“السيدا”… أخيرا علاج وقائي

المغرب أول بلد في المنطقة يستعمله ومتوفر مجانا للفئات الأكثر عرضة للإصابة لقد أصبح العلاج الوقائي ضد فيروس فقدان المناعة البشري المكتسب، المسمى "prep"، متوفرا أخيرا في المغرب، الذي يعتبر أول بلد في المنطقة يستعمل هذا النوع من الوقاية، بعد اعتراف منظمة الصحة العالمية به في 2015 واكتشافه في الولايات المتحدة الأمريكية في 2012. تفاصيل أكثر حول هذا العلاج الوقائي "الثوري"، الذي توفره الجمعية المغربية للوقاية من السيدا، مجانا، للفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، تجدونها في الورقة التالية، التي تحمل أيضا الكثير من المعلومات الجديدة والمحينة حول هذا المرض الذي ملأ الدنيا وشغل الناس سنوات طويلة، ولم تجد له المختبرات والأوساط العلمية علاجا نهائيا إلى اليوم. معلومات حصلت عليها "الصباح"، بعد حضورها يوما تكوينيا نظمته الجمعية أخيرا، مشكورة، لفائدة مجموعة من الصحافيين. إنجاز: نور الفواري يغني عن العازل الطبي يعتبر علاج prep وسيلة وقائية جديدة تحمي الشخص من الإصابة بفيروس فقدان المناعة البشري، حتى في حال عدم استعمال العازل الطبي خلال عملية جنسية مع مصاب بالفيروس. وهو علاج فعال يحمي من فيروس نقص المناعة المكتسب، لكنه لا يقي من باقي الأمراض الأخرى المنقولة جنسيا، لذلك لا تنصح جمعية محاربة السيدا بالتخلي عن العازل أثناء الممارسة، بل باعتماد نظام وقاية مزدوج عبر استعمال العلاج الوقائي الجديد بانتظام، مع المراقبة الطبية اللازمة، إضافة إلى استعمال الواقي الذكري قدر الإمكان. ويشترط في الشخص الذي يرغب في أن يستعمل هذا العلاج الثوري، أن يكون سليما وغير حامل لفيروس نقص المناعة البشري المكتسب، كما يمكن كذلك استعمال هذه الوسيلة الوقائية من طرف كل الأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 سنة فما فوق، والذين لا تتوفر لديهم أي موانع طبية لاستعمالها، خصوصا الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسب، ومنهم الذكور الذين يمارسون الجنس مع غيرهم من الذكور وعاملات الجنس. مجاني... للبعض فقط توفر وزارة الصحة هذا العلاج الوقائي الجديد مجانا. لكنه غير متوفر في الصيدليات أو المستشفيات، بل فقط لدى الجمعية المغربية لمحاربة داء السيدا، التي توزعه على الفئات المستهدفة، والتي تتشكل من عاملات الجنس والذكور الذين يمارسون الجنس مع الذكور ومستعملي المخدرات عبر الحقن. وقبل استعماله، يحتاج العلاج الجديد لمواكبة طبية، تبدأ من خلال إجراء تحاليل للتأكد من الخلو من فيروس فقدان المناعة البشري أو من أي أمراض جنسية أخرى، ثم القيام بزيارات طبية منتظمة (على الأقل مرة كل ثلاثة أشهر)، والحصول على إرشادات طبية. هذه الإجراءات الطبية المواكبة تمكن من اكتشاف أي أمراض منقولة جنسيا من خلال مراحل ظهورها الأولى، وبالتالي، التصدي لها بنجاعة أكبر. ويمكن للأشخاص الراغبين في الحصول على هذه الوسيلة الوقائية، بشكل مجاني، أن يتوجهوا لمختلف مراكز الصحة الجنسية والإنجابية التابعة لجمعية محاربة السيدا في مدن البيضاء والرباط ومراكش وإنزكان وأكادير. كما ستكون هذه الوسيلة الوقائية متوفرة عما قريب في مراكز الصحة الجنسية والإنجابية التابعة للجمعية في آسفي وطنجة والناظور، حيث سيفحص الطبيب الشخص المعني ليحدد إمكانية وقابلية استعمال العلاج الوقائي وكذلك مختلف مراحل التتبع والمواكبة. الفئات المستهدفة يدخل العلاج الوقائي الجديد، في إطار وسائل الوقاية المزدوجة المركبة، التي تهدف إلى المزج بين عدة وسائل وقاية من الفيروس، بحيث لا يعوض أحد أساليب الوقاية الآخر. ويمكن العلاج من التخلي عن العازل الطبي في العلاقات الجنسية، بالنسبة إلى الأشخاص الذين تضطرهم ظروفهم إلى عدم استعماله مثل عاملات الجنس اللواتي لا يملكن إمكانية فرضه على الزبون، خوفا من هربه نحو "وجهات" أخرى، أو لأسباب أمنية، إذ أن عاملة الجنس تفضل أن لا تحمل معها الكثير من الواقيات الذكرية، خوفا من "البوليس"، الذي يعتبرها دليلا ماديا على ممارسة "الدعارة"، يستلزم الاعتقال. ورغم أن العلاج الجديد يقي من الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب، لكن ذلك لا يعني إلغاء استعمال العازل الطبي، الذي يمكن الاحتفاظ به من أجل عدم الإصابة بأمراض أخرى، منقولة جنسيا. وبعيدا عن وضعية الهشاشة التي تعانيها الفئات المستهدفة من عاملات الجنس والذكور الذين لديهم علاقات جنسية مع الذكور، فإن هذه الفئات تجد نفسها غالبا في حالة مصادرة لحقوقها، مما يحول دون ولوجها لخدمات التوعية والحماية، والاستفادة من تشخيص داء السيدا وخدمات العلاج المرتبطة به وبمختلف الأمراض المنقولة جنسيا. هذه الفئات هي محور عمل مجال محاربة السيدا وقد أولاها المخطط الإستراتيجي الوطني لمحاربة السيدا لوزارة الصحة مكانة متميزة، من خلال إدراج أنشطة تقوم على الوقاية المركبة والمزدوجة. انخفاض نسبة الإصابات الجديدة في 2020، بلغ عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري، 22 ألف شخص، 43 في المائة منهم نساء، و860 من إجمالي المصابين هم أطفال تقل أعمارهم عن 15 سنة. هذا لا يمنع من أن مجهودات محاربة السيدا تعطي نتائج جيدة، إذ انخفضت نسبة الإصابات الجديدة ب50 في المائة بين 2004 و2020، منتقلة من 1500 إصابة في 2004 إلى 740 إصابة جديدة في 2020. كما انخفضت الوفيات بنسبة 58 في المائة منتقلة من 690 وفاة في 2004 إلى 500 وفاة في 2020. ومعظم المتعايشين مع فيروس فقدان المناعة البشري يعيشون في المجال الحضري، مع تركز كبير للإصابات في ثلاث جهات تسجل لوحدها 64 في المائة من الإصابات، هي جهة سوس ماسة درعة وجهة مراكش آسفي وجهة البيضاء سطات. أحكام أخلاقية يتضمن المخطط الاستراتيجي الوطني لمحاربة السيدا التكفل بالأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري عبر مجانية العلاج الثلاثي. لكن، ورغم ذلك، وبالنظر إلى تعرض هذه الفئات للميز والتهميش وهدر حقوقها وملاحقتها بعقوبات زجرية، يبقى ولوجها لتلك الخدمات محكوما بعدة عراقيل وصعوبات. هذه العراقيل، تحول دون إنجاح مختلف سياسات التصدي التي تنهجها جمعية محاربة السيدا في إطار مقاربة مبنية على العمل عن القرب ووفق مقاربة جماعية (تجعل الفئات الهشة لا تشعر بالتهميش أو النظرة الفوقية أو الأحكام الجاهزة). هذه المقاربة الجماعية تشجع هذه الفئات بشكل كبير للانخراط في العمل الوقائي لصالحها وصالح باقي أفراد الفئة التي تنتمي إليها، ما دامت لا تتعرض للتحقير والازدراء والأحكام الأخلاقية، التي قد تجعلها تنفر من العلاج ومن الوقاية. الميز والتهميش رغم مختلف المجهودات التي تبذل في سبيل محاربة فيروس فقدان المناعة البشري، فإن أحد أهم العراقيل التي تعترض المخطط الإستراتيجي الوطني لمحاربة السيدا، هو تعرض الفئات الأكثر هشاشة وعرضة للعدوى، للميز والتهميش وهدر حقوقها وملاحقتها بعقوبات زجرية. بسبب ذلك، يبقى ولوج هذه الفئات للخدمات الصحية وأساليب الوقاية محدودا. إضافة إلى أن عينة من الفئات المستهدفة، وعلى رأسها عاملات الجنس، وبسبب هشاشتهن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قد يجدن أنفسهن في ظروف تفرض عليهن عدم استعمال الواقي الطبي بسبب رفض الزبون أو لأسباب أمنية. لكل ذلك، تعتمد الجمعية على مقاربة تشاركية جماعية لدعم مجهودات الوقاية من فيروس فقدان المناعة البشري، بالاشتغال مع الفئات المعنية وليس فقط لصالحها. إشراك هذه الفئات في مجهودات التفكير والبحث عن حلول، يجعلها تنخرط بشكل أكبر في عمليات الوقاية والعلاج.

“السيدا”… أخيرا علاج وقائي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

60 مليون هجمة سيبرانية على المغرب

الطـريق نحو انتـكـاسة وبائـيـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات