״خاصنـا الفلـوس والعقـار״

بلقايد العمدة قال إن هناك مجهودات تبذل لتأهيل المدينة في ظل مشاكل بنيوية أكد العربي بلقايد، رئيس الجماعة الحضرية لمراكش، أن الخصاص جد كبير في مدينة سياحية تتطور باستمرار وتتطلب مزيدا من المشاريع المهيكلة وسلاسل من الخدمات لتلبية الحاجيات المتزايدة والمشروعة للسكان والسياح. وقال بلقايد إن الجماعة تبذل مجهودات كبيرة بتنسيق مع شركائها في رفع عدد من التحديات، مؤكدا استمرار بعض الصعوبات في العقار وقلة الموارد المالية وثقل بعض المساطر. أجرى الحوار: يوسف الساكت < أنتم رئيس الجماعة الحضرية لمراكش في ولاية انتدابية بدأت في نهاية 2015 وتنتهي في السنة الجارية، جئتم بعد تجربتين، الأولى قادها الاتحاد الدستوري والثانية الأصالة والمعاصرة. سؤال أول، كيف وجدتم الجماعة في هذا الوقت؟ < للتذكير فقط، نحن جئنا بعد مجالس جماعية كنا، باعتبارنا حزب العدالة والتنمية، أعضاء فيها من موقع المسؤولية في أوقات معينة، وواكبنا هذه التجارب منذ 2003 سواء في عهد السيد الجزولي، أو في عهد الأستاذة المنصوري، وبالتالي، نحن لسنا طارئين على هذه المدينة، بل نحن على اطلاع جيد على خفاياها ومشاكلها وقضاياها المختلفة. طبعا، في كل هذه التجارب، ظل الحزب الذي أمثله في موقع المعارضة، باستثناء سنة واحدة تحالفنا فيها مع الأصالة والمعاصرة في 2015 ووقعت أحداث، وتمت إقالتي من المكتب المسير. وأشير إلى أنه حتى من موقع المعارضة، لم نمارس معارضة ميكانيكية، بل معارضة بناءة عبرنا فيها عن موقفنا في بعض القرارات. نحن لسنا من الأشخاص الذين يبخسون أعمال الآخرين، بل أقول إن عددا من الأشياء المهمة تحققت في الولاية التي كانت تشرف عليها الرئيسة السابقة. وفي هذه الولاية ُوضع التصور العام لمشروع «مراكش الحاضرة المتجددة» الذي وصل إلى نهايته، ووقعت اتفاقياته أمام جلالة الملك. < مراكش تحتاح إلى أكثر من مخطط وبرنامج. في نظركم، ما هي أهم القضايا التي كانت ذات أولوية قصوى حين تسلمتم الجماعة في 2016 تقريبا؟ < اعتبرنا منذ البداية أن تأهيل قطاع الخدمات بكل فروعه أهم ملف يجب التصدي له، نظرا لخصوصية المدينة التي تعتبر قطبا سياحيا وتجاريا وخدماتيا بامتياز. وأقصد بالخدمات الأساسية في المقام الأول، النظافة وجمع النفايات بكل أنواعها والحفاظ على المدينة نظيفة في كل الأوقات، ثم الحفاظ على قطاع النقل العمومي والخاص في مستوى عال، إضافة إلى الطرق والمحاور والمدارات والأثاث الحضري والإنارة العمومية، وهي كلها خدمات تعطي قيمة مضافة كبيرة للمدينة. ومن أهم المحاور الكبرى التي اعتبرناها مهمة، تأهيل المدينة جماليا حتى تكون في مصاف المدن السياحية العالمية جاذبية، وهذا ما انكببنا عليه من خلال جيل جديد من الحدائق والمزارات والفضاءات الخضراء والمسابح والملاعب وتحسين إطار عيش السكان وزوار مراكش، القادمين سواء من المغرب، أو الخارج. < حتى مارس 2020، أنجزتم 98 مشروعا من أصل 297 مدرجة في برنامج العمل، بينما هناك مشاريع قيد الإنجاز ومشاريع أخرى لم تنطلق بعد؟ لماذا هذا التعثر؟ < هناك إكراهات في بعض المشاريع طبعا، خصوصا في برنامج «مراكش الحاضرة المتجددة»، الذي وقعت اتفاقياته في 2014 وانطلق في 2015، وتحملنا مسؤولية تنفيذ بعض هذه المشاريع بشراكة مجموعة من القطاعات الأخرى. وأذكر فقط أن هذا البرنامج الملكي تضمن 92 مشروعا بكلفة مالية وصلت إلى أكثر من 6 ملايير درهم، وكلها مشاريع مهيكلة ذات أهمية كبيرة، اصطدم بعضها بإشكالية الخصاص المهول في العقار. < لكن، كيف نخطط لبرنامج يضم مشاريع نوعية ومهيكلة، ونحن نعرف مسبقا أن المدينة تشكو مشاكل في العقار؟ < أتفق معك، لكن أعتقد أن المجلس السابق قدر الأمور بحسن نية، قبل أن نفاجأ فعلا بهذا المشكل خلال مرحلة التنفيذ، وطرحت علينا أسئلة، أين توجد هذه العقارات؟ ومن يملكها؟ وكيف يمكن الوصول إليها؟ وكيف السبيل إلى نزعها من مالكيها، أو شرائها؟ < وماذا عن الرصيد العقاري الجماعي؟ < يكاد أن يكون منعدما في مرحلة من المراحل، لكن أخيرا استطعنا أن نوفر عقارات في ملكية الجماعة، عن طريق مسطرتي المعاوضة والمبادلة مع إدارة أملاك الدولة، إذ وصل الرصيد الحالي من العقارات الجماعية إلى 100 هكتار. فمثلا، فندق المامونية، كنا نتوفر فيه، كجماعة حضرية، على حصة 25 في المائة. وعوض أن نحصل على قيمة أسهمنا، خلال عملية الخوصصة الأخيرة، فضلنا الحصول على عقارات من أملاك الدولة عن طريق المعاوضة لتسهيل إقامة مشاريع وبرامج معطلة، كما قمنا بتسوية عدد كبير من المرافق الجماعية المنشئة فوق عقارات الغير، مضافا إليها عقارات فارغة. < مراكش مدينة متطلبة جدا لعدة أسباب، في مقابل ميزانية جماعية متواضعة، نوعا ما، لا تتجاوز مليارا و150 مليون درهم في السنة. هل يشكل لكم ذلك عائقا موضوعيا إضافيا؟ < فعلا، لا يمكن الاشتغال دون مال، وهو ما كنا واعين به منذ البداية، ولم نكن راضين عن المداخيل الذاتية للجماعة، دون الحديث عن المداخيل المحولة من الداخلية التي تبقى في وضعية استقرار دائم. ورغم أننا نتحدث اليوم عن مليار و150 مليون درهم، فيجب أن نعرف أن المداخيل لم تكن تتجاوز في المراحل السابقة 52 مليار سنتيم، ووصلت إلى 72 مليار سنتيم في السنة الأولى حين كنت مسؤولا عن المداخيل في ولاية سابقة، قبل أن يصدر قرار إقالتي (يضحك). < هل يمكن أن نفهم أنه لهذا السبب تمت إقالتك، بعد أن وصلتَ إلى «الأعشاش» حيث كانت تخبأ أموال الجماعة؟ < ربما هذا هو «الجزاء ديالي» (يضحك). < هل هناك فعلا مجالات محصنة لا يصلها سيف الجبايات في المدينة؟ < لا أجزم، لكن هناك رسمان يجب الحرص على استخلاصهما، ويتعلق الأمر بالرسم الإقراري على الأراضي غير المبنية، وهو الرسم الذي وصلنا فيه إلى عدد رهيب من المداخيل، انتقل من 5 ملايير سنتيم إلى 12 مليارا الآن، وهناك إمكانيات لرفعه في المستقبل. أما الرسم الثاني، فيتعلق برسم الاحتلال القانوني للأملاك الجماعية، الذي بذلنا فيه مجهودا كبيرا، نظرا إلى شساعة المدينة، ووجوب توفر عدد كبير من الموظفين الصادقين والمخلصين الذين يتكلفون بمهام الاستخلاص، ونحن نعرف المشاكل التي يمكن أن تقع في هذا الصدد. مداخيل ضائعة < لا يمكن لمدينة سياحية بها عدد من الفنادق المصنفة والفضاءات الكبرى أن تعتمد فقط على رسمين محدودين مهما كانت أهميتهما؟ < سؤال مهم، لأن مدينة مثل مراكش ينبغي أن تتطور على هذا المستوى، وتصبح السياحة منعشا أساسيا للمداخيل الذاتية. ودعني أقول إن ما كل ما أستخلص سابقا ويستخلص اليوم غير كاف، لوجود عدد من الصعوبات والإكراهات. فمثلا، الجماعة لا تعرف، بشكل رسمي، عدد السياح الذين يبيتون في المؤسسات السياحية، حتى يمكن أن نستخلص رسم 10 دراهم على كل سائح. والحقيقة أن المشكل ليس وليد اليوم، بل منذ 2003 ونحن نطالب بالتوصل بعدد ليالي المبيت حتى نقدر حجم المداخيل، لكن لا أحد يريد مساعدتنا على ذلك، بمن فيهم مندوبية السياحة، كأن الأمر يتعلق بسر مهني. ورغم طرح الموضوع في أكثر من مستوى وإطار، لا يوجود فيه أي حل لحد الآن. < كيف زادت أزمة كوفيد 19 «الخل على الخمير» بالنسبة إلى مداخيل الجماعة؟ < فعلا هناك تأثير كبير جدا، إذ انخفضت المداخيل في 2020 مثلا، توقعنا بالنسبة إلى المداخيل حوالي مليار و100 مليون درهم، وهي التوقعات نفسها للسنوات الماضية بين 2016 و2019، لكن المداخيل الحقيقية في السنة الماضية، لم تتجاوز 85 مليار سنتتيم، أي بنقص وصل إلى 25 في المائة، وضعنا في حالة عجز مالي، نظرا للحجم الكبير من المصاريف، خصوصا المصاريف الإجبارية، في النظافة والموظفين وخدمة الديون. طردت "الصابو" < تجربة شركات التنمية المحلية متواضعة في مراكش، لماذا؟ < إضافة إلى «شركة حاضرة الأنوار» التي تحدثت عنها سابقا، كانت تجربة لم تنجح للأسف، تتعلق بتدبير حظيرة مواقف السيارات، بشراكة مع صندوق الإيداع والتدبير، لكن تراكم مئات أحكام الدعاوى القضائية ضد الجماعة بخصوص عقل السيارات، أو «الصابو»، سرع بإنهاء هذه الشراكة، وربما كان أول وأخطر إجراء اتخذته منذ تسلمي مهام الجماعة في 2016 هو فسخ هذا العقد. الشركة المحلية الثانية تتعلق بتدبير حافلات عالية الجودة بمسار موحد أصبحت تشتغل الآن بالكهرباء، وبالطاقة الشمسية أساسا، حفاظا على بيئة نظيفة في المدينة، وانسجاما مع توصيات كوب 22. < مراكش أيضا، هي الطرق ومنظومة النقل والتنقلات. أين وصل مشروع النقل الحضري؟ < هذا المشروع مهيكل وأساسي وضروري بالنسبة إلى مراكش التي توسعت بشكل كبير وأضحت مدينة مليونية، ويكفي أن أذكر أن 2019 كان حوالي ثلاثة ملايين زائر يجوبون أطراف المدينة، وكثير منهم عبر وسائل النقل الخاصة، أو العمومية، أما في نهاية كل أسبوع، فمراكش «كتبي ترتق» «قالها باللكنة المراكشية»، (أي تقترب من الانفجار)، بسبب كثرة الزوار والسياح الداخليين. نحن نفكر في الموضوع بجدية، ومعنا كثير من الشركاء. وانطلق المشروع بخطين أولين للحافلات كهربائية عالية الجودة، وبدأت مع كوب 22، على أن يتطور هذان الخطان مع الخطوط الأخرى لشركة النقل بالحافلات العادية بعد الاتفاق على ذلك في دفتر التحملات الجديد للمرحلة المقبلة، وانتهاء فترات التمديد الممنوحة إلى الشركة الحالية. وأشير إلى أن الجماعة بتشاور مع وزارة الداخلية، وصلت إلى صيغة لإشراك الجماعات المحيطة بمراكش التي تصلها خطوط الحافلات الحالية، ومنها شيشاوة وابن جرير. وتبدو فكرة مجموعة الجماعات للنقل ذات أهمية، لكن ذلك قد يتطلب وقتا كبيرا من أجل تنزيلها، علما أن للجماعة تجربة ممثالة في تدبير المطرح العمومي الجديد. في انتظار "الطرام" < ألا تحتاج مراكش إلى وسائل نقل أخرى أكثر جاذبية؟ < إذا كنت تقصد تجربتي البيضاء والرباط في ما يتعلق بالطرامواي، أعتقد أن هناك اختلاف في التصور بين هاتين المدينتين وبين مراكش، لوجود اختلاف في عدد السكان، وأيضا بالنسبة إلى الكلفة الباهظة لهذا النوع من وسائل النقل، مع الإشارة إلى أن فكرة «الطرام» كانت حاضرة قبل مشروع الحافلات الكهربائية عالية الجودة بخطوطها الأربعة، قبل أن يعاد النظر فيها للأسباب السابقة. على كل حال، فقد استطعنا أن نضع بنية تحتية ممتازة لاستقبال الطرامواي، إذا ما توفرت الشروط الموضوعية، ماليا وديمغرافيا، لهذا المشروع. < مراكش الجميلة تخفي وراءها بشاعة دور القصدير ومآسي الدور الآيلة للسقوط. كيف تفكرون في معالجة هذين الإشكاليتين؟ < طبعا إشكال دور الصفيح مازال مطروحا، وهو على كل حال مدرج ضمن برامج حكومية عرفت بعض التعثر في مراكش، لارتباطها بإشكالية أخرى موضوعية، وأعني الخصاص الكبير في العقار الذي سيوظف لنقل هؤلاء السكان. مراكش مازالت تحضن اليوم عددا كبيرا من هذه الدواوير، وهي ليست مسؤولية الجماعة فقط، بل الحكومة أيضا، ونحن نطرح الموضوع مركزيا وندافع عنه والبحث عن صيغ أخرى مثلا خارج برنامج «مدن دون صفيح»، في مقابل عدد من الخدمات التي نقدمها إلى السكان لتحسين مستوى عيشهم، في انتظار معالجة شاملة. تخفيف استثنائي < كيف تساهمون في مشروع مراكش ما بعد كوفيد19؟ < هناك عمل نقوم به محليا، بشراكة وتشاور وعمل مستمر مع جميع الشركاء والمهنيين والقطاعات المعنية لإيجاد صيغ لتجاوز الأزمة ومرحلة الكساد الكبير الذي عرفته المدينة خلال سنة ونصف السنة. وهناك عمل مواز نقوم به في إطار مشاورتنا مع الحكومة، إذ كان هناك مطلب أساسي وملح بضرورة إيجاد تدابير جديدة للتخفيف ومساعدة القطاعات المتضررة على الانطلاق. فمثلا، لا يمكن القبول مثلا أن نضع مراكش في المستوى نفسه لمدن أخرى، من حيث توقيت توقيف الأنشطة ليلا ومنع حركة التجول، نظرا لخصوصيات المدينة. وقد التقيت برئيس الحكومة وطرحت الموضوع بإلحاح، ووعدني خيرا. أنا مظلوم < نختم معكم بالملف القضائي الذي تتابعون به بخصوص ما أضحى يسمى بالصفقات التفاوضية لكوب 22. أين وصل؟ < «عاد بدا» (يضحك). < إن الأمر يتعلق بشكاية كيدية مدبرة بعناية، وهو ملف فارغ جدا، ويتعلق بمرحلة احتضان المغرب لتظاهرة عالمية، وكان الجميع معبأ لإنجاح هذا الحدث، كما كنا في بداية تسلمنا لمهام الجماعة. بطبيعة الحال، كانت الجماعة في خضم اجتماعات متواصلة للإعداد، وطلب منا إنجاز عدد من المشاريع الأساسية في ظرف وجيز، وتم الاتفاق على صفقات تفاوضية منصوص عليها في القانون. وربما لهذه الكلمة (التفاوضية) بعض السحر على المتلقي، وتم استغلالها لنشر الأوهام، ورسم صورة لنا بأننا مجموعة لصوص، رغم أننا لا نمد يدنا لا للصفقات التفاوضية ولا لغير التفاوضية. ويمكن أن تتصل بجميع المقاولين والشركات التي تعاملت معها الجماعة، لتتأكد من هذا الكلام الذي لا نطلقه على العواهن. وأعتقد أن الهدف «الأسمى» من كل هذه الضجة المفتعلة في بعض وسائل الإعلام، هو إيصال رسالة إلى الرأي العام الوطني، بأن جميع الأحزاب ملة واحدة، أو «ولاد عبد الواحد كلهم واحد».

״خاصنـا الفلـوس والعقـار״

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المخارق والزاير في صدارة الانتخابات المهنية

"زبالة" في أرقى حي بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات