رفض احترام التدابير وفوضى كبيرة في وسائل النقل رغم تزايد الإقبال على الجرعة المعززة رغم تصاعد حالات الإصابة بكورونا في الأيام الأخيرة، والتحذيرات من أن تصل إلى أرقام كبيرة مستقبلا، ما زالت نسبة كبيرة من المغاربة غير مكترثة بالخطر الذي يحيط بنا، إذ يواصلون الانتشاء بمظاهر تخفيف الإجراءات الاحترازية، التي أعلنت عنها السلطات بعد تجاوز المغرب مرحلة المتحور "دلتا". إنجاز : مصطفى لطفي في أهم شوارع البيضاء، لا شيء يوحي أننا على أعتاب موجة جديدة من متحور "أوميكرون"، فالغالبية تتجول دون وضع كمامات ودون احترام التدابير الاحترازية، سواء بالمقاهي أو المحلات التجارية أو محطات النقل، اللهم النزر اليسير من المواطنين، أغلبهم كبار في السن، خرقوا هذا العرف ووضعوا كمامات خوفا على حياتهم، بعد التحذيرات التي أعلن عنها مسؤولون بوزارة الصحة، بضرورة اتخاذ الاحتياطات والاستعداد لفترة ستمر صعبة على المغاربة. أولاد "مي نعيمة" كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا بأحد أحياء سيدي مومن بالبيضاء، اعتاد مسنون على التجمع في هذا الوقت أمام منزل أحدهم بعد تناول وجبة العشاء. عرف اعتادوا عليه منذ أن أحيلوا على التقاعد، إذ يشكلون حلقة صغيرة لمناقشة جميع الأحداث الطارئة. كان الموضوع الرئيسي هذه المرة الوضعية الوبائية التي يشهدها المغرب بسبب متحور "أوميكرون". حاول الحاج علال، سبعيني، التخفيف من الهلع الذي أصاب زملاءه، بالقول إن الأمر لا يستدعي كل هذا القلق، منتقدا الحكومة باستغلالها أي فرصة لسن قرارات مشددة في حق المواطنين. رأي الحاج علال لم يلق قبولا لدى رفاقه، سيما العربي، موظف سابق، إذ رد عليه بنبرة ساخرة "أش كتخربق، المرض راه كاين والعالم كله مقلوب، والدولة من حقها دير أي إجراء باش المرض ما ينتاشرش"، قبل أن يفاجئه بسؤال استفزازي "واش تلقحتي أ الحاج ولا مازال؟". كظم الحاج علال غيظه، والتزم الصمت، فهو من تيار الرافضين للقاح. استغل العربي هذا الصمت وخاطب باقي الحضور " سيروا تلقحو راه القضية حامضة، راه اللي فلت من "دلتا" اقدر أجيب الربحة مع أوميكرون".بالقرب من حلقة المسنين الصغيرة، احتدم نقاش حاد داخل محل للحلاقة حول مخاطر الوباء، سيما عندما شكك عمر،(47 سنة) تاجر، من جديد في وجود الوباء، إذ خاطب الحلاق المنهمك في قص شعره :"ما كاين لا كورونا لا والو، راه غير لاكريب جات قاصحة هاد العام". موقف جر عليه انتقادات زبون كان ينتظر دوره، إذ عقب عليه بحزم : "واش لا كريب كي مشي ليك فيها الشم وكتجيك فيها سخانة طالعة بزاف والعياء أكثر من القياس، أنا نسيبي غير بارح طلع بوزيتيف هو ومرتو وولادوا". النقل... بوابة الخطر ورغم تحذير السلطات من تفشي كورونا "أوميكرون"، إلا أن لا شيء يوحي بأن المغاربة قد استوعبوا دروس بلدان أوربية صارت تسجل أزيد من 200 ألف حالة يومية، فتكفي زيارة صغيرة إلى محطات "الطرامواي" والحافلات وسيارات الأجرة الكبيرة لتكتشف أننا أمام تهديد جدي، إذ هناك ازدحام شديد دون اتخاذ احتياطات التباعد أو وضع الكمامات. هذا التسيب أثار قلق العديد من الركاب، على رأسهم خديجة (30 سنة)، مستخدمة بشركة خاصة، تستقل يوميا "الطرامواي" للتنقل إلى عملها، إذ أبدت تذمرها وانتقدت بشدة شركة "الطرامواي"، التي تتعمد تأخير الرحلات ما يتسبب في اكتظاظ كبير في المحطات، إلى درجة أن المرء يعجز عن العثور على مكان مريح داخله، كما هاجمت المواطنين وتهورهم، إذ رغم الزحام الشديد، يرفض أغلبهم وضع الكمامة، بل منهم من يسعل علنا وكأن الأمر لا يعنيه. ركاب الحافلات وسيارات الأجرة ليسوا أفضل حالا من مستقلي "الطرامواي"، فالعقلية المتهورة نفسها تهيمن على الجميع، فرغم وضع إعلان كبير على الحافلات بضرورة ارتداء الكمامة، إلا أن الأغلبية لا تلتزم به. أحمد (اسم مستعار) سائق حافلة للنقل، كشف قمة هذا التهور بالقول " واحد المرة طلبت من واحد إدير الكمامة قبل ما يطلع، ساعة دار ليا حالة معجبوش الحال ودورناها سبان، والمشكل بدل الناس إكونوا في صفي، كولشي تحاما عليا، من تم دخلت سوق راسي". وبمحطة سيارات الأجرة الكبيرة وسط المدينة، انتاب ربيع، مستخدم، خوف كبير من الإصابة بالعدوى، إذ قال بنوع من التذمر" غير كنزل من الطاكسي كنقول غادة تجيني كورونا. حنا ستة ناس مزاحمين وقليل اللي داير الكمامة، والمصيبة غير شرجم ديال الشيفور اللي مفتوح، ضروري خاص الدولة تدخل وتقلل من عدد الركاب، قبل ما يدري فينا أوميكرون شي حالة خايبة". إقبال على التلقيح بعيدا عن قطاع النقل، يبدو أن تحذيرات الدولة من الوباء الجديد ودعوتها إلى الإسراع بأخذ الجرعة المعززة، لقيت قبولا لدى نسبة مهمة من المواطنين، خوفا من المتحور الجديد. فقبل أيام قليلة، كان أخذ الجرعة الثانية أو الثالثة من اللقاح أمرا شاقا بسبب ضعف الإقبال، قد ينتظر المرء أزيد من ساعتين لاكتمال النصاب المحدد في خمسة أشخاص، إلا أنه لوحظ إقبال كبير على مراكز اللقاح، أخيرا، سيما من قبل كبار السن. بمركز للتلقيح بعمالة مولاي رشيد، انزوى المحجوب في ركن ينتظر دوره لأخذ الجرعة المعززة. كان المحجوب في السابق ينفي شيئا اسمه "كورونا" ورفض بشدة الاستفادة من اللقاح، إلا أن مأساة عاشتها عائلته أعادته إلى جادة الصواب. يتذكر المحجوب قائلا" واحد خويا كان فحالي ما باغيش إدير فاكسان، ملي جاتو كورونا في ظرف ثلاثة أيام مات، نهار مشيت عند ولادو دارو فيا، قالوا ليا ضعنا في الواليد وما بغيناش نضيعو فيك، سير تلقح، بعدها درت الجرعة الأولى والثانية، وملي بردات القضية عكزت على الثالثة، لكن غير ارتافعات الحالات جيت ندير الثالثة، ما بغتيش نغامر بحياتي".