الباحث في القضايا المغاربية دعا المسؤولين الجزائريين إلى التقاط حبل النجاة أكد عمر الطيبي، الباحث في القضايا المغاربية، أن الملك محمد السادس، مد يد الأخوة والمصالحة للمسؤولين الجزائريين، حينما دعا الرئيس الجزائري إلى حوار مباشر يقوم على مبدأ أن المغرب والجزائر توأم متكامل. وأوضح الباحث في مقال تحليلي، توصلت "الصباح" بنسخة منه، أن أبناء الشعب الجزائري، الذين بدؤوا يتعرفون على حقيقة المغرب وعلى شخصية محمد السادس، خلال السنوات الأخيرة، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، سيتلقون هذه المبادرة الملكية بترحاب وتقدير، على غرار تلقيهم دعوته السلطات المغربية لتسهيل عودة مغاربة العالم إلى بلادهم في إطار عملية مرحبا 2021، ولو أنها لم تكن تعنيهم مباشرة. وأكد أن المسؤولين الجزائريين سيتفاجؤون بمبادرة العاهل المغربي في بداية الأمر، وقد تربكهم بعض الشيء، أو حتى تشق صفوفهم إلى حين، ولكنهم في جميع الأحوال ملزمون بالتفاعل معها، وعدم تجاهلها، كما فعلوا مع دعوات سابقة اندرجت بدورها ضمن خيار المصالحة بين البلدين، بفعل ما انطوت عليه المبادرة الملكية المغربية، هذه المرة من قوة إقناع وسلامة منطق ووضوح في الهدف، خاصة أنها جاءت في ظرفية صعبة على البلدين معا. إن الأمر، يقول الطيبي، يتعلق في الحقيقة بحبل نجاة ألقاه العاهل المغربي للقيادة الجزائرية، نجاة الجزائر نفسها، ونجاة المغرب ونجاة البلدان المغاربية برمتها من المخاطر التي تتهددها بالتفكك وفقدان السيطرة على أمنها واستقرارها وتسليم زمام مستقبلها للمتربصين بها من كل الجهات. وأوضح الباحث والصحافي المتخصص في الشؤون المغاربية، أن نظرة بسيطة للأوضاع التي تمر منها البلدان المغاربية حاليا كفيلة بتوضيح حاجتها لمبادرة من هذا القبيل، إذ تتشابه كلها من حيث المعاناة من جائحة كورونا، ومن تراجع اقتصاداتها بشكل متسارع، وتفشي البطالة في صفوف أبنائها، ومن الهجرة السرية والاتجار في البشر، وترويج المخدرات القادمة من جنوب الصحراء، إضافة إلى التهديدات الإرهابية المتناسلة بمنطقة الساحل والصحراء. ويرى الطيبي أن الجزائر بفعل اتساع رقعتها الجغرافية وتوسطها البلدان المغاربية الأربعة الأخرى، فضلا عما يجمعها من حدود طويلة مع مالي والنيجر، أصبحت تحيط بها المخاطر والتهديدات من كل الجوانب، إذ تظل الحدود الآمنة الوحيدة بالنسبة إليها، ويا للمفارقة، هي حدودها مع المغرب. إن الأوضاع الصعبة التي يمر منها الشعب الجزائري، من حيث تفاقم الحالة الوبائية وضعف وسائل مجابهتها، والنقص المسجل في الحاجيات الأساسية للعيش، بل وانعدام بعض المواد الضرورية بالمرة في السوق، تبين أن الجزائر ستكون صاحبة المصلحة الكبرى في التجاوب مع المبادرة المغربية، ولربما أكثر حتى من المغرب نفسه، إذ سيتيح لها فتح الحدود بين البلدين، ضمان عمق إستراتيجي آمن من جهة، وإمكانية تنفيس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة على الشعب الجزائري، والانطلاق سويا نحو آفاق التنمية المشتركة المنشودة على أساس مبدأ "رابح-رابح". ب. ب الفرصة الأخيرة إن الأمر، يقول الباحث في الشؤون المغاربية، يتعلق في نهاية المطاف، باختبار مدى نضج القيادة الجزائرية، وتحليها بالذكاء الإستراتيجي، الذي تتطلبه الظرفية التي تمر منها المنطقة، وبالتالي التقاط الطرف الثاني لحبل النجاة الذي ألقى به العاهل المغربي إليها، وقيام البلدين بمهمة إنقاذ مستعجلة للمنطقة المغاربية كلها، وهي المهمة التي لا يمكن أن يضطلع بها سوى المغرب والجزائر متحدين، باعتبارهما البلدين الأكبر والأقدر على الاضطلاع بها. وخلص الطيبي إلى أن الأمر يتعلق بمبادرة تاريخية شجاعة وحكيمة، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وليكن واضحا للجميع، أنه إذا ما ضيع البلدان الفرصة التي تتيحها لهما هذه المبادرة لتحقيق المصالحة والسلام والتعاون، فلربما يصبح من الصعب، إن لم يكن من المستحيل على البلدين تحقيق ذلك في فرصة أخرى.