استئنافية الرباط … تميز رغم الجائحة

التحصيل فاق المتوقع رغم الظروف الوبائية وتصريف أكبر عدد من القضايا الرائجة شكلت 2020 استثناء في كل المجالات، بسبب ما شهدته من تفشي وباء كورونا، الذي ألزم على المؤسسات والمواطنين حجرا صحيا امتد لأشهر متبوعا بحالة طوارئ مازالت مستمرة إلى اليوم. وكان للعدالة والمحاكم النصيب الأكبر في ذلك الاستثناء لما فرض من تباعد ووقف العمل إلا في شعب الاستعجالي والمعتقلين، كل ذلك كان له تأثير واضح على المردودية، غير أن استئنافية الرباط شكلت الاستثناء كالعادة واستطاعت رغم كل تلك المعيقات أن تصل إلى نسبة عالية في تصفية الملفات وفي التحصيل، لتسجل أكبر رقم على مستوى جميع الاستئنافيات. إعداد: كريمة مصلي تصفية القضايا... الهاجس شكل البت في القضايا، هاجس عبد العزيز الوقيدي، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، خاصة في ظروف الجائحة التي فرضت قيودا في تدبير القضايا داخل المحاكم، الشيء الذي دفع الرئيس الأول إلى استحضار أهمية البت داخل الأجل القانوني، حفاظا على حقوق المتقاضين، وضمانا للمحاكمة العادلة. شكلت نسبة تصفية القضايا في استئنافية الرباط في المادة الزجرية 86.75 بالمائة، وفي المادة المدنية 88.75 بالمائة، وإجمالي التصفية بينهما بلغ نسبة 87 في المائة، وهو ما يعكس المجهودات التي بذلت من قبل الجهاز القضائي وأطر كتابة الضبط للرفع من أداء المحكمة رغم الصعوبات التي حالت دون تحقيق النسب الأعلى والمتمثلة في جائحة كوفيد 19 التي جعلت الحكومة ومن أجل الحد من آثارها وخطورتها، تسن حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي ابتداء من مارس 2020 وصدور مذكرة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ترمي إلى توقيف الجلسات المدنية والزجرية في وضعية سراح مؤقت، وتوقيف سريان آجال الطعون، وهو ما انعكس على عملية التبليغ وإنجاز الخبرات ومن ثم تصفية الملفات. الإرهاب... ضمان المحاكمة العادلة محكمة الاستئناف بالرباط التي هي أول محكمـة استئنـاف بالمغـرب والتي تجاوزت 100 سنة، على إنشائها، منحها المشرع خصوصيـة تنفـرد بها عن باقي محاكـم المملكة، في البت في القضايا الإرهابية، وهي القضايا التي تتطلب متابعة وحركية من المسؤول القضائي، بغاية تبوؤ نشاطها القضائي المكانة اللائقـة بها دوليا في محاربتهـا للظاهـرة الإرهابيـة والتطرف الديني، من خلال اختصاصها القضائي الذي يساير الإستراتيجيـة الوطنية الأمنية في محاربة والوقاية من الجريمة الإرهابية. وخلال 2020 عرض على غرفة التحقيق الأولى المتخصصة في قضايا الجريمة الإرهابية ما مجموعه 117 ملفا، صفي منها 143 أي بنسبة بلغت 122.22 في المائة وهو ما يبرز بوضوح المجهودات الجبارة التي يقوم بها قاضي التحقيق والموظفون العاملون معه في البت وتصفية الملفات المعروضة عليه، في أجل معقول، كما عرف نشاط غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية لجرائم الإرهاب، المنحى القضائي نفسه، إذ سجل على المستوى الابتدائية ما مجموعه 147 ملفا، حكم منها 120 ملفا، أي بنسبة تصفية بلغت 81.63 في المائة، في حين سجلت غرفة الجنايات الاستئنافية ما مجموعه 175 ملف جريمة إرهابية، حكم منها 170 ملفا، أي بنسبة تصفية بلغت 97.14 في المائة، وبذلك دأبت محكمة الاستئناف في معالجة الجرائم المالية الإرهابية وفي جميع القضايا الزجرية، على تقيدها بنصوص القانون من خلال حرصها على احترام حقوق الدفاع وضمان المحاكمة العادلة والبت في الآجال المعقولة. قضايا المال العام... التصفية فاقت المسجل بالنظر إلى اعتبار محكمة الاستئناف محكمة ذات اختصاص نوعي ووطني في بعض القضايا الزجرية منها قضايا جرائم الفساد المالي والإرهاب، فإن نشاطها القضائي يعبر بوضوح عن انخراطها في تخليق الحياة العامة ومسايرتها للاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، إذ سجلت بها في جرائم الأموال خلال 2020 على مستوى غرفتي التحقيق المتخصصتين في القضايا المالية، ما مجموعه 29 ملف فساد مالي، صفي منها 43 ملفا أي بنسبة تصفية بلغت 148.28 في المائة، وهو ما يبين المجهودات المبذولة من قبل الغرفتين في البت وتصفية القضايا المالية المعروضة عليها، رغم الصعوبات التي ترتبط بهاته القضايا إما لتعقيداتها المحاسباتية، أو تنوع التقارير التفتيشية المنجزة على ضوئها من قبل الأجهزة الرقابية المختصة، أو لصعوبة تنفيذ الإجراءات القضائية، أو للخصاص المسجل في الموارد البشرية. أما بالنسبة إلى غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية أموال، فقد عملتا على تصفية ما مجموعه 23 ملف جريمة مالية على مستوى الجنايات الابتدائية، بنسبة بلغت 51.11 في المائة من المسجل، وما مجموعه 45 ملف فساد مالي، في حين تمت تصفية 26 ملف جريمة مالية بغرفة الجنايات الاستئنافية لجرائم الأموال، بنسبة بلغت 59.09 في المائة، بعدما سجل بها 44 ملف جريمة مالية وهو ما يبين بالملموس، رغم الجائحة، الانخراط الفعلي في تصفية ملفات الفساد المالي المحالة عليها من الجهات المختصة. التحصيل... الريادة أثر سن قانون حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي بشكل كبير على مردودية المحاكم خلال هذه الفترة، لأن الهدف الأسمى المتوخى من ذلك هو الحفاظ على الأمن الصحي داخل فضاءات العمل بالأساس، ومن ثم، فإن وحدة التبليغ والتحصيل العاملة بمحكمة الاستئناف بالرباط التي هي جزء من فضاء المحكمة، عرفت بدورها تأثرا في تصريف الأشغال خصوصا على مستوى تبليغ الإشعارات والإنذارات للمنفذ عليهم، بسبب الحجر الصحي، وتوقف سريان الآجال القانونية وفق ما تضمنته مقتضيات المادة السادسة من مرسوم سن حالة الطوارئ الصحية سالفة الذكر، إضافة إلى إلزامية تقيد العاملين بالمحكمة بالتدابير الاحترازية للوقاية من انتشار جائحة كورونا المستجد. وبالتالي فإن نشاط وحدة التبليغ والتحصيل خلال 2020، لا يمكن أن يقيم أداؤها كاملا مقارنة مع الفترات العادية قبل جائحة كورونا، ومع ذلك فإن النشاط المالي والمحاسباتي للمحكمة، رغم ظروف العمل الصحية الصعبة، حقق نتائج جد ملموسة على مستوى تحصيل الغرامات والإدانات النقدية والصوائر والرسوم التكميلية، إذ سجلت مداخيل الحسابات العمومية ما مجموعه 6186052.50 درهما، شكلت الغرامات منها نسبة 52.12 في المائة، والصوائر القضائية 16.50 في المائة، والرسوم التكميلية 15.06 بالمائة، إضافة إلى الرسوم القضائية الأصلية بـ 16.32 في المائة. الولوج... المراقبة الصارمة قامت محكمة الاستئناف بالرباط، في 21 ماي الماضي بعد الرفع النسبي لحالة لطوارئ، باتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تضمن مواكبة المرفق القضائي لعمله بوتيرة طبيعية وتقديم الخدمات للمتقاضين والمرتفقين، من خلال تزويد المحكمة بالوسائل اللوجسيتيكية والتقنية اللازمة لإنجاح المحاكمة عن بعد، وتعزيز مراقبة ولوج المتقاضين والمرتفقين لفضاءات المحكمة وتثبيت الكاميرات الرقمية الحرارية المخصصة لقياس درجة الحرارة، إضافة إلى تعليق ملصقات ولوحات إعلانية بفضاءات المحكمة، تتضمن التدابير الاحترازية والوقائية التي يتعين التقيد بها، بالإضافة إلى تدعيم المحكمة بمكتب الواجهة لاستقبال المحامين والمرتفقين، إلى جانب احترام شروط التباعد الاجتماعي بالأماكن المخصصة للانتظار والاستقبال. الوقيدي... المتقاضي أولا يرفع عبد العزيز الوقيدي، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، شعار «القضاء في خدمة المواطن»، في مجال تدبيـر الإدارة القضائية والإلكترونيـة، إذ عمل على وضع برامج تستهـدف تبسيـط الإجراءات وحسن الاستقبال وتصريـف المساطـر وفـق القواعـد التنظيميـة الجاري بها العمل، بغيـة الرقـي بالإدارة القضائيـة لهـذه المحكمة نحو الأفضل، وجعلها قريبة من المتقاضي والمواطـن الوافـد عليهـا رغم الجائحة التي ضاعفت من العمل.

استئنافية الرباط … تميز رغم الجائحة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

الوداد يريح لاعبيه أمام كايزر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات