كلفة التراخي والاستهتار

موقف سلبي للسلطة ضد خارقي التدابير الوقائية كلفنا موجة جديدة قاتلة منذ أكثر من شهرين، نبهت اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا، إلى تفشي سلوكات قد تهدد بنكسة وبائية، بعد أن تعاطى مواطنون باستهتار كبير مع قرار التخفيف من الإجراءات الاحترازية، وصل إلى حد التخلص من الكمامات وعدم التقيد بالتباعد والانخراط في حماس في اجتماعات وحفلات جماعية. الجميع تعامل مع هذه التحذيرات بنوع من الاستهجان، رافعين شعارات "ملينا وعيينا من الحجر" خصوصا بعد تراجع كبير في عدد الحالات الحرجة والوفيات، وواصلوا خرقهم للتدابير الوقائية أمام أنظار السلطات التي التزمت الصمت، ما اعتبر موافقة ضمنية على سلوكاتهم ودفعهم إلى التمادي فيها. المعطى الخطير، الذي تزامن مع الاستهتار بالتدابير الاحترازية، رفض فئات مهمة المشاركة في عملية التلقيح ضد الوباء، ما كشف عن وجود خلل خطير في المجتمع، إذ صدق المشعوذون والدجالون، وكذب العلماء وأصحاب الاختصاص، واعتبرت دعواتهم للإقبال الكثيف على التلقيح مشاركة في مؤامرة كونية لا توجد إلا في عقول الجهلاء، قبل أن يستفيقوا من سباتهم بعد ارتفاع حالات الإصابة وتسجيل عدد كبير من الوفيات أغلبهم كان له موقف سلبي من اللقاح. سيقف الجميع مشدوها أمام انتشار مخيف للفيروس اللعين، خصوصا بعد عيد الأضحى، إذ ارتفعت عدد الإصابات والحالات الحرجة والوفيات يوميا بشكل مخيف، وحقق المغرب رقما قياسيا غير مسبوق بلغ تسجيل أزيد من 10 آلاف إصابة في اليوم، وقتها أدرك الجميع أنهم يجنون ثمار سلوكهم المتهور، وفتحوا الباب على مصراعيه لعودة الفيروس للانتشار بشكل أخطر بين الناس. حالات الفوضى والتراخي، صارت ظاهرة جلية في كل مناحي الحياة، اكتظاظ ورعونة داخل المقاهي والحمامات والأسواق الممتازة وقاعات الأفراح والملاهي والشواطئ، التي تلقى إقبالا كبيرا في الصيف، الجميع أسقط الكمامات من حساباته، في رسالة أنهم تمردوا على إجراء بسيط قد يقيهم لقاء الفيروس اللعين. من أبرز العلامات على تراخي المواطنين في اتباع الوقاية من كورونا، اختفاء الكمامات من عدد كبير من المحلات التجارية. برر صاحب محل هذ ا الأمر بضعف أو انعدام الإقبال عليها من قبل المواطنين لدرجة أنه وجد صعوبة في بيع عدد من العلب أصبحت "حاصلة في إيديه"، وبالتالي تحولت أبرز وسيلة للوقاية من الفيروس إلى سلعة بائرة وجب التخلص منها حتى لا تتسبب لصاحبها في خسارة مالية. وجهت انتقادات للأمن والسلطة لغياب الصرامة مع المستهترين بالتدابير الاحترازية مقارنة مع الشهور الأولى لظهور الوباء بالمغرب، إذ كان أي تهور يكلف صاحبه الاعتقال وعقوبات حبسية وغرامة، إذ صار مشهد مرور المواطنين دون كمامات دون رد فعل الأمنيين مألوفا، كما اختفت السدود الأمنية التي كانت تعد فخا للمخالفين. هذا التراخي وقتها، له ما يبرره حسب مصدر أمني، أولها أن إجراءات التخفيف التي تبنتها الحكومة بعد تحسن الحالة الوبائية بالمغرب، جعلت التغاضي شيئا ما عن السلوكات مقبولا إلى حد ما، إضافة إلى الإرهاق الشديد الذي عانته عناصر الأمن بمختلف تلاوينها ورجال وأعوان السلطة، الذين قدموا تضحيات كبيرة وتحملوا ضغوطات مهنية ونفسية كبيرة جدا، لكن، يؤكد المصدر مع الوضعية المقلقة للوباء، سيكون تشديد المراقبة وزجر المخالفين حماية للأمن الصحي للمغاربة. مصطفى لطفي

مقتطفات

مائوية معركة أنوال في كتاب

مقالات ذات صلة