fbpx
مقالات الرأي

زيان: الشيخة.. و إشكالية التدوير و التنوير

ماذا سيحدث لو واصلت الشيخة مسابقتها الدينية و زادت عليها قليلا أو طورتها بتقديم محاور أقرب لدروس الشيوخ و من يُسمَّون بـ ‘‘رجال الدين’’ ماذا يتغير لو نافست معتمدة طاقما متمكنا من خريجي جامعات.. مُعِدين لبرامجها؟.
لن يحدث شيء.. بعد الحلقات الأولى انشغال بالمضامين، بتوالي المواضيع تصبح عادية، في نهاية المطاف ستقول كما يقول شيوخ و بعض الفقهاء و الفقيهات أو اعتمادا على دروس كوبي-كولي. التاريخ لا يذكر الشيخة إلا مثقفة واعية مجددة مؤثرة.. ماذا سيتغير لو تُقدم شيخة الأمس، اليوم دروسا دينية لطاقم إعداد متمكن؟
في اعتقادي أفقيا لن تتغير أشياء كثيرة، لأن القنوات و الصفحات بالمئات تُدوِّر نفس المحتوى مع تغيير الواجهة و في ذلك يتنافس المتنافسون و لعلهم يقلدون ينقلون يلقمون يجترون يتواترون.. أما عموديا فأخطاء المتخصص و غير المتخصص تصب لصالح الفكر التنويري الجاد المبتكِر الصعب التقليد المدعوم بالثورة المعلوماتية، مجددون مرجعهم تدبر كلام الله الداعي لاستخدام العقل و آيات؛ لعلهم يعقلون. لعلهم يتفكرون. لعلهم يفقهون. أفلا يتدبرون القرآن؟ و الكتاب تبيانا لكل شيء..
كل شيء يُعرض للعالم المعولم قابل للاستهلاك زمن التخلف الاقتصادي الشذوذ السياسي البؤس الاجتماعي و سطوة الرأسمال و حرية السوق و قوة العقل..
لعل تحنيط التاريخ و تدوير فتاوى عمرت قرونا لا يُضيف شيئا، الأصعب بمكان هو ضبط ما يسميه العقلانيون الجدد بـ ‘‘المصطلح القرآني’’ فتدبر كتاب الله يحتاج لعقول يعطلها بعض الشيوخ، الأكثر تداولا يعتمد منهجا معينا يفتي بقال فلان للتأثير في السامع، لكن هذا الصنف أصبح يحتاط من متصيدي الأخطاء، لأن كبسة زر تمكن من المراجع و المصادر للتصديق أو تكذيب الشيخ صاحب التخصص..
لعل معضلة العقل القياسي في تقـيُّدِه بنصوص أصلية معتمدا النقل.. أما العقل فمُقوْلبٌ بقواعد ترفض جديد الأفكار و الابتكار.. فكيف لكتاب صالح لكل زمان و مكان أن نعطله و نقدم اجتهادات القرن7 لحل مشاكل القرن21؟ كيف لعلماء من الماضي اجتهدوا لحل مشاكلهم أن نعتمدهم و بيننا و بينهم 14قرنا كأن الزمن متوقف؟ هذا هو الباب الذي خرج منه العقلانيون الجدد صاروا يقدمون البديل عبر اليوتوب و القنوات الرسمية و الدولية، أتباعهم يؤكدون أن البضاعة النادرة تحتاج لعقول وازنة مستنيرة لمتمكنين متدبرين يتكلمون بقال الله و مركزية كتاب الله في هذا الزمن المتسارع و النفق المظلم، ليس بمفهوم هدم التراث و لكن بهدم فكر تقديس البشر.. من هذا المنطلق صار الفكر التنويري من صميم الحوار الاجتماعي و أصبح له أعلام، رجال و نساء، من مختلف البلدان العربية..
هكذا صار العالم بتعدد ألوانه من حجم قرية مجهرية؛ سلطة مشاهير على ضعفهم المعرفي، جامعات تُكوِّن و تتخلى، تراجع القراءة و الكتب و التأليف، القنوات تحتاط من التنوع و الاختلاف الفكري.. بالمقابل لا سلطة على مستهلك، المتتبع حر و مواقع التواصل الاجتماعية اختصرت المسافات زمن التدفق المعلوماتي، لم يعد الدين حكرا على ‘‘رجل دين أو أهل تخصص’’ لم يعد منع الكتب يجدي فالممنوع صار متاحا و التصحيح للشيوخ أو تكذيبهم بقوة العلم صار ممكنا، العقول التنويرية تُعري تجيب عن حيرة السائلين تحفر في الصخر تدفع بالعودة لمركزية كتاب الله..

المصطفى زيان: ناقد


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى