القضاة: حماة العدالة وصناع الإنصاف.. والكلمة الطيبة أعظم دعم لجهودهم

بقلم المستشار محمد رضوان، رئيس الودادية الحسنية للقضاة
كعادته كل عام، ينظم المجلس الأعلى للسلطة القضائية مراسيم افتتاح السنة القضائية، وهي محطة جوهرية في مسار تعزيز العدالة المغربية، بما يمثله من فرصة ثمينة للتواصل بين السلطة القضائية ممثلة في محاكم المملكة والرأي العام، حيث يتم استعراض حصيلة السنة القضائية الماضية، بما يشمل الإنجازات البارزة والتحديات التي واجهها القضاة، مع استشراف آفاق المستقبل لتحقيق مزيد من التطوير في المنظومة القضائية.
وهذه المناسبة، ليست مجرد احتفالية رمزية، بل هي لحظة تأمل جماعي، تعكس الجهود المضنية التي يبذلها القضاة على مدار العام. فمن خلال البيانات والإحصائيات المتعلقة بعدد الملفات والقضايا التي تمت معالجتها، تظهر بجلاء جسامة المسؤوليات التي يتحملها القضاة، لا سيما في ظل التعقيد المتزايد للملفات المعروضة عليهم. فالقضاء ليس مجرد أداة لحل النزاعات، بل هو ضمانة أساسية لتحقيق العدالة وصيانة الحقوق وحماية الحريات.
وتُبرز مراسيم افتتاح السنة القضائية، أهمية العمل القضائي، باعتباره ركيزة أساسية في بناء دولة الحق والقانون. كما تمنح، للرأي العام، فرصة لفهم عمق العمل القضائي، الذي يتجاوز مجرد إصدار الأحكام إلى تحقيق التوازن بين تطبيق القانون وضمان الإنصاف. وفي هذا السياق، تعكس هذه المراسيم الجهود التي تُبذل في سبيل تحقيق عدالة ناجعة ومستدامة، مع التركيز على التحديات التي تواجه القضاة، سواء تلك المتعلقة بارتفاع حجم القضايا أو بتعقيد النصوص القانونية التي تُعد ضمانة أساسية للحقوق، لكنها في بعض الأحيان تُبطئ وتيرة الفصل في المنازعات.
لا شك أن القضاة، يجسدون أسمى معاني التفاني والمسؤولية في خدمة العدالة، حيث يعملون في ظل ظروف مليئة بالتحديات المتعددة. فمن جهة، يواجهون الأعباء المتزايدة الناتجة عن ارتفاع عدد القضايا المعروضة على المحاكم، ومن جهة أخرى، يلتزمون بالتطبيق الدقيق للمساطر القانونية التي تمثل صمام الأمان لضمان النزاهة والشفافية. ورغم أن هذه الإجراءات، قد تبدو، في بعض الأحيان، عائقًا أمام سرعة البت في القضايا، إلا أن القضاة، بحكمتهم ومهنيتهم العالية، يثبتون قدرتهم على تجاوز هذه الإكراهات. إنهم ينصهرون بإخلاص في بوتقة المصلحة العامة، واضعين نصب أعينهم حقوق المواطن وصون كرامته، ومكرسين بذلك دولة الحق والقانون، حيث تصبح العدالة منارة تنير درب الوطن نحو مستقبل أكثر إنصافًا وازدهارًا.
وإذا كانت هذه المناسبة، تُعد فرصة للاعتراف بالجهود المبذولة، فإن من الإنصاف أن يُوجّه الثناء إلى السادة القضاة، بدلاً من توجيه النقد غير الموضوعي أو المبالغة في العتاب. فالنظام القضائي المغربي يحقق تقدمًا ملحوظًا على مختلف الأصعدة، وهو ما يُعد انعكاسًا مباشرًا لإخلاص القضاة في أداء واجبهم. والنجاحات المحققة، هي ثمرة مباشرة لتفانيهم في خدمة العدالة، مما يفرض على المجتمع واجب الاعتراف بمجهوداتهم وإعلاء شأنهم.
إن القضاة، برجالاتهم ونسائهم، ليسوا مجرد منفذين للنصوص القانونية، بل هم حراس العدالة ومهندسو الإنصاف، يكرّسون حياتهم لخدمة أسمى الرسائل النبيلة التي تنبني على النزاهة، التجرد، والإخلاص في أداء الواجب. وواجبنا، كجمعيّة مهنية ، لا يقف عند حدود الاعتراف بجهودهم، بل يمتد إلى دعمهم وتقديرهم بكل الوسائل الممكنة، لأن قوة العدالة لا تنبع فقط من نصوص القانون، بل من نفوس من يحملون لواءها.
ينبغي أن تكون كلمتنا في حق هؤلاء القضاة كلمة طيبة مشجعة تعكس تقديرنا لجهودهم وتضحياتهم، لا كلمات مثبطة ومبخسة لها . فالكلمة الطيبة هي أكبر دعم وأعظم مساندة يمكن أن نقدمها لمن يناضلون يوميًا لتحقيق العدل وضمان كرامة المواطن. إن احتفاءنا اليوم هو احتفاء بمسار طويل من العطاء، وهو كذلك عهد جديد يتجدد فيه التزامنا الجماعي بالعمل معًا لترسيخ قيم الحق والإنصاف وتعزيز ثقة المواطن في القضاء باعتباره الركيزة الأساس لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
فشكرا لكل من يحمل لواء تطبيق القانون وترسيخ قواعد العدل والإنصاف وشكرا لجميع قضاة المملكة على ما يبذلونه من تضحيات في سبيل ارساء دعائم سلطة قضائية مستقلة وفاعلة ، فالإحصائيات التي تظهر على شاشات العرض لا تظهر من فراغ ولكن تنم عن عمل دؤوب ومعانات مع ملفات مزمنة حمل امانة تصفيتها القاضي الإنسان والمواطن فاستحق بذلك علامة التميز وان توضع على صدره نياشين الانتصار.