسه بجامعات أوكرانيا، وبالتالي يمكن لوزارة التعليم العالي بالمغرب، أن تضع خطة استعجالية لإدماجهم وضمان استدامة تحصيلهم العلمي بكل مرونة. إن هذا الظرف الطارئ لطلبة المغرب حله لا يكمن في مساعدتهم على العودة للمغرب فقط، ولكن المطلوب من مؤسسات الدولة، كل في مجال اختصاصاته، هو نجاعة الإنقاذ، أي إدماجهم في جامعات المغرب بما يتناسب مع تخصصاتهم، فهم رأسمال بشري مهم جدا وكفاءات المستقبل وأيضا قيمة اجتماعية مهمة جدا، فلا يمكن أن تضيع أعمارهم ونضعهم ينتظرون حالة السلم والسلام لكي يستأنفوا تحصيلهم العلمي، لأن انتظار المجهول لحل هاته الأزمة سيزيد التكاليف الاجتماعية (أزمات نفسية، هدر للكفاءات، ركود معرفي، أسرهم غير مستقرة...). إن التفكير وابتكار حلول فعالة لحل أزمة طلبة المغرب بأوكرانيا هو ضرورة وليس استثناء، فهذا المشهد غير المحسوب والمستبعد، يجعل الدولة أمام امتحان حقيقي، وربما سيسرع من تحيين وإعادة هيكلة نظام التحصيل العلمي والمعرفي بما يتناسب مع مثل هذه الأزمات، فلا يجب أن ننسى أنهم أبناء مدرستنا المغربية، وأنهم يكافحون في تحصيلهم العلمي ليساعدوا هذا الوطن. لا ننكر أن مؤسسات الدولة عملت ولا زالت تعمل جاهدة على إنقاذ طلبتنا، ولكن ما نريده بالفعل، هو إنقاذ تحصيلهم العلمي بما يتناسب مع ما وصلوا إليه بأوكرانيا، وهنا نطرح السؤال: هل نتوفر على نظام تعليمهم نفسه بالجامعات؟ وإن كان الجواب لا، هل يمكن تكييف ذلك بما يتناسب مع المستوى نفسه والجودة نفسها؟ لأن المشرع المغربي وضع قوانين تنظم مطابقة دبلومات وشهادات دول أجنبية مع دولة المغرب، ولكن لم يضع احتمال وجود مثل هذه الأزمات، وأنه يجب مطابقة تحصيل طالب مغربي بدولة أجنبية مع دولة المغرب في طور التحصيل العلمي، بما يضمن استكمال تحصيله العلمي بشكل عاد، دون مشاكل. اليوم نحن أمام أزمة حقيقية، فالطالب الذي هاجر إلى دولة أجنبية، فهو في وضعية شرعية ونظامية وتدخل ضمن هجرة التحصيل العلمي والمعرفي، وأيضا السياحة العلمية، وهنا نطرح السؤال ما هي وضعية هؤلاء الطلبة في القوانين الدولية؟ و في إطار اتفاقيات؟ وهل يمكن فعلا إدماجهم بجامعات المغرب ليستمروا في تحصيلهم العلمي من نقطة نهاية بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا. إن ما كتبته اليوم وأنا طالب باحث في سلك الدكتوراه، هو عشوائيات فكرية وربما أسئلة تبادرت لدى كل مغربي ولدى أولياء وآباء هؤلاء الطلبة، وأنا لعبت دور تدوينها ونشرها لكي تصل لكل مسؤول له الحق في اتخاذ قرارات ستحل أزمة هؤلاء الطلبة (جاليتنا العلمية) ضحايا حرب. نتمنى أن تتوقف هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، ويستمر تحصيل طلبة المغرب بشكل آمن، ولكن هذا لا يمنع من أنه يجب على مؤسسات الدولة أن تفكر في الأسوأ، وتعمل على إحداث خلية تضم جميع المؤسسات المتدخلة بشكل مباشر لإدماج الطلبة ضحايا حرب روسيا وأوكرانيا في جامعاتنا المغربية. (*) باحث في سلك الدكتوراه (جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال)