مسؤوليـة دون محاسبـة

ثلث وزراء أخنوش سيشتغلون مرتاحي البال دون خوف من مقصلة الانتخابات استعمل عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، دلاء كثيرة من الصباغة بمختلف الألوان، للوصول إلى تشكيلة من الوزراء قادمين من مناحي واتجاهات ومدارس وتكوينات مختلفة، سوى الأحزاب. وبدا أن رئيس التجمع الوطني للأحرار أفرط في مشروب "الكفاءة"، وخيار الوجوه "الجديدة"، وخطاب التشبيب والمساواة والمناصفة، وهي كلها مقاربات ستكون "جميلة"، إذا انبثقت من الأحزاب التي تضخ الدولة ملايين الدراهم، سنويا في قنواتها، دون أن نعثر فيها على نصف "موهبة" في تدبير الملفات الحكومية الكبرى. فمن حق رئيس الحكومة البحث عن النجاعة والسرعة والفعالية في تنفيذ برنامجه المرقم الذي خاض به حملته الانتخابية، وبشر به في رحلة 100 يوم و100 مدينة، لكن من حق المغاربة أيضا أن يعرفوا "مع من هم" بالضبط في هذه الأيام. بالكاد، يتعرف المواطنون على الأمناء العامين الثلاثة للأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، ومعهم وزراء السيادة في الداخلية والخارجية والدفاع والأوقاف والأمانة العامة، وبعض الوزراء السابقين، مثل شكيب بنموسى، بينما تنوب محركات البحث في التعرف على الباقين. ولا يبخس المغاربة قدر أي مواطن في تولي منصب حكومي، بل أشادوا بالكفاءات العالية التي ضمتها الحكومة الحالية والتكوينات والتجارب المهمة في مجالات مختلفة ودقيقة لبعض الوزراء الجدد، لكنهم مازالوا يطرحون السؤال الصعب عن الجدوى من الانتخابات والأحزاب والسياسة برمتها، إذا كان تشكيل الحكومات مجرد تجميع للكفاءات. ومؤكد، أن هذا "الاختيار" سيطرح، غدا، مشكلا أمام الناخبين الذين سيطلب منهم في 2026 التوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت، إيجابا، أو سلبا، على أحزاب برموز وشعارات معينة، لن تكون بينها هذه الأسماء بكل تأكيد، بعد أن تتخلص من الطلاء الذي صبغت به، وتذهب إلى حال سبيلها. وينبغي أن نكون، اليوم، مكان نزار بركة، المؤتمن على الحزب الوطني الكبير، لنفهم المأزق الكبير الذي وضع فيه الاستقلال نفسه، حين قبل "نصف وزارة"، وإلى جانبه أربعة وزراء ووزيرات لا علاقة لهم بالحزب، ولم يسبق لهم التدرج في تنظيماته، لكن الحزب سيجد نفسه في موقع محاسبة عن أداء حكومي لا ناقة له فيه ولا جمل. فما معنى أن تجد مئات الأطر الكبيرة بحزب الاستقلال في جميع المجالات في موقف إقصاء، وهي التي يمكن وحدها أن تشكل سبع حكومات ناجعة في وقت واحد، وهي حقيقة يعرفها نزار بركة نفسه الذي توصل، خلال مفاوضات تشكيل الحكومة، بأكثر من 182 سيرة ذاتية لـ"أبناء الدار" بكفاءات علمية عالية يرغبون في الاستوزار. وينسحب الأمر نفسه على التجمع الوطني للأحرار الذي حرم عددا من الأطر من حقها في تسلم حقائب وزارية، وفضل "صباغة" وزيرين من خارج الحزب، موجها إشارة سلبية إلى الناخب المغربي الذي وثق في خطاب التغيير، قبل أن يفاجأ بأن حليمة عادت إلى عادتها القديمة بسرعة قياسية. ولم يستوعب كثير من المغاربة بدعة إغراق الحكومة بـ"التقنيين" الذين مكانهم الإدارة ومكاتب الدراسات وتقديم الاستشارة للوزراء السياسيين الذين يبقى لهم القرار الأخير الذي سيحاسبون عليه مستقبلا، كما لم يفهموا "سر" التعدد المبالغ فيه في المسؤوليات والمناصب. فكيف يمكن، مثلا، لعمدة مدينة بحجم البيضاء، بكل إشكالاتها وقضاياها المعقدة، أن تكون في الوقت نفسه مسؤولة عن قطاع يوجد في واجهة تنزيل النموذج التنموي الجديد، كما ستتكلف أيضا بقطاع لا يقل أهمية هو الحماية الاجتماعية. فينبغي على نبيلة ارميلي، الذي وضعت نفسها في هذه الورطة، أو وضعت فيها، أن تكون إنسانا آليا لا ينام في الليل والنهار، حتى تنكب على عشرات الملفات التي تنتظرها في عمادة المدينة وفي وزارة الصحة، هذا القطاع الذي "شيب" ولدانا"، وكاد يفقد الكثيرين عقولهم. في المستوى نفسه، لا يمكن لأي أحد أن يفهم كيف ستباشر فاطمة الزهراء المنصوري عملها في مراكش، بكل التحديات التي تنتظرها، وفي الوقت ذاته تدير آلة قطاعية ضخمة مثل إعداد التراب والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. أما أخنوش ووهبي اللذان يترأسان جماعتي أكادير وتارودانت إلى جانب مهامهما الحكومية، فندعو لهما بالقناعة. يوسف الساكت

مسؤوليـة دون محاسبـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القادري والأدوار الأوبريالية

عدنان تعيد "لالة تركية"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات