الـبـرلمان في الامـتـحـان

ضعف الدبلوماسية ولجان التقصي ونقص الأطر وغموض مهام الاستطلاع لم يعد خافيا أن مبدأ فصل السلط وتعاونها كما هو منصوص عليه دستوريا، لا يحترم بالشكل المطلوب تكافؤ الفرص بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، بالنظر إلى أن الحكومة تتوفر على جيش من الموظفين، والخبراء المختصين في صناعة القرار الوزاري والتشريعي، عكس البرلمان الذي تضعه الوضعية الداخلية والخارجية في محك امتحان مواكبة تحديات تنتظر المغرب في الولاية الحكومة الحالية. ولاية بأولويات إستراتيجية خطاب الافتتاح شدد على ضرورة الدفاع عن المصالح العليا في ظرفية مشحونة بالمخاطر أكد الملك أن الولاية التشريعية الحالية، تنطلق في الوقت الذي يدشن فيه المغرب مرحلة جديدة، تقتضي تضافر الجهود، حول الأولويات الإستراتيجية، لمواصلة مسيرة التنمية، ومواجهة التحديات الخارجية. وشدد خطاب افتتاح البرلمان في 8 أكتوبر الماضي على ثلاثة أبعاد رئيسية، وفي مقدمتها، تعزيز مكانة المغرب، والدفاع عن مصالحه العليا، سيما في ظرفية مشحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات، معتبرا أن الأزمة الوبائية "أبانت عن عودة قضايا السيادة للواجهة، والتسابق من أجل تحصينها، في مختلف أبعادها، الصحية والطاقية، والصناعية والغذائية، وغيرها، مع ما يواكب ذلك من تعصب من طرف البعض". ويوجد البرلمانيون على محك العمل السياسي، لإبراز قدراتهم المتعلق بمراقبة العمل الحكومي، ومحاسبة الوزراء على قراراتهم، ومساءلتهم عن أشغالهم، وتتبع وعودهم وتعهداتهم التي أفصحوا عنها في جلسات برلمانية، سواء باللجان البرلمانية الدائمة أو الجلسات العامة. وتعد وضعية البرلمانيين أفضل من وضعية الوزراء الخاضعين للمحاسبة، إذ عليهم أيضا متابعة ما يقوم به كبار المسؤولين في المقاولات العمومية، ومراقبة مديونية المنشآت العامة، وكيفية صرف المال العام على المشاريع التنموية، واستدعاء رؤساء المجالس الوطنية لمناقشة سياستهم العمومية، والتماس إنجاز تقارير حول قضايا كثيرة تهم الرأي العام سواء ما يتعلق بالجانب الحقوقي، أو المنافسة، وما له علاقة بالسياسة المستقبلية للبلاد. وعلى البرلمانيين الجدد، الاستعانة بخبرة القدامى منهم وبالموظفين في البرلمان والعاملين في الفرق البرلمانية، لمحاسبة الوزراء، وكبار المسؤولين، عن سياستهم العمومية في جميع القطاعات، وفي مختلف الأقاليم والجهات، لجعل مؤسسة البرلمان قاطرة تنموية بامتياز، و فضاء للاقتراح الجاد للحلول، والنقاش الحاد والجدال لأجل تنفيذ سياسات تخدم المصالح العليا للوطن، ومصالح المواطنين، ومتابعة البرامج الحكومية القطاعية في كل جهة وإقليم. وعلى البرلمانيين أن يكونوا قدوة في المثابرة والحضور وعدم التغيب عن الجلسات العامة واللجان البرلمانية الدائمة، والجهر بالحقيقة كما هي كي لا يصبح البرلماني مجرد " ببغاء" يؤكد أن العام " زين" فيسهم في إفشال العمل الحكومي بإخفاء النواقص، وتفادي الانتقاد ما يؤدي إلى المس بتوازن السلط فتضيع حقوق المواطنين. فلا بأس أن يجتهد البرلماني، لمساءلة الوزير، وأن لا يسجل حضوره من أجل الحضور كما ظهر ذلك جليا لبعض البرلمانيين، وخاصة الذين يسجلون أنفسهم في قائمة الحضور وبعد ساعة ينصرفون، وهذا يضر بالأمانة التي وضعها الناخبون على عاتق المنتخبين، بالدفاع عنهم ووضع مقترحاتهم عملية. ويمكن للبرلمان الحالي اتباع سياسة المؤسسة التشريعية السابقة في لجنة المراقبة المالية قصد استدعاء الوزراء وكبار المسؤولين، لمناقشة تقارير المجلس الأعلى للحسابات، والتفاعل معها بشكل جدي، والتماس إجراء افتحاص لكل القرارات والبرامج الحكومية، وبرامج مئات كبار المسؤولين على رأس المقاولات العمومية، فالنقد والمتابعة والملاحظة ليست سبة في حق الوزير أو الرئيس المدير العام لأي مؤسسة، بل عمل يجسد فعليا ما ردده القائمون على تدبير السلط القائمة، بالديمقراطية التشاركية، التي لا تعني عقد مناظرات، وندوات يحضرها الجميع ليتكلم الكل دون أن يسمعهم أحد، لصرف المال والخروج بتوصيات مكررة ومنسوخة عما سبقها، بل هي إعمال الرقابة الحقيقية على صرف المال العام وتدقيق جدوى البرامج ومدى تنفيذها وفعاليتها. ومطلوب من البرلمانيين، تسريع وتيرة العمل الدبلوماسي الموازي، للدفاع عن المصالح العليا للوطن، بإحداث أو تحريك لجان الصداقة في كل القارات، ووضع مخططات استباقية للعمل في برلمانات دول العالم، وتبادل الزيارات، والتواصل الدائم مع صناع القرار في الإتحاد الأوربي، والكونغريس الأمريكي، والاتحاد الإفريقي، ودول آسيا. ويتسم عمل الأحزاب والنقابات والمنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني، بالضعف في المجال الدبلوماسي رغم ما تحصل عليه من الملايير من الدراهم تعويضات أجرية وامتيازات كي يشتغلوا في ظروف جيدة، ويرفعوا من قيمة عملهم، إذ لا يمر شهر إلا وتدخل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، لحل مشكل ما من خلال إيفاد بعثة أو تحرك سفير، أو حتى وزير، علما أن المغرب نشط كثيرا في البرلمان العربي والإسلامي والأوربي والمتوسطي، والاتحاد البرلماني الدولي، وفي الأممية الاشتراكية، والوسطية والليبرالية، لكن دون جدوى. غياب المحاسبة فشلت حكومة سعد الدين العثماني، في إعمال المبدأ الدستوري، ربط المسؤولية بالمحاسبة، في ما يخص مراقبة صرف المال العام، المتأتي من جيوب المواطنين، دافعي الضرائب، على بعض نشطاء جمعيات المجتمع المدني، الذين شاركوا في المنتدى الاقتصادي والاجتماعي بـ" سالفدوردي باهيا" بالبرازيل، إذ لم يكونوا في مستوى التطلعات، وامتعض مشاركون في ذلك الملتقى الدولي، من غياب المحاسبة لأن الحكومة منحت لجمعيات المجتمع المدني، والشبابي الحزبي، والنقابي، أموالا من جيوب المواطنين، دافعي الضرائب، لمساعدتها على تحمل النفقات، بتذاكر سفر مجانا ذهابا وإيابا، و8 آلاف درهم مصروف الجيب اليومي، ويتعلق الأمر ب 32 عضوا من شبيبات الأحزاب، و30 من الوفد النقابي والجمعوي، كي يشتغلوا في ظروف مناسبة، لكنهم عوض أن ينجزوا عملهم في الدفاع عن قضايا الوطن العادلة، تفرقوا إلى مجموعات. أحمد الأرقام

الـبـرلمان في الامـتـحـان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"ميتا" تدعم ألفي مقاولة مغربية

مناورات في البرلمان الأوربي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات