المدينة القرية

غض الطرف وتواطؤ السلطات حولا شوارع وأرصفة العاصمة الاقتصادية إلى سوق عشوائي كبير حينما انطلقت جرافات السلطة المحلية بالحي الحسني، قبل خمس سنوات، لإزالة عشوائيات نصبت على الطرق وجنبات الأرصفة والمدارس، صفقت فعاليات المجتمع المدني للمبادرة، واعتقدت أنها القطيعة وأن أحياء العمالة، ستعود إلى عهدها السابق، وتخلى شوارعها وأرصفتها، وتعبرها الحافلات وسيارات الأجرة بسلاسة، لكن بعد مرور الوقت، وبالعودة في الأسبوع الماضي، إلى الأماكن نفسها التي كانت مسرحا لحرب استعملت فيها الجرافات للهدم والشاحنات لنقل آثاره، وقفت «الصباح» على مشاهد أكثر قساوة لاحتلال الطرق والشوارع، ومعاناة لا تنتهي للمواطنين، من أجل التنقل من وسط المدينة إلى أحياء الحي الحسني، سيما عبر سيارات الأجرة، إذ تحولت المنطقة إلى كابوس مزعج للسائقين المهنيين، الذين يفضلون ركن سياراتهم في ساعات الذروة، على التوجه إلى المنطقة، بسبب امتلاء الشوارع بالباعة المتجولين والعربات، التي تنصب ليلا ونهارا، ما يضيع عليهم وقتا كبيرا في الرحلة، ويدخلهم في شنآن قد يتحول إلى اعتداء. قبالة الملحقة ومقر الباشوية والمقاطعة، في الجهة الأخرى، حيث مقر البريد أخفته الخيام والعربات لتغطي الحي وتمنع المرور، وعلى طول الشارع الذي يفصل الحي إلى جزأين، ازدحام كبير وباعة منتشرون في كل الأجزاء، وغبار يتطاير. السكان سئموا من هذه المشاهد، التي حولت الحي إلى نقطة سوداء، وتسببت في هجرة الكثيرين من المنطقة للبحث عن حي آخر أكثر هدوءا، فمصمموا المدينة المليونية، حين اختاروا أن تؤوي المنطقة حيا صناعيا، لم يواكبوا ذلك بهندسة وعمران في الجنبات لاحتواء الوافدين، بل شيدت أحياء ضيقة الأزقة، تفصل بين البنايات، لتمتد المعاناة حتى إلى الرصيف الرحب والشارع، بعد أن ازداد ضيقا بسبب الاحتلال العشوائي، من قبل العربات والباعة المتجولين. المنطقة التي تعد مدخلا من مداخل العاصمة الاقتصادية، تعم بها الفوضى، وتشير إلى أن المستقبل سيكون أكثر قتامة إن لم تتدخل السلطات. في المدخل الآخر، للتوجه إلى عاصمة المال والأعمال، عبر الطريق السيار، تشير اللافتة إلى ليساسفة، فتنعرج يمينا إلى حين الوصول إلى المدارة الأولى التي تخيرك بين ثلاث وجهات، في الضفة المؤدية إلى دار بوعزة، حيث الخروج إلى أحياء الألفة والرحمة وطريق أزمور، انتصبت شاحنات وعربات على الطريق الضيق، تعرض الفواكه و"الدلاح" والخضر، وتتوقف السيارات للتبضع فتحدث عرقلة، تتفرج عليها السلطات صباح مساء، رغم أن الطريق لا تسمح بتلك الأنشطة التي تهدد سلامة العابرين للمنطقة، وتسبب في العديد من الأحيان عرقلة وازدحاما وارتفاعا لصوت المنبهات. بالألفة قرب السوق البلدي، عادت الطرق إلى الاحتلال بأكثر من المستوى الذي كانت عليه من قبل، وبات السوق النموذجي اللصيق بسور المؤسسة التعليمية، خاليا من الحرف التي نصب من أجلها، بل تم ملء بعض دكاكينه بملابس بالية، في أفق أن يتحول إلى سوق عشوائي آخر لـ"البال"، يضاهي سوق دالاس، الذي عجزت السلطات عن إيجاد حل له، بل زادته تعقيدات عبر التواطؤ وغض الطرف. مظاهر ترييف الحواضر لا تتوقف عند هذه الأحياء، بل تمتد إلى كل أحياء تراب العمالة، فأغلب الأحياء الجديدة، التي احتضنت السكن الاقتصادي تحولت ساحاتها وشوارعها إلى أسواق بدوية، الفرق بينها وبين القرية، أن الأخيرة تفتح أسواقها مرة في الأسبوع، بينما بالبيضاء تنشط أسواق الترييف يوميا وليل نهار. المصطفى صفر

المدينة القرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حملة ضد المتسولين بالحسيمة

وجوه جديدة بمنتخب السلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات