تقاطـب يسبـق عاصفـة الاتحـاد

دخان نار المؤتمر يتصاعد من حول "الوردة" بعد تعدد ترشيحات سباق الكتابة الأولى يسود ترقب شديد أوساط الاتحاديين، حول كيفية تدبير شؤون المؤتمر الوطني المقبل للحزب، في ظل التقاطب الحاد، الذي فجره التنافس حول الكتابة الأولى، بعد تقديم أربعة ترشيحات إلى حد الساعة، ألهبت الملاسنات بين مختلف مكونات الحزب. حرب التصريحات تستعر حروب خفية تلهب صراع الزعامة وغياب النقاش السياسي تفيد معطيات من داخل حزب القوات الشعبية، أن الوصول إلى محطة المؤتمر المقبل، لن يكون بالأمر السهل، بالنظر إلى الحروب الخفية التي يخوضها الفرقاء، على مستوى اللجنة التحضيرية للمؤتمر، والتي يرأسها إدريس لشكر، حول الجوانب التنظيمية بالدرجة الأولى، وبالخصوص الجهة المخول إليها قانونيا الحق في وثائق المؤتمر السياسية والتنظيمية. وظلت مؤتمرات الاتحاد الاشتراكي، باعتباره قوة يسارية مهمة في النسيج السياسي، تشكل محطات مفصلية في الحياة الحزبية، وتساهم في تجديد الفكر السياسي وتوجهات الحزب، بالنظر إلى الجهد الذي تبذله النخب في قراءة التحولات السياسية، وصياغة مشاريع من شأنها تقوية الحضور في المشهد السياسي، والمساهمة في معركة التغيير الديمقراطي. ولم تخل مؤتمرات الاتحاد من مخاضات وصراعات بين مكوناته، كانت تنتهي بانشقاقات وانسحابات تيارات وحساسيات حزبية، وتشكيل أحزاب جديدة من رحم الاتحاد، بعضها انتهى إلى الفشل، والعودة إلى الحزب، مثل الحزب العمالي والحزب الاشتراكي، وأخرى اختارت العمل في إطار اليسار، مثل الطليعة والمؤتمر الوطني الاتحادي، وجمعية الوفاء التي التحقت بالحزب الاشتراكي الموحد، قبل أن تلتحق اليوم أغلب أطرها بتحالف فدرالية اليسار، بعد الخلافات بين مكونات الفدرالية عشية الانتخابات. وإذا كان المتتبعون يسجلون تحقيق الاتحاد الاشتراكي لتقدم ملموس في الانتخابات الأخيرة، أعاد تموقعه ضمن الأحزاب الأربعة الأولى، بفضل سياسة الانفتاح التي نهجها لشكر في ترشيح وافدين وأعيان لهم حضور انتخابي، وأيضا بفضل عملية المصالحة التي أطلقها، والتي مكنت من استعادة العديد من الاتحاديين الغاضبين، فإن هذه الوضعية على أهميتها، لا يمكن أن تغطي على واقع التنظيم، وتراجع دوره في الحياة الحزبية وضعف أدائه السياسي. وبخلاف الرأي الذي يقف عند الأرقام المحققة في الانتخابات الأخيرة، ويرى أن الحزب في وضع سليم، يرى آخرون أن الاتحاد اليوم بات يعيش ما أسموه الانهيار الأخلاقي، إذ أصبحت تخترقه ممارسات تسيء إلى المدرسة الاتحادية الأصيلة، من قبيل الزبونية وتغليب المصالح الضيقة، التي صارت تتحكم في الوصول إلى المواقع، والاستفادة من الامتيازات، التي يمنحها الحزب، سواء من خلال الترشح للانتخابات أو تحمل مواقع المسؤولية في بعض المؤسسات الوطنية. ويرى المدافعون عن تجربة التدبير التنظيمي في ظل قيادة إدريس لشكر، أن الحزب نجح في إعادة البناء والتوسع التنظيمي، وتنشيط القطاعات الموازية، وكسب معركة الانتخابات الأخيرة، وهي نتائج يعود فيها الفضل إلى الكاتب الأول، الذي أضحى يتوفر على كل مفاتيح الحزب، من خلال الحضور والإشراف المباشر على التنظيمات الحزبية والقطاعية، مسنودا بفريق من أعضاء المكتب السياسي ووجوه ذات حضور في الجهات والأقاليم، والمنتخبين الذين باتوا يشكلون قوة مؤثرة داخل الحزب. وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، من نقاشات حول تعديل بعض مواد القانون الأساسي، خاصة ما يتعلق بولايات الكاتب الأول، تقول بعض المصادر، إن مناصري إدريس لشكر سيدفعون بهذا التعديل مباشرة بعد افتتاح المؤتمر، من أجل السماح للكاتب الأول، بتقديم ترشيحه، في مواجهة مرشحين، يسجل عليهم معارضوهم أنهم ابتعدوا لسنوات عن الحزب، ولم يساهموا في معاركه المختلفة، مكتفين بـ"الشرعية النضالية" والأقدمية داخل الحزب. وأعلن تيار التغيير الديمقراطي، عن رفضه لولاية ثالثة لإدريس لشكر، ولجوئه إلى القضاء للطعن في بعض قرارات المجلس الوطني الأخير، مؤكدا أنه سيتصدى لكل مناورات الإقصاء التي تستهدف المناضلين الحقيقيين، لفائدة الأعيان الجدد، الذين التحقوا بالحزب في مرحلة الانتخابات. ويبقى سؤال الخلافة أحد الملفات التي تؤرق مناضلي الاتحاد، في حين يغيب النقاش السياسي حول الأرضيات والأفكار، وهو ما اعتبره أحد القياديين الذين اختاروا الابتعاد، عن الحزب، وجها من أوجه التراجع والانحدار الذي آل إليه حزب المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، والذي سيعمق أزمة الحزب ويؤثر على دوره في إعادة بناء القوة اليسارية، واستعادة المبادرة السياسية. أشواك الوردة الثالثة انتفض عبد الكريم بنعتيق، عضو المكتب السياسي والمرشح للكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي، في وجه إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، مؤكدا أن التراجعات التي عرفها المجلس الوطني، على مستوى التعديلات، التي مست النظام الداخلي، تشكل انتكاسة لا تخدم اليسار وكل القوى الاشتراكية، التي ناضلت لتجعل من الديمقراطية ركيزة أساسية من ركائز بناء المجتمع. وسارع بنعتيق، مباشرة بعد انتهاء أشغال المجلس الوطني المنعقد، أول أمس (السبت)، إلى إصدار بيان إلى الاتحاديين والرأي العام، استعرض فيه وقائع ما جرى في اجتماع المجلس الوطني، مشيرا إلى اجتماع لجنة التنظيم، من أجل تقديم الخلاصات الأولية المزمع عرضها على المؤتمر الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي، والتي طرحت للمصادقة على المجلس الوطني. وأوضح بنعتيق أن الخلاصات تضمنت مجموعة من التعديلات، مست جوهر النظام الداخلي للحزب، بل أعادت صياغة الهندسة القانونية المتفق عليها، من خلال برلمان الحزب. ويرى بنعتيق أن المشروع المقدم في اللجنة، أعاد كتابة النظام الداخلي، في تطاول تام على اختصاصات المؤسسات الحزبية، ذات سلطة التقرير في المجال، مؤكدا أن المادتين 71 و 72 واضحتان ولا تحتملان التأويل، وتنصان على أن المؤتمر الوطني أعلى سلطة تقريرية ينعقد بصفة عادية مرة كل أربع سنوات، في حين أن لجنة التنظيم، وبدعوى الجائحة اعتبرته مؤتمرا عاديا بإجراءات استثنائية، مستغلة قانون الطوارئ . برحو بوزياني

تقاطـب يسبـق عاصفـة الاتحـاد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بوبكري: ضرورة الإصلاح

" المـايستـرو"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات